1- أذكر تماما أن الأسواق الحرة كانت من أفضل المصادر التي تغذي الدولة بالعملات الصعبة مما يسهل عليها النهوض بالجنيه (أقال الله عثرته) وكان بعض الرأسماليين والمغتربين والدبلوماسيين يشترون منها كل شيء من السيارات إلى العاب الأطفال وحلاوة العيد. البعثات الدبلوماسية في السفارات والمنظمات والهيئات أيضا كانت تجد ضالتها في (السوق الحر الخاص) وذلك كان قسما خاصا بالدبلوماسيين وبعض الأصناف الملحقة به لا يدخله المواطنون العاديون. أما المجتمع المخملي السوداني من طبقة الأثرياء والطبقة المتوسطة المحسنة فقد كانوا يتنافسون في التسوق في السوق الحر وكان يمتص سيولتهم من الدولار والفرنك والإسترليني والريال والدرهم (الكلام دا قبل قبل اليورو) ... لم يكن السوق الحر فقط للمواد الغذائية والإستهلاكية ... كان عامرا بالأواني المنزلية والملبوسات والأدوات والمعدات المكتبية والأثاثات ... كان بعض المغتربين يشترون (لبن البدرة) ويوزعونه للاهل والاسر لأن سعره في السوق الحر في المطار أرخص من الخارج ... وكان البديل المتاح للأسر هو (السوق الأسود) ... لم تكن فلسفة الأسواق الحرة في التسويق صعبة ولا معقدة ... كانت تنويع المعروضات وإغراء المشتري الذي يمتلك العملات الصعبة بأسعار أفضل أو (بأسعار أغلى بقليل من الخارج) وهوسعيد جدا لأنه سيستفيد من الوزن المسموح به في الطائرة لأشياء أهم من (لبن البدرة) ... أين السوق الحر الآن؟! هل تعاني شركة الأسواق والمناطق الحرة من مشكلات؟! ما الذي يمنع من قيام شركة أخرى وفتح صالات أخرى بالتعاون من إتحاد أصحاب العمل وغرف الإستيراد والتصدير والصرافات وبنك السودان ... هل ملت الحكومة وتجارها من (رزق الجداد) الذي يجتمع بالتلاقيط وتريد (رزق الاسد) ... الذي يجمعه بالضربة القاضية دفعة واحدة ... هل أدمنت الحكومة النفط ودولاراته اليومية ولم تعد تفكر إلا في عودته للموازنة ولا تفكر إطلاقا في وضع البضاعة في الرف والإبتسام للزبائن. 2- قالوا لنا إن السبب الأساسي لتدهور سودانير هو القرار الجائر بحظر التعامل معها علما بان المورد الاساسي للطائرات وإسبيراتها هو (أمريكا) وذلك لأن البوينغ امريكية والإيرباص فيها نسبة أمريكية أما الطيران الروسي أو من الدول الأخرى فتكلفته أقل من ناحية الجدوى الإقتصادية لأسباب كثيرة. هذه الاعذار تصلح في التبرير للتدهور في الطيران الخارجي الذي يعتمد على السعة الكبيرة في نقل الركاب ولكنه لا يصلح في التبرير للخطوط الداخلية التي تعتمد أساسا على الطائرات الصغيرة وما زالت الفوكرز تحتفظ ببريق رهيب فيها وما زالت هنالك فرص كبيرة وكثيرة لمختلف أنواع الشركات المنافسة للأمريكية. دعونا من هذه الأخبار السيئة عن سقوط الطائرات ... هذه الطائرات التي تسقط في السودان تعمل بأفضل مستوى في كل دول العالم إلا السودان ... نحن السيئون وليس الطائرات.لو جودنا شبكة الخطوط الداخلية وركزنا عليها وإفتتحنا مطارات دولية في الجنينة و(جوبا قبل الإنفصال) لإستطعنا جذب الخطوط الدولية بالتواكيل الخاصة بركاب الترانزيت لعواصم أخرى مسافتها تقارب مسافة الخطوط الداخلية ... الجودة في الفيصل في المنافسة وليس (التشكي) وشماعة المؤامرات ..!