مؤخرًا تكرر مشهد احتقان الولايات بصراعات بين أجهزتها التنفيذية والتشريعية، الأمر الذي يسهم في توجيه جزء مقدر من طاقة الجهاز التنفيذي للملمة بدلًا عن المضي قدمًا في برامج التنمية وإكمال خطوات برنامج إصلاح الدولة، ليجد المركز نفسه محاصرًا باستغاثات ولاته لوضع حد لتغولات المجالس، وهو ما حدث في ولاية البحر الأحمر التي امتدت أزمتها لأشهر فقد تفاقمت حدة الخلافات بين والي ولاية البحر الأحمر والمجلس التشريعي بالولاية على خلفية إقالة رئيس المجلس أحمد همت ورؤساء اللجان، وأعلن همت وقتها عن رفضه للقرار وتمسكه برئاسة المجلس. وعقد جلسة طارئة لرفع توصية لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير للمطالبة بإقالة الوالي. ووصف وقتها همت قرار إقالته من رئاسة المجلس بغير الدستوري والقانوني، متهمًا الوالي بالفشل وتبديد 19 مليار جنيه، أما والي الولاية علي أحمد حامد ووفق وسائل إعلامية أشار إلى أنهُ لم يقم بحل المجلس وإنما قام بتغييرات من أجل أداء أفضل للمجلس. لا ضغوط: رئيس المجلس التشريعي السابق أحمد محمد أكد عدم تعرضه لأيّ ضغوط لتقديم الاستقالة، مشيرًا في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنها قرارات مؤسسات الحزب، لافتًا إلى أن الأزمة التي كانت موجودة أتت بعد قرار المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر بتغيير رئيس المجلس التشريعي ورؤساء اللجان بأعضاء آخرين لشغل المناصب في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي فجر صراعًا كبيرًا واستقطابًا داخل عضوية الحزب بالولاية، موضحًا أن المركز تدخل وحسم الأمر بهذه الكيفية، وأضاف: كما تم تكليفي سابقًًا كانت رؤيتهم الآن أن أتخلى عن الموقع، نافيًا في ذات الوقت أن تكون هناك حالة من الاحتقان وأنهُ محض إشكال تم حسمه وما من خيار سوى الاستسلام للقرارات. آخر العلاج تقديم أحد أطراف الأزمة لاستقالته يشير بحسب مراقبين إلى ضعف المؤسسات الحزبية ويفرض بطبيعة الحال سؤالًا عن البديل لهذا الخيار، إلا أن أحمد محمد أكد أنهُ لا خيار سوى تقديم أحد الأطراف لاستقالته وضرورة تدخل المركز وإلا ستطول الأزمات وأنهٌ لا توجد مشكلة ممارسة دور داخل المجلس بل خلاف سياسي، لافتًا في ذات الوقت إلى أن طريقة الحسم تدل على أن المؤسسات فاعلة وتقوم بواجبها. بالمقابل أشار القيادي بالمؤتمر الوطني د.ربيع عبد العاطي إلى ضعف الهياكل التي تعتمد عليها السلطات التنفيذية والتشريعية من حيثُ قيام الهياكل وتماسكها لافتًا في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن حلول المركز ليست بالجذرية وليست سوى مسكن للأزمة وأنها مؤشر لضعف المؤسسات الحزبية داعيًا إلى معرفة الأسباب الحقيقية . من جانبه اعتبر المحلل السياسي الحاج حمد أن ما يحدث هو تعبير عن أزمة سياسية وأزمة في اتخاذ القرار ناتجة عن ترهل الدولة وضعف رقابتها ومتابعتها داعيًا في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى ضرورة الفصل بين السلطات حتى لا يقع تضارب المصالح معتبرًا في ذات الوقت أن كلا الأزمتين إن دلتا على شيء فإنما تدلان على أن أيّ خلاف مع الوالي سينتصر فيه الوالي دون اعتبار للتراتيبية السياسية وفصل السلطات. إقالة والٍ حالةٌ أخرى من تدخل المركز في الولايات لكنها هذه المرة لم تكن بين المجلس تشريعي ولاية ووالٍ ففي العام 2012م فجر والي القضارف السابق كرم الله عباس أزمة قوية مع حكومة المركز ولوح بالتمرد على حكومة الرئيس البشير منتقدًا وزير المالية وقتها علي محمود واتهمه بحرمان ولاية القضارف من حقها في الحصول على الدعم المفترض للولايات. فقام الوالي بعدها بحل حكومة ولايته، مما حدا بالقيادة السياسية بالمؤتمر الوطني في المركز إلى أن تقوم باستدعائه وعقب مقابلته النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق علي عثمان قام بتقديم استقالته إلى الرئيس ليصدر الرئيس مرسومًا جمهوريًا بتكليف الضو محمد الماحي بمهام الوالي لحين إجراء الانتخابات لمنصب الوالي. أيضًا كان لوالي النيل الأبيض عبد الحميد موسى كاشا صولات وجولات في تقديم الاستقالات رفضًا للكثير من السياسات التي تتعارض مع ما يراه وذلك حينما كان واليًا في كل من جنوب دارفور وشرق دارفور.