الدولة المدنية.. حوارات لا تنتهي تقرير : محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته في أمسية ذات مذاق خاص تداعى لها عدد من المهتمين والنشطاء السياسيين مساء أمس الأول بمركز بيت الفنون ببحري لحضور مناقشة كتاب الراحل المقيم سكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد (حوار حول الدولة المدنية) الذي يأتي ضمن فعاليات اللجنة القومية لتخليد ذكراه. وقد شهد الندوة لفيف من المفكرين وقادة الرأي والقوى السياسية.وقد سعى المناقشون إلى محاولة إسقاط مضمون الكتاب على الواقع الراهن في السودان بحسب رأيهم وقد أنصت الجميع بهدوء لحديث د. أمين مكي مدني وتعقيب كل من نبيل أديب وطه إبراهيم على الهواء الطلق. الدولة المدنية الديمقراطية ابتدر التقديم الخبير القانوني د.أمين مكي مدني منوهاً إلى أن الكتاب صدر قبل عشر سنوات ويتمتع كاتبه بأسلوب الدعابة والرقة الشخصية. وأضاف ما تناوله الكتاب عن الدولة المدنية يظل جرس إنذار يدق في أبوابنا خاصة في هذا الزمن الردئ . ودلف مدني إلى مضمون الكتاب مشيراً إلى أن الراحل في مفتتح كتابه أكد على إعطاء الأسبقية للديمقراطية كحقوق وحريات وكنظام حكم ومؤسسات، وبذات القدر قال نقد نعارض الدولة العلمانية عندما تصادر الديمقراطية، مثل معارضتنا لدكتاتورية عبود، من جانب، ودخولنا، من الجانب الآخر في صراع وصدام مع نظام مايو، سواء عندما بدأ يسارياً وعلمانياً، أو عندما أعلن نميري قوانين سبتمبر عام 1983م ونصب نفسه إماماً منذ ذلك الحين حتى أطاحت به الانتفاضة الشعبية في إبريل عام 1985م. واستطرد مدني قائلاً إن الكتاب تحدث عن فشل نظام الحكم ومصادرة الحريات واتفاقيات السلام من الداخل الشرق والقاهرة وجيبوتي كما تناول اتفاق ميشاكوس الإطاري مرحباً بوقفه لنزيف الدم ولكنه عده حلبة من حلبات الصراع واحتمالات العودة مجدداً للصراع وأن ميشاكوس لم تكن سوى اتفاق جزئي يحول دون الحل الشامل وعد أسباب تعثر الاتفاق وقتها للتدخل الخارجي خاصة الأمريكي من جانب وعامل النفط من جانب آخر وظل نقد يدعو الطرفين إلى حل الأزمات حسب منظور الحوار بيد أنه وصف ماتم في بروتوكول ميشاكوس بأنه تم في غياب العقل ، واعتبر الكتاب " أن الديمقراطية السياسية السودانية في علاقتها بالدين تستند على مبادئ النظام السياسي المدني الديمقراطي التعددي، والتي تشكل في الوقت نفسه الفهم لمعنى العلمانية، فمصطلح النظام المدني أقرب لواقعنا من مصطلح النظام العلماني ذي الدلالات الأكثر ارتباطاً بالتجربة الأوروبية بحسب ماورد فى الكتاب". وقد أوضح نقد في كتابه أن تصورهم لمفهوم الدولة المدنية ليس معزولاً عن هموم المجتمع وصراعاته الماثلة، أو عن مهام التغيير الاجتماعي نحو الديمقراطية والسلام والوحدة والتنمية، مشيراً إلى ما اسماه بالتشوهات التي أحدثتها شمولية الإنقاذ على جهاز الدولة وصوغ منهج لإصلاحها. وأوضح مدني أن النظام في السودان سعى لاغتيال المجتمع المدني المستقل واستمرار الدولة الدينية وإقصاء القوى السياسية وممارسة الضرب والاعتقال وتنامي النزاعات المسلحة التي قال إنها تحمل تطلعات مشروعه لحياة مواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان ومراوحة دارفور وأبيى إلى حين والتي تعني تأجيل العقل لمرحلة لاحقة واستطرد قائلاً صدرت العديد من القوانين التعسفية قانون أمن الدولة الذي يحكم البلد حالياً رغم مخالفته للدستور وجهاز الأمن يمارس الاعتقال والتفتيش، كما أن قانون نقابة المنشأة نسف كل إرث التجمع النقابي. وقد