مجموعة من الشباب السودانيين الطامحين قرروا الهجرة إلى أوروبا عن طريق ليبيا ورغم المخاطر التي تحفها الرحلة والمصير المجهول الذي لقيه عدد من الشباب الذين سبقوهم إلا أن عنادهم كان أقوى وقرروا الهجرة إلى ليبيا .. (م) ومجموعة من الشباب السودانين قرروا السفر إلى ليبيا واتفق معهم سماسرة بأحد أسواق الخرطوم وتم استخراج جوازاتهم وفي الموعد المحدد تم نقلهم إلى منطقة (البوحات) وهى عبارة عن محطة لعصابات تهريب البشر، ومن ثم أنزلوا من العربة وامتطوا عربة أخرى انطلقت في الظلام تشق صمت الليل البهيم وسارت لساعات طوال لم يتناول خلالها أولئك الشباب سوى جرعات مياه لا تتجاوز الفنجان بالإضافة إلى قطع البسكويت . وصلت العربة للحدود وهنالك تم إنزالهم من السيارة تحت تهديد السلاح وأشار أفراد العصابة لطريق ما وأمروهم بالسير فيه وعادت السيارة أدراجها وبدأ الشباب في السير في الرمال ولم تمض ساعة حتى حاصرتهم سيارات دفع رباعي كان على متنها عصابات البشر الليبية حملتهم على متن العربات تحت تهديد السلاح إلى أن وصلوا إلى منطقة خلوية داخل الأراضي الليبية وهنالك تم إنزالهم وانهالوا عليهم ضرباً بالسياط وتم إدخالهم في براميل معبأة بالمياه الساخنة وإخراجهم وإعادة ضربهم بالسياط، وبعدها تم إدخالهم إلى حظيرة، ومن ثم بدأ أفراد العصابة الليبية بالاتصال بأسر بعض الضحايا وابتزازهم ومساومتهم، وكانت أسرة (م) بالخرطوم واحدة من الأسر التي اتصل بها الخاطفون وطالبوهم بدفع فدية مالية وبعد مساومات وافقت العصابة بأخذ مبلغ (55) ألف جنيه سوداني وطالبتهم بإرسال المبلغ عبر مكتب محدد بسوق ليبيا ليصلهم وبعدها يطلق سراح ابنهم . مزاد علني هنالك اتضح أن عدداً من الشباب السودانيين والصوماليين سقطوا في أيدي تلك العصابات وعجزت أسرهم عن دفع مبالغ الفدية وهنا شرعت العصابة في التخلص منهم فأقامت مزاداً علنياً دعت اليه بعض أعيان القرى الليبية وأصحاب المزارع وقامت بإيقاف الضحايا صفوفاً وأقامت عليهم مزاداً علنياً وبدأت في بيعهم رقيقاً ويبدأ المزاد من (300) دينار ويصل إلى نحو (1200) دينار للرأس الواحد، ويتم الشراء بالمزايدة فيه حسب بنيته الجسمانية فصاحب الجسم الرياضي والقوي والجسد الممتلئ هو الأعلى سعراً بحجة أنه سيكون قادراً على تحمل العمل الشاق وحمل الأثقال ويمكن استغلاله كبديل للدواب أما الهزيلون فيتم شراؤهم بأثمان بخسة ويستفاد منهم إما في العمل في المزارع (سخرة) بلا أجر ولا عائد لعدة سنوات أو يتم بيعهم لبعض المستشفيات في حال تطابقت أنسجتهم مع بعض المرضي لبيعهم (اسبيرات بشرية ) وهكذا هو مصير الشباب الحالمين بالوصول لأوروبا. الشاب (أ) تم تصويره أثناء تهديده بالسلاح الناري ووضع السلاح على رأسه وارسلت الصورة لأسرته بالخرطوم وأجبرت على إرسال مبلغ الفدية وهددت العصابة الأسرة من أي محاولة لإبلاغ الشرطة أو السلطات الأمنية السودانية وأكدت أنها ستقوم بتصفيته في حال لجأت الأسرة للشرطة وهنا أصيبت الأسرة بحالة من الذعر وقامت ببيع ممتلكاتها لتخليص ابنها من قبضة عصابة البشر وظلت تعمل بصمت دون أن تخبر الشرطة إلى أن توافرت المعلومات لدى دائرة الجريمة المنظمة وقامت بمتابعتها وعن طريق التقنية الحديثة وكمين محكم نصبته الإدارة تم القبض على متهمين بينهم سمسار وآخرون يقومون باستلام الأموال وتحويلها إلى ليبيا . ابتزاز وإرهاب يقول مدير دائرة الجريمة المنظمة والعابرة العميد شرطة ياسر عبد الرحمن محمد أحمد أن السودان يصل اليه مهاجرون غير شرعيين من كل دول إفريقيا، معرفاً التهريب بأنه هو انتقال مواطن دولة لدولة أخرى بدون المنافذ الرسمية حيث يتم التعامل معه وفقاً لقانون الجوازات وعلى سبيل المثال فإن المهاجر الصومالي يتفق مع عصابات البشر في بلده مقابل (7-8) آلاف دولار تتسلمها العصابة وتبدأ في تهريب الضحايا عبر الحدود وتعبر إثيوبيا بأكملها وتصل السودان عبر ولايتي القضارف والنيل الأزرق، مشيراً إلى أن تداخل القبائل الحدودية يشكل بيئة خصبة لتلك العصابات فضلاً عن أن النزاعات والحروبات بدول الجوار تسهل نشاط تلك العصابات. وأضاف أن الحدود تمثل معبراً لعصابات البشر والمخدرات والسلاح وتهرب عبرها الآثار حتى الحياة البرية تجد طريقها عبر الحدود إلى الدول الأخرى، موضحاً أن هنالك عصابات عالمية تتوزع أذرعها بدول المنشأ وأخرى تنتشر بدول المعبر وأطراف أخرى تنتشر في طريق العبور إلى أوروبا . وأوضح العميد ياسر أن الإتجار بالبشر يتم في سياق الهجرة المختلطة حيث يتم تخزين المهاجرين بمواقع مختلفة وأحياناً يجبرون على العمل إلى حين إعادة تهريبهم لدولة أخرى في طريقهم لأوروبا، وفى السودان نجدهم يمارسون مهناً هامشية كقيادة الركشات وأحيانا يرتكبون جرائم سرقات وجرائم أخرى ونجد أن مزاولتهم لتلك الأنشطة تعتبر من الخطورة بمكان لما لها من تأثيرات أمنية واقتصادية وصحية وتؤثر على اأمن الدولة واستقرارها، وأحياناً يجبر ضحايا التهريب على مزاولة أعمال ومهن بطريقة قسرية وهو ما يدخل في دائرة الإتجار بالبشر وكثيراً ما يقع الضحايا في ايدي تلك العصابات التي تطالب أسرهم بدفع فديات مالية نظير إطلاق سراحهم وقد يكونون عرضة للخطف وتتعرض الفتيات منهم لجرائم اغتصاب وكثيراً ما يتعرضوا للتعذيب لذلك كان لابد من إبلاغ الشرطة في حالة سقوط ضحايا في قبضة عصابات بشر باعتبارها الجهة التي تستطيع أن تخلص الضحايا من قبضة تلك العصابات وقطع الطريق أمام تلك العصابات من خلال القبض على كل من له علاقة بتلك العصابات . (40) بلاغا أكد العميد ياسر عبد الرحمن حرص السودان على مكافحة الجريمة العابرة والمنظمة وجرائم البشر من خلال توقيع اتفاقيات ثنائية مع دول الجوار وتفعيلها للحد من الهجرات غير المشروعة، لافتاً إلى أن رحلة الضحايا غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر وفور ضبطهم يتم إحضارهم للشرطة حيث تبدأ رحلة التعرف عليهم، موضحاً أن السودان شرع في انشاء بيوت آمنة بمواصفات تراعي حقوق الإنسان تكون تحت رقابة الشرطة وتتمكن خلالها من تقديم الرعاية للضحايا ومعاملتهم وفق بنود حقوق الإنسان وتعتبر المدة التي يمكثها الضحية داخل البيت الآمن هى فترة سماح تتيح للضحية تحديد موقفه ما إذا كان لاجئاً أو عابراً كما أن للسلطات الحق في هذه الحالة على منح الضحية إقامة مؤقتة، كما تتيح التعرف على الضحية حيث يمكن التعرف على الضحية من خلال المؤسسات الصحية في حال الكشف على ضحايا خضعوا لعمليات استئصال أعضاء بشرية أو من خلال المؤسسات الاجتماعية كوكالات الاستقدام والبعثات الدبلوماسية والجهات العدلية وغيرها من الجهات . وفى السياق حذرت الشرطة الأسر من سقوط أبنائها ضحايا لمثل هذه الشبكات وتناشد بضرورة الانتباه للشباب مع رفع مستوى الوعي، لافتاً إلى أن هنالك تنسيقاً مستمراً بين دائرة الجريمة المنظمة والأجهزة الأمنية والشرطية الأخرى بجانب التنسيق مع الجهات ذات الصلة للحد من مثل هذه الظواهر . وحسب تقارير دائرة الجريمة المنظمة والعابرة فإن الشرطة خلال هذا العام أحالت (40) بلاغ إتجار بالبشر للمحكمة وتتحرى في عدد من القضايا وتتراوح تلك القضايا ما بين الخطف وطلب الفدية وبلاغات الأعضاء البشرية، كما ضبطت الدائرة عددا من الشبكات التي تقوم بتحويل أموال الفدية خارج السودان . قضايا لم تنشر بعد.. تمكنت دائرة الجريمة المنظمة من القبض على سوداني يقوم بتهريب البشر وابتزاز أسرهم حيث يطالب بمبلغ (9) آلاف دولار نظير إطلاق سراح الضحية تم نصب كمين له والقبض عليه وبالتحقيق معه أرشد عن آخرين ألقى القبض عليهم وأحيلوا جميعاً للمحاكمة . فى قضية أخرى توافرت معلومات لدائرة الجريمة المنظمة بوجود شبكة تقوم بتسفير الشباب إلى دولة مجاورة بغرض بيع كُلاهم نظير مقابل مالي وتم نصب كمين وتوصلت الشرطة إلى شبكة تقوم باستخراج الوثائق الثبوتية لأولئك الشباب كما تم ضبط شبكة تقوم بعمل فحوصات للضحايا وفحوصات تطابق الأنسجة وقدم المتهمون للمحكمة وصدرت أحكام في مواجهة (4) متهمين بالسجن ثلاث سنوات لكل متهم . رصدت دائرة الجريمة المنظمة نوعاً من أنواع الإتجار بالبشر وهو المتعلق بالعمل القسري حيث يتم بيع شباب سودانيين بواسطة عصابات ليبية لأشخاص يستغلونهم في العمل بمناطق التعدين الأهلي حيث يجبر الضحية على العمل بالمناجم ومناطق التعدين العشوائي تحت تهديد السلاح ولمدة عام بدون أجر، وأثناء التحريات تم رصد تحركات عصابات تقوم باصطياد الشباب بحجة تسفيرهم إلى أوروبا وفي الحدود تقوم ببيعهم لعصابات ليبية، تم القبض على أفراد شبكة وتقديمهم للمحاكمة حيث اتضح أن هنالك مجموعة من الشباب تم بيعهم في أسواق للرقيق بليبيا واستغلالهم للعمل قسرياً كعبيد مملوكين .