كبير مستشاري أوباما لشؤون دارفور دان اسميث: لا ندعم فكرة قلب النظام! نعم هناك ارتباط لجنوب السودان بحركات دارفور ولكن! اتفاق الدوحة لم يتضمن حوافز لانضمام غير الموقعين! (...) لا أعتقد أن هناك أي دليل على هذا! حوار: قناة الشروق أجرت قناة الشروق حوارا مع كبير مستشاري الرئيس الأمريكي بشأن دارفور السفير دان سميث، تناول التطورات المتعلقة بقضية دارفور وموقف الإدارة الأمريكية حولها، وتعميما لفائدة القراء تقوم (السوداني) بنشره في المساحة أدناه: الى أي مدى ترى الولاياتالمتحدة أن اتفاقية الدوحة تمثل حلا ناجعا وشافيا للأزمة في دارفور؟ لقد تم التوقيع على اتفاق الدوحة للسلام منذ أكثر من عام، وذلك في يوليو 2011. والولاياتالمتحدة وحلفاؤنا الدوليون قضوا الكثير من الوقت في الدوحة للعمل على هذا الاتفاق وتقريب وجهات نظر الأطراف. وفي النهاية لم يكن من الممكن إحضار المزيد من الحركات المسلحة بالإضافة الى حركة التحرير والعدالة، وهي الحركة التي وقعت الاتفاق. وقد نظرنا مليا الى هذا الاتفاق ووجدناه شاملا، أي أنه يشمل كل العناصر التي نعتقد، ويعتقد شركاؤنا الدوليون، أنها ضرورية لحل مشكلة دارفور. وهي تتضمن المشاركة في الحكم وفي اقتسام الثروات وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتعويض والعدالة وترتيبات الأمن. وكانت نقطة الضعف الوحيدة أنه اتفاق لم يجمع الحركات الأخرى غير التحرير والعدالة. هناك ملفات تحتاج لتدخل من الولاياتالمتحدة حتى لا يفشل هذا الاتفاق وعلى رأس ذلك وضع حد لعلاقة اسرائيل مع بعض الحركات غير الموقعة على الاتفاق؟ لقد دعمنا اتفاق الدوحة كما دعمه الآخرون في المجتمع الدولي، كأساس للسلام في دارفور. لم نتوقع نجاحه ولكننا أشرنا الى دعمنا له كأساس للسلام. وبالنسبة لغير الموقعين كان لنا ملاحظتان، الأولى هي حثهم على تفسير أهدافهم في دارفور بالعلاقة مع اتفاق الدوحة. كذلك طلبنا من حكومة السودان أن تلتزم بالمرونة في تفاوضها مع غير الموقعين. وظلت المشكلة هي ادعاء الحركات المسلحة بأن اتفاق الدوحة غير كاف، كما لم تتوخَّ حكومة السودان المرونة الكافية، حيث لم توفر التفاوض إلا على نقطتين هما المشاركة في الحكم وإجراءات الأمن، ولذلك لم تكن هناك حوافز لغير الموقعين للانضمام للاتفاق، خصوصا وأن اتفاق الدوحة لم ينفذ هذه النقاط بأكملها. تعلمون بالعلاقة وثيقة الصلة بين دولة الجنوب الوليدة والحركات المسلحة في دارفور ودعم الجنوب لهذه الحركات، لماذا لم تفعلوا نفوذكم بطلب الجنوب إيقاف دعمه لهذه الحركات؟ لقد تحدثنا مع حكومة جنوب السودان وطلبنا منهم التراجع عن ارتباطاتهم مع جماعات دارفور. ونحن نفهم أن هناك علاقة بين جنوب السودان وحركات التمرد غير الموقعة على الاتفاق. ولكن الفكرة هي التقدم في اتفاق الدوحة ومنح هؤلاء حوافز من أجل الانضمام إليه. وهذا هو الخيار المفضل لدينا. ما هو تأثير مجموعات الضغط واللوبي اليهودي على قضية دارفور والبعض يتحدث عن صراع خفي بين الإدارة الأمريكية وهذه المجموعات حول كيفية التعاطي مع قضية دارفور؟ الأمر المهم هو أننا نأخذ دارفور على محمل الجد. ولا أريد العودة الى قضايا قديمة، المهم هو أنني عينت في نهاية2001 كمستشار أعلى لشؤون دارفور. وهذا دليل على اهتمام حكومة الولاياتالمتحدة بدارفور. وقد سافرت الى السودان أكثر من عشر مرات، منها تسع رحلات الى دارفور. وقد غطيت كل أنحاء دارفور وزرت المعسكرات وتحدثت مع المحافظين وفرق الأممالمتحدة هناك. وذلك من أجل التعرف على أبعاد الموقف وإعطاء أفضل نصيحة لحكومة بلادي حول المضي قدما في هذه المسألة. ولذلك فليس صحيحا أننا لسنا مهتمين بالوضع ولا بإيجاد حلول لمشكلة دارفور. فنحن نعمل من أجل هذا على نحو يومي. هل نحن أمام سيناريو متكرر بفشل اتفاق الدوحة كما حدث مع اتفاق ابوجا بالرغم من التأييد الأمريكي والدولي الذي أحيط به؟ نحن نعتقد أن اتفاق الدوحة أكثر شمولا من اتفاق أبوجا. وشعرنا بالإحباط لأن اتفاق أبوجا لم يطبق. واتفاق الدوحة أقوى، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن تحسينه. وهو يوفر خريطة طريق أفضل للسلام في دارفور. وفي مجال تحقيق الاتفاق، فإن الهيكلية الأساسية له أقيمت بالفعل في شكل سلطة دارفور المحلية برئاسة تيجاني السيسي. وتم تأسيس مناصب وزارية في الحكومة الفيدرالية وعلى مستوى المحافظة في دارفور. وبدأ مستشار العودة والإعمار عمله في نيالا. ولكن سلطة دارفور المحلية لديها عدد قليل من الموظفين الذين يعملون على تطبيق الاتفاق، وهم يعانون من المشاكل المالية التي تواجه حكومة السودان. وهناك بعض العقبات الأخرى مثل عدم متابعة جانب العدالة في الاتفاق. ولا توجد محكمة خاصة في دارفور، ولا توجد معايير لمثل هذه المحكمة، ولم يحدث تقدم في تعيين المراقبين من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي كجزء من هذه المحكمة. وهناك حالة من الإحباط من انعدام التقدم في هذا الموضوع، وهو إحباط نشعر به نحن أيضا. هذا الإحباط الذي تتحدث عنه يقود للسؤال، وتعلم أن عدد من الخبراء الأمريكان هم من وضع الترتيبات الأمنية في أبوجا مما أسهم في وقف إطلاق النار يومذاك، أليست إذن هي مسألة انعدام جدية الولاياتالمتحدة من ساعد في وجود هذه الثغرات؟ إن رسالتنا للفصائل المسلحة التي لم توقع على الاتفاق هي التفاوض على خطوط مماثلة لاتفاق الدوحة. او على الأقل استخدام البنود الرئيسية في الاتفاق كأساس للتعبير عن آرائهم. ولكن من المهم التعرف على طبيعة العنف في المنطقة، وبعضه بين هذه الحركات المسلحة وبين الحكومة, وبعض أعمال العنف تعود الى نشاطات المليشيات المسلحة ومنها معارك بينها وبين قوات الشرطة والحكومة السودانية. وهناك مشكلة انعدام الأمن على نطاق اوسع من مجرد الاتفاق. فالاتفاق نفسه يحتم على حكومة السودان تجريد الجماعات المسلحة من أسلحتها. ومن دون ذلك سوف يكون من الصعب تحقيق اتفاق الدوحة. أذن لماذا تدعمون اتفاقية الدوحة إذا كانت لم تضع حلولا ناجعة للوضع الأمني على الأرض؟ نستمر في الأمل في أن يتحقق التقدم في تطبيق الاتفاق. ولقد أجريت مناقشات مع تيجاني السيسي حول اللاجئين المحليين ومؤتمر خاص بها سوف يعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في نيالا، واقترحت عليه أن نجاح مثل هذا المؤتمر من شأنه المضي قدما في تحقيق اتفاق الدوحة. وركزت على أنه من وجهة نظرنا ووجهة نظر المجتمع الدولي، لابد من حدوث شيئين في هذا المؤتمر: الأول، هو أن يمثل هؤلاء اللاجئين المحليين الحاضرين في المؤتمر كل المجموعات المشردة في دارفور، بدلا من الشعور بأنها مجموعات قريبة من حكومة السودان او حركة معينة، فلن نتقدم ولابد من وجود جهد كبير لإحضار هؤلاء المعارضين لاتفاق الدوحة او المتهكمين عليه من أجل سماع آرائهم. والنقطة الثانية هي أن أي توصيات من هذا المؤتمر لابد وأن تعكس آراء هذه المجموعة من اللاجئين المحليين، ولهذا فهي فرصة جيدة لتحقيق تقدم، من أجل مناقشة أمن هؤلاء المهجرين والخدمات المتاحة لهم وموعد عودتهم الى مناطقهم. بالإضافة الى المسائل الأخرى المهمة لهم مثل الأراضي والتعويض، وهي مسائل تقلقهم. كيف تنظرون الى دور بعثة الأممالمتحدة (يوناميد) في دارفور فيما يلي دعم الحلول ومساعدة النازحين واللاجئين وخاصة قضية تفكيك المعسكرات التي هي الآن معضلة؟ لابد من التوضيح أن الأطراف المعنية بتحقيق اتفاقية الدوحة هي حكومة السودان وجماعات دارفور. و"يوناميد" غير متضمنة في سلطة دارفور المحلية. وهيئات الأممالمتحدة وبقية أعضاء المجتمع الدولي يمكنهم المساهمة في تسهيل التنفيذ، ولكنها ليست مسؤولة عن تحقيق الاتفاق. وتعتبر هيئة "يوناميد" تجربة جديدة، وهي خليط ما بين الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي، وقد ساهمت "يوناميد" في رأيي في تعزيز الأمن للعديد من النازحين والمهجرين. ولكن الأمن لم يكن كاملا بأي حال وكانت هناك ثغرات. ولكن دور "يوناميد" مهم للغاية في تحقيق الاتفاق وكفالة الحماية للاجئي دارفور. دولة قطر أوفت بما يليها من التزامات مالية تجاه الاتفاق بينما الولاياتالمتحدة لم تقدم الدعم المالي الكافي لدعم هذا الاتفاق؟ أنت اسأت فهم دور الولاياتالمتحدة بالمرة فيما يتعلق بمساهمتها في دارفور. فالولاياتالمتحدة تقدم 27% من الدعم لهيئة "يوناميد"، وهي ميزانية هائلة الحجم. وقد قدمنا على مر السنين مليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية في دارفور، ولا يجب أن يكون هناك خطأ في فهم هذا الجانب. ومساعداتنا لأهل دارفور هي الأعلى بين دول العالم. وفي الوقت الحاضر نعمل مع سلطة دارفور المحلية من أجل تقديم المساعدات الفنية، ونبحث في مجالات الدعم الأخرى الخاصة باللاجئين والنازحين الذين يريدون العودة الى مناطقهم الأصلية، والتأكد من وجود خدمات في هذه المناطق. وقد زرت بعض هذه المناطق وأعرف أن أهلها يتسمون بالشجاعة ومصممون على البقاء فيها وزراعة الأرض. ولكن الخدمات المتاحة في هذه المناطق محدودة للغاية. وأعتقد أن المجتمع الدولي يمكنه أن يساهم عبر المنظمات غير الحكومية. ولكن أود أن أذكر قضية أخرى هنا أعتبرها مهمة جدا لنا وتتعلق بتحقيق اتفاق الدوحة، وهي مشكلة إتاحة فرصة الوصول للمساعدات الإنسانية وعمال التنمية الى دارفور. ولدينا مشاكل منذ زمن طويل في تحصيل سمات الدخول لأشخاص في هيئة المعونة الأمريكية (يو إس ايد)، وحتى بعد الحصول على التأشيرات هناك متاعب في الحصول على تصاريح السفر الى دارفور من أجل تخطيط ومراقبة وتقييم المشاريع على الأرض. والدول المانحة الأخرى تعاني من نفس المشكلة، وحتى هيئات الأممالمتحدة تعاني منها أيضا. ونريد أن نوضح لحكومة السودان أنه إذا لم يتم السماح للأشخاص بالذهاب الى دارفور للعمل على الجوانب الإنسانية من الدول المانحة والأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية، فلن تكون هناك سبل للدول المانحة لكي تدعم اتفاق الدوحة ماليا. مشكلة دارفور هي في الأساس مشكلة تنمية، فلماذا لا تتم مساندة التنمية على المدى الطويل لإيجاد حلول شاملة؟ لقد تركزت مساهمات الدعم في دارفور خلال العام او العامين الماضيين على عمليات إعادة التأهيل وليس فقط على المساعدات الانسانية. فهناك مثلا حاجة أقل للمساعدات الغذائية، وقد خفض برنامج الغذاء العالمي من تموينه الغذائي. والحياة صعبة في معسكرات النازحين في دارفور، ولكن أهلها يتعلمون كيف يعتمدون على أنفسهم. وعلى سبيل المثال تبعث العائلات بأفراد أسرها من أجل فلاحة الأرض في المواسم، وهو جهد كان ملحوظا هذا العام نظرا لموسم المطر الغزير الذي سينتج محاصيل جيدة، ويساهم النازحون في تحقيق هذه المحاصيل الجيدة. هناك عوامل جديدة فرضت نفسها على المسرح الدارفوري وعلى رأسها قضية انفصال الجنوب، برأيك ما تأثير انفصال جنوب السودان وتدني عناصر تمويل الاقتصاد السوداني على دارفور؟ لقد تم التوقيع على اتفاق الدوحة في توقيت مماثل لإعلان استقلال جنوب السودان، وتعهدت الحكومة بدعم اتفاق الدوحة، بمبلغ يصل الى 250 مليون دولار لصندوق إعادة إعمار وتنمية دارفور، خلال العام الأول ثم 150 مليون دولار في العام الثاني. وبالنسبة للمجتمع الدولي، من المهم لحكومة السودان أن تتحمل مسؤولياتها في تمويل الاتفاق، حتى يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل نصيبه في التمويل أيضا. وبالطبع تغير الوضع المالي لحكومة السودان، وهي الآن تعاني من مشاكل اقتصادية خطيرة. وهذا جزء من المصاعب التي تواجه تحقيق الاتفاق. ولكن هناك أجزاء عديدة أخرى من الاتفاق يمكنها التقدم حتى في غياب التمويل الكامل لصندوق إعادة إعمار وتنمية دارفور. هل تملكون خططا عملية لتفكيك معسكرات اللاجيئن التي تسهم في تدهور الوضع الأمني؟ لا أعرف لماذا تقول إنها تساهم في إشعال الموقف. إن النازحين من دارفور معظمهم ذهب الى تشاد وهم في معسكرات. وقد زرت العديد منها في شرقي تشاد والوضع فيها هادىء. ولا يعرف النازحون في معسكرات تشاد الكثير عما يجري في دارفور بالمقارنة مع نازحي دارفور. ونحن نتطلع الى اليوم الذي يستطيع فيه النازحون العودة الى مناطقهم، ولابد أن تكون عودتهم طوعية. وليس هناك اي اقتراح بأن يتم تفكيك معسكرات النازحين، بل على العكس دعمت حكومة تشاد معسكرات النازحين فيها. ما عنيته هو أن الحركات المسلحة تعتبر هذه المعسكرات محميات تتحرك فيها بحرية وبحراسة دولية، لا سيما وأن بعضها يقع في مناطق المتمردين وبالتالي فهي فعلاً تهدد الأمن؟ - لا أعتقد أن هناك أي دليل على هذا. كيف تقيّم الموقق الدولي من هذه الأزمة وهناك عقبات مالية تلقى على عاتق المجتمع الدولي من باب التقصير في الدعم المالي لاتفاق الدوحة؟ إن المجتمع الدولي يساهم في تنفيذ اتفاق الدوحة عبر لجنة متابعة تجتمع دوريا تحت رئاسة نائب رئيس وزراء قطر، عبد الله محمود. ونحن نتوقع عقد اجتماع آخر قريبا لهذه اللجنة، وهي فرصة للمجتمع الدولي للتعبير عن آرائه فيما يجري، بما في ذلك الإحباط من درجة تنفيذ الاتفاق. ولذلك أجد نفسي على اتصال دائم مع الشركاء الدوليين في هذا الصدد وعلى اتصال مع الجامعة العربية والاتحاد الافريقي وهيئات أخرى ضمن لجنة المتابعة. وسوف نرى بعضهم في نيويورك في الأسبوع المقبل. ومن المهم قول كلمة حول انعدام الأمن في دارفور. وأحد أسباب خيبة أملنا أن الوضع الأمني في دارفور يبدو أكثر انهيارا عما كان عليه في عام 2011. وعندما أقول إن الوضع الأمني تدهور، فلا أعني العودة الى الأيام الرهيبة لأعوام 2003-2004، حينما كان هناك قتل وتهجير لملايين من البشر، ونزوح جماعي الى تشاد. الأمر ليس كذلك، ولكن العام الماضي شهد تراجعا كبيرا في عدد الوفيات الناتجة عن الصراع، وهذا العام ازداد الشعور بانعدام الأمن في بعض المناطق، خصوصا في شمال دارفور. ومؤخرا تفجر العنف في منطقة كوتوم التي أثرت على حياة النازحين في معسكر قاسم. وظهر العنف في مناطق أخرى أيضا مثل ماليت. ويعود بعض هذا العنف الى أعمال المليشيات ولكن البعض الآخر يعود الى عمليات القصف الجوي لمناطق في دارفور خصوصا منطقة جبل مرة. ويستمر هذا القصف على نحو دوري من القوات السودانية، على الرغم من أن المجتمع الدولي أوضح تماما عبر مجلس الأمن أن قصف المدنيين يخالف القانون الدولي. ونعتبر هذا الأمر خطيرا، فلا بد لعنصر العدالة في اتفاق الدوحة أن يتحقق، وأن يتم تسهيل ودعم عمل المحقق الخاص، وأن تتحقق العدالة لضحايا العنف في دارفور هذا العام وفي السنوات الماضية. وهذا مهم في تحقيق الاتفاق. أليس من حق الحكومة السودانية مهاجمة من يهاجمون مواطنيها ويهددون أمنهم؟ ليس هناك حق لحكومة السودان وقواتها المسلحة في مهاجمة مدنيين في جبل مرة. ليس هناك حق أبداً، فهذا يخالف القانون الدولي. ولكن جبل مرة قاعدة للمجموعات المتمردة، أليس كذلك؟ إن القانون الدولي لا يسمح بقتل المدنيين في قرى مثل تلك التي في جبل مرة عن طريق القصف الجوي، فهذه مخالفة خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي. كيف ترد على من يقولون إن الولاياتالمتحدة غير جادة في حل مشكلة دارفور وإن المسألة تتعلق بالانتخابات الأمريكية ليس إلا؟. إن فكرة تغييرسياستنا في دارفور بسبب الانتخابات هي فكرة مضحكة. فالقضية ليس لها انعكاس على الانتخابات. ولكن إدارة أوباما لديها التزام قوي بحل مشاكل السودان بصفة عامة وخاصة في دارفور. وهذا هو ما نعمل عليه، ولهذا ُوجدت الوظيفة التي أشغلها. ومازلنا نعتقد في إمكانية تحقيق تقدم في اتفاق الدوحة ولكن الأمر يحتاج لالتزام قوي من الحكومة والتزام قوي من هيئة دارفور الاقليمية. ذكرتم في السابق أن غير الموقعين على اتفاق الدوحة سوف يعاملون باعتبارهم تنظيمات إرهابية ولكننا نشهدهم الآن يعملون ويتحركون بحرية في أوروبا والولاياتالمتحدة؟ لم أصفهم أبدا بأنهم حركات إرهابية. حكومة السودان تقول ذلك؟ أنا لا أقول ذلك. فأنا أتحدث دوريا الى غير الموقعين على الاتفاق، وأحاديثي معهم معروفة جيدا لحكومة السودان. وفي كل مرة أفعل فيها ذلك أتحدث مع مسؤولين في الحكومة السودانية حول ما أفعله. ورسالتنا واضحة، وهي أن عليهم توضيح أهدافهم السياسية في دارفور، بالعلاقة مع اتفاق الدوحة. ونقول لحركات دارفور التي تريد تغييرا حكوميا في السودان أن عليها أن تفعل ذلك من خلال أجندة سياسية تجمع الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني. ونحن لا ندعم فكرة قلب نظام الحكم بالسلاح. بصراحة ألا تعتقد أن مثل هذه الاتفاقات ترضي شخوصا أكثر من كونها اتفاقات تضع حلولا ناجعة؟ إن المشاركة في السلطة جزء من الحل، ولكن إذا اقتصر الأمر على المشاركة في السلطة فلن تحل المشكلة. ولذلك فمن الصحيح القول إن تحقيق الاتفاق يذهب الى أبعد من المشاركة في السلطة، فلابد من التعامل مع جوانب العدالة والتعويضات وعودة النازحين وأمنهم ومسألة الأراضي، والتي هي ذات حساسية خاصة في دارفور. لقد طلبت الولاياتالمتحدة مؤخراً من السودان السماح لها بإرسال قوات مارينز لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين على خلفية الفلم المسيء للإسلام، ألا تعتقد أن السودان دولة تتمتع بالأمن بما فيه الكفاية ولا تحتاج مساعدة لحماية ضيوفها من الدبلوماسيين؟ إن الأحداث التي وقعت لسفارات الولاياتالمتحدة وبريطانيا والمانيا كانت مؤسفة وتثير الكثير من التساؤلات حول قدرة الحكومة السودانية على حماية المنشآت الدبلوماسية في البلاد. ولذلك فنحن نعمل على هذه القضية، وأتمنى ألا تكون هذه المسألة عائقا أمام عملنا المستمر في دعم السلام في السودان وفي دارفور.