هذه الشمطاء ما سعى لها أحد او تعلق بها إلا أقضت مضجعه وان لم تفقده حياته أفقدته الطمأنينة والأمن ولم ينج منها احد حتى الأنبياء ولكن الأنبياء كانوا معصومين ومحروسين بعناية الله لتبليغ رسالاته وقد لاقو ا صنوفا من الأذى من أممهم والقرآن الكريم يزخر بقصصهم والسلطة لم يسلم من أذاها أحد لان الأمم والشعوب لا تجمع 100/على صلاحية حاكمها وحبها له وحتى الخلفاء الراشدين والمبشرين بالجنة لم يسلموا، فهذا