ماذا يعني ترقية العلاقات بين البلدين لمستوى استراتيجي؟ هذا أمر طبيعي بالنظر للعلاقات بين السودان وتركيا في الماضي والحاضر، كما أنه يعني أن العلاقات الثنائية بين البلدين تطورت بشكل أعمق، وستتطور اللجنة العليا للعلاقات لتصبح تحت قيادة رئيسي البلدين، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي في تطور العلاقة وتعظيم مصالح البلدين، وهو ما يعني أن السودان بموارده الضخمة وموقعه الاستراتيجي سيستفيد من النهضة الاقتصادية التركية من خلال الاستثمار ونقل الخبرات والتقانات، خاصة بعد التوقيع على عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون في مجالات الزراعة والتجارة والتعدين والصناعة والكهرباء والتعليم والتقنية. لماذا تبدو العلاقات الاقتصادية الحالية أقل من مستواها السياسي؟ نعم أتفق معك فإن الميزان التجاري بين البلدين لا يرقى لطموحات الحكومتين والشعبين، ويرجع ذلك لعدة اعتبارات أبرزها الحصار الأمريكي على السودان خلال العقدين الماضيين وتأثير ذلك على حركة التحويلات المصرفية إلى جانب بعض الصعوبات المتعلقة بالبيت الداخلي السوداني، ولكن الآن أعتقد أن الظروف قد تغيرت وهناك رغبة واضحة من البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية بشكل يتناسب مع حجم التقارب السياسي، ويكفي هنا الإشارة إلى الوفد الكبير من الشركات ورجال الأعمال الأتراك الذي يرافق الرئيس التركي وهو ما من شأنه ترقية التعاملات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لتصل نحو مليار دولار وفق ما هو مخطط له بنهاية العام 2018م، بعد أن التزمت تركيا بإنشاء سكك حديدية بالسودان وتنفيذ مشاريع كبيرة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية وفتح الأسواق التركية لصادر اللحوم السودانية وتوقيع اتفاقية تجارية فنية لاحقاً في مجال التعاون الجمركي المشترك بين البلدين وبناء القدرات المؤسسية والبشرية السودانية وتفاهمات في مجال المواصفات والمقاييس والبنوك المركزية. . ماهي المدلولات السياسية لزيارة الرئيس التركي أردوغان للسودان؟ تركيا أصبحت تشكل أهمية اقتصادية للسودان خاصة بعد أن تخلت عن توجهها غرباً واتجهت لتقديم مبادرات نحو العالم العربي والإسلامي باعتبار تجربتها الاقتصادية أصبحت متميزة، زيارة أردوغان تعكس متانة العلاقات بين الخرطوم وأنقرا، كما أن تركيا تعتبر السودان لاعباً إقليمياً مهماً، كما أن زيارة أردوغان للبلاد في مستهل زيارته الإفريقية، يعكس مكانة السودان ودوره كجسر بين العالم وإفريقيا. . تأتي الزيارة في ظل أوضاع إقليمية معقدة بدءاً من سوريا والخليج وانتهاءً بالقدس؟ الزيارة في المقام الأول اقتصادية إلا أن توقيتها يحمل مغزى سياسياً، لأن الأمة العربية والإسلامية تمر بظروف تلعب فيها تركيا دوراً كبيراً، بقيادة الرئيس التركي (الدورية) لمنظمة التعاون الإسلامي، وهناك تطابق بين البلدين فيما يلي القضية الفلسطينية ومدينة القدس ونتمنى أن يتحول لإجماع للأمة العربية والإسلامية، فيما يلي أزمة الخليج فإن موقف السودان المحايد والواضح ودعمه للوفاق الخليجي، ولا أعتقد أن الزيارة يمكن أن تخلق أي توترات في المنطقة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن تركيا ترتبط بمصالح حيوية مع مختلف دول الخليج، بل حتى علاقتها مع مصر ستشهد تحسناً بعد مطالبة بعض الأصوات المصرية بعودة العلاقات مع تركيا لطبيعتها، الأمر المهم أن السودان في استراتيجية علاقته الخارجية لا يبني علاقاته مع دولة على حساب دولة أخرى. . وماذا عن الوجود التركي في إفريقيا؟ تركيا انفتحت على القارة الإفريقية كما لم يحدث من قبل، ومنذ عشر سنوات بدأت تركيا في إيلاء اهتمام كبير لإفريقيا حيث بدأت تركيا في الانفتاح على القارة السمراء من خلال العديد من المنح التعليمية والتوسع في فتح السفارات والبعثات الدبلوماسية كما أن الخطوط التركية باتت تصل للكثير من المحطات الإفريقية، وهذه الزيارة ستعزز من الوجود التركي في إفريقيا، و السودان يمثل دولة محورية لتركيا ونقطة عبور للقارة الإفريقية. وماذا عن منح جامعة الخرطوم الدكتوراه لأردوغان وفي البال تجربة القذافي؟ الأمر يتعلق بدكتوراه فخرية وليست درجة علمية، مجلس أساتذة الجامعة اجتمع وقرر منحه هذه الدكتوراه تقديراً للأدوار الكبيرة التي ظل يلعبها أردوغان.