لجنة الانتخابات: ندرس الترشيحات بعناية، والإعلان قريباً من داخل استاد المريخ    خطة ماكرة من ريال مدريد.. "دع فينيسيوس يعيش صراعاً داخلياً"    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    لجنة إخلاء العاصمة من التشكيلات العسكرية والقوات المشتركة والمظاهر المسلحة تعقد إجتماعها الخامس    برمة .. تحالف "تأسيس" لن يتفاوض إلا مع الجيش    وزير المالية يوجه بسداد مستحقات الحكومة على قطاع الاتصالات في وقتها    الهلال السوداني مع جاموس من جنوب السودان.. قرعة دوري أبطال أفريقيا تسفر عن مواجهات نارية للفرق العربية    ماذا ينتظر ريال مدريد من كيليان مبابي في الموسم الجديد؟    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: اعتقال المصباح .. الدروس المُستفادة    الهلال في بر الأمان…    محمد صلاح يحرج "يويفا" بعد مقتل "بيليه فلسطين"    السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: الدعم السريع وبداية العاصفة في السودان    والي الشمالية يصدر قرارًا    شاهد بالفيديو.. "وزيرة القراية" السودانية الحسناء ترقص وتستعرض جمالها على أنغام الأغنية الترند "أمانة أمانة"    المريخ بحاجة إلى ثورة تغيير..!!    بعد قرعة الكونفدرالية.. رئيس نادي الزمالة أم روابة: (تحققت نبوءتي لكني لا أتمناها حالياً)    السودان يتجه لرفع دعوى جنائية تعويضية ضد حديقة حيوان أمريكية لاسترداد وحيد القرن الأبيض    شاهد بالفيديو.. عريس الوسط الفني "البندول" يدندن لحسناء سودانية في الشارع العام    شاهد بالفيديو.. "صدق موسى هلال لكننا لم نسمع حديثه".. ضابط بالقوات المسلحة انضم لمليشيا الدعم السريع يعبر عن ندمه من قراره بعد إهانته وسلب سيارته من قبل أبناء الماهرية ويتوعد قيادات المليشيا    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    "دسيس مان" يتغرض لضرب مبرح وكسر في يديه على يد عناصر من قوات الدعم السريع    البشاعة والوضاعة تعتذران للنهود    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    نقل جمارك حاويات سوبا الى منطقة قري شمال بحري    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    كارثة تحت الرماد    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تلك الأيام.. رحلة مدرسية
نشر في السوداني يوم 12 - 10 - 2012


رحلة مدرسية
كامل عبدالماجد
اخترت عنوان "تلك الأيام" لمقالي الأسبوعي وكنت أنوي اختيار عنوان آخر بعد مقال أو مقالين غير أن مقالاتي بهذا العنوان تتالت واجترار الذكريات القديمة يزيح السدول عن زمان بلادنا الجميل ويرينا كيف تبدل واندثر، وهذه المرة محدثي هو الدكتور يعقوب عبدالماجد اختصاصي التوليد والخصوبة المعروف.. وجيل يعقوب أتى من خلف جيلنا وانخرط في ذات المؤسسات التربوية العريقة التي تخرجنا فيها حنتوب أو خورطقت أو وادي سيدنا الثانوية ثم جامعة الخرطوم ثم الجامعات البريطانية ثم تزايدت الثانويات.. الخرطوم.. المؤتمر وغيرهما.. وقد تخرج د.يعقوب في مدرسة حنتوب ثم جامعة الخرطوم ثم بريطانيا وكان البريطانيون يلزمون الأطباء الوافدين من شتى بقاع الدنيا للتخصص ببلادهم باجتياز امتحان للقدرات يستثنى منه فقط أطباء السودان لإدراكهم بتميزهم عن سواهم. وأذكر وأنا أكمل في إجراءات سفري لبريطانيا للدراسات العليا أن ذهبت للمجلس البريطاني بالسودان للجلوس لامتحان للغة الإنجليزية كان هو شرط الدخول لبريطانيا أذكر أن المدير البريطاني سألني: من أين تخرجت؟ قلت له جامعة الخرطوم قال هذا واضح في أوراقك أنا أقصد المدرسة الثانوية قلت له: حنتوب فابتسم وقال لي: أنت لا تحتاج لامتحان، ثم وقع على أوراقي.. وكثيراً ما أقول للصديق د.يعقوب: أنت برغم تميزك في مجال الطب فقد أخطأت الطريق فمكانك كلية الآداب، وذلك لإلمام يعقوب المدهش بالأدب والفن فهو عليم بمسيرة الشعر والأدب والغناء ببلادنا وإن اختلط علينا أمر في خبايا فن الغناء كان عند يعقوب الخبر اليقين. وبالطبع الأول في هذا المضمار عوض بابكر ومن العارفين في هذا المجال حريز شلقامي وعلي مصطفى ونصرالدين شلقامي والراحل إبراهيم أحمد عبدالكريم.
حدثني د.يعقوب عن رحلتهم المدرسية إلى مدينة كوستي في عام 1960م، وكانوا عصرئذ تلاميذ بمدرسة ديم المشايخة الصغرى "ولابناء الجيل الجديد المدرسة الصغرى هي التي تسبق قليلاً مرحلة الأساس".. ومن نعم الله على د. يعقوب الذاكرة الحاضرة فهو يذكر كل صغيرة وكبيرة عن تلك الرحلة.. فيروي أنهم تحركوا من ديم المشايخة وهي من أعمال سنار بلوري شفرليت إذ لم تدخل حافلات الركاب المريحة السودان بعد، وسائق اللوري هو الأمين الشهير ب"الأمين زول الشرق" ومساعد السائق هو عبدالله حمد النيل أنظر لصفاء ذاكرة يعقوب التي لم تغادر حتى مساعد اللوري.. وذهب على رأس التلاميذ الشيخ الزين عبدالقادر ناظر المدرسة ومن المدرسين مبارك أحمد العباس والأمين الفكي.. عند الوصول لمدينة كوستي والطريق لم يكن معبداً كحاله اليوم وقف اللوري عند مدخل كبري كوستي القديم بجهة ربك ولضيق الكبري ولسلامة التلاميذ قطع التلاميذ يتقدمهم الناظر والمدرسون الكبري على الأقدام ومن خلفهم اللوري.. وعند نهاية الكبري حيث كوستي استقبلتهم سلطات المدينة الممثلة في رئيس المجلس الريفي الشريف مكي عساكر ناظر البقارة الشهير وضابط المجلس وأعيان المدينة وقد رفعت لافتات ترحب بهم "كوستي ترحب بمدرسة ديم المشايخة" امتطى الزوار اللوري يتقدمهم المستقبلون بعرباتهم الصغيرة إلى مبنى المجلس الريفي حيث رحب بهم بقاعة المجلس رئيس المجلس والمسؤولون وقدمت لهم المرطبات. ويذكر د. يعقوب أنها المرة الأولى التي يشرب فيها البيبسي كولا وشراب الأورانجيتا.. ثم بعد هذا بدأ البرنامج بزيارة مرسى النقل النهري حيث خرجت لاستقبالهم إدارة النقل النهري وضربت لهم إحدى البواخر البروجي لتحيتهم ووجدوا ذات الاستقبال الكبير في محطة السكة حديد وحياهم أحد القطارات بالبوري ومزارع الارز ومصنع اللحوم. ومن طرائف ما ذكر لي د. يعقوب أنه رأى سلم البناء الذي يصعد بهم إلى الطابقين الأول والثاني لأول مرة في مصنع اللحوم.. بعد نهاية الزيارات رتبوا لهم الغداء وأنزلوهم بمنزل أحد الأعيان. ويشير د. يعقوب إلى أنه منزل السيد عبدالرحمن ود حاج حمري. ويواصل أن برنامج المساء كان بالمسرح حيث قدم المغنون من الفرق الموسيقية بكوستي الأناشيد الوطنية التي تمجد السودان بالإضافة إلى بعض التمثيليات الهادفة.. وفي صباح اليوم التالي تم وداعهم وتحركوا في رحلة العودة إلى سنار ثم ديم المشايخة، فات علي من سرد د. يعقوب أن أذكر أن ضمن من كان معهم في رحلتهم تلك العم نورين النويري وهو كما يقول الانجليز رجل كل المهمات بالقرية فهو المشرف على تجهيز "الرتائن" وهي "وهذا للأجيال الجديدة" المصابيح التي كانت تضاء بالكيروسين وضغط الهواء.. والعم نورين هو مشرف المكرفونات وكل ما يتعلق بالتجهيزات. ويضيف يعقوب أن مالك اللوري الذي أوصلهم إلى كوستي هو عمهم عبدالرحمن عبدالرازق عليه الرحمة. ولا ينسى د. يعقوب أن يرسل لمساعد اللوري عبدالله حمد النيل التحية والشكر وأيضاً يرسل التحية لعمهم نورين النويري رجل المهمات المتعددة بعد أن انقضت على تلك الرحلة 52عاماً.. سألت د.يعقوب إن كان يذكر من زملائه في تلك الرحلة من ارتقى لموقع مرموق قال لي الدكتور الهادي بخيت اختصاصي جراحة المخ والاعصاب المعروف مدير مستشفى الخرطوم سابقاً.
هذا هو مقالي لهذا الأسبوع عزيزي القارئ وقد يبدو للبعض عادياً غير أني أرى غير ذلك.. فمثل هذا النهج التربوي تلاشى اليوم في بلادنا وكوستي ليست وحدها التي كانت تستقبل التلاميذ الزوار على نحو ما سردنا.. ويضيف صديقنا د.يعقوب أن بعد حقب من الزمان خلت ذهب مع دفعته بكلية الطب في رحلة طلابية إلى الأبيض ولما توقف القطار بكوستي تذكر رحلتهم تلك وهم في عمر السادسة ففاضت به الذكرى وتوهج في جوانحه جمر الحنين إلى تلك الأيام البعيدة فسالت منه الدموع.. أين ذهبت تلك السجايا القديمة؟! أين ذهب سودان الستينات كله؟.. كيف انفرط انضباطنا القديم؟..
قال لي صديق وهو يحاورني في حفل تغنى فيه أحدهم برائعة مصطفى بطران "أطرد الأحلام" وقد وصل إلى المقطع:
شوف جمال الليل يا جميل أصحى
واسمع البلبل ولهجته الفصحى
الغصون ماخدات مع النسيم كسحة
عير كلامي معاك يا جميل لمحة
كل شيء ميسور والظروف سامحة
قال لي: أنظر كيف كان السودان حين كتب بطران هذه القصيدة "كل شي ميسور والظروف سامحة"
مع تحياتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.