انتقد مدني قانون تنظيم العمل الطوعي الإنساني لسنة 2006م مشيراً إلى أنه وضع قيوداً على المنظمات الطوعية بغرض السيطرة عليها وإلزامها بالتسجيل. وأردف من أراد أن يسجل منظمة يودع قائمة أسماء المؤسسين وعناوينهم وأنشطتهم لدى المسجل ومن حق المسجل الموافقة أو الرفض بالإضافة إلى قانون الصحافة والمطبوعات وتعطيل مراكز " الأمل والخرطوم وسودو وإيقافها عن ممارسة أنشطتها". وأضاف الفترة الأخيرة شهدت هجمة على منظمات المجتمع المدني، وعزا ذلك إلى سببين محاولة حصر نشاط منظمات المجتمع المدني في مقراتها بحجة التمويل الأجنبي إلا أن مدني أشار إلى أن الحكومة نفسها لم تترك باباً إلا وطرقته من أجل الحصول على التمويل، وبحسب مدنى أن الكتاب أشار إلى أن نظام الإنقاذ جاء ليطبق الشريعة واستغل النزاعات المسلحة وانتشر الفساد والرشوة والمحسوبية وضاعت كل القيم الإنسانية التي يدعو لها الإسلام وتم تجميد العقوبات الحدية واعتبر أن ذلك الإجراء في الأساس يعد مسخرة للقضاة والقضاء. الجماعات الظلامية فيما عد الناشط القانوني نبيل أديب أن الكتاب في الأساس يركز على أن الدولة المدنية في حديث نقد هي الدولة الديمقراطية التي تسمح بتداول السلطة و بحرية منظمات المجتمع المدني والأخيرة هي التي تتحكم في الدولة ويرى أديب أن الأنظمة الديمقراطية الراسخة لاتطرح في انتخاباتها قضية الهوية وأن طرح قضية الهوية يعني حرب أهلية دامغاً تجربة الانتخابات الأخيرة في السودان بحدوث ذلك مما قادت إلى انفصال الجنوب ولفت أديب إلى أن هنالك قضايا لاتحسم بالأغلبية أو الأقلية مثل الهوية. وأضاف الحريات ليس موضع مناقشة أو مساومة مشيراً إلى أن الفهم الدستوري يسير في اتجاه الدستور غير الدستوري والتعديلات الدستورية غير الدستورية والاتجاه لتحييد الدولة وحال عدم تحييدها لم تكن دولة مدنية. وشدد على ضرورة تحييد الدولة تجاه الدين ، بيد أن طه إبراهيم رسم صورة مخيفة لما أسماه بدستور الجماعات الظلامية الذي عرف " بالدستور الإسلامي" مشيراً إلى أنهم تجمعوا في عام 2011م واستأجروا بناية بالرياض لاتقل أجرتها عن 40 ألف دولار في الشهر وأقدموا على صياغة دستور غير مستبعد أن يكون هو دستور المؤتمر الوطني وقال إنهم لم يتركوا أي مساحة للاقتراب منهم أو محاورتهم وأورد طه بعض المواد من الدستور مبيناً أن دستورهم حدد السودان بأنه دولة إسلامية وفي المادة (2) أحكام الإسلام تحدد شريعة الانتماء وغير المسلمين هم أهل ذمة ويخضعون للإسلام والحاكمية لله وليس هنالك سيادة للشعب.وقال إن تلك الجماعات تضع نفسها محل الله واستطرد في تفكيكه للدستور الإسلامي الذي يقرأ نصوصه أن السياسة الخارجية تحددها عقيدة الولاء والبراء. وأضاف لاتوجد حرية للأديان في الدستور الإسلامي بحسب المادة 41 بل وصل الأمر بحسب حديثه إلى نسف فكرة الدولة المدنية نفسها. وقال إن المادة 42 منه نصت على عدم جواز نشر الشيوعية والإلحاد والنصرانية والأديان الوثنية واعتبر أن دستورها يعود بالعقل إلى القرن السابع الميلادي وهم تحدثوا عن الإمامه وأن الإمام يختاره أهل الحل والعقد مشيراً إلى أن تلك الأوضاع تختلف جذرياً عن التطورات التى صاحبت مسيرة الإنسانية. وأضاف كل القوانين التي نتعامل معها اليوم ليس لها علاقه بالشريعة مشيراً إلى أن الإشكالية تكمن في أن تلك الجماعات هي الحكم والخصم في كل شيء. وأضاف أن التعامل معها يعد أمراً فى غاية الصعوبة ودعا طه في نهاية حديثه إلى تدافع قوى الاستنارة والوعي وقيادة نضال عنيف لمقاومة الأفكار الظلامية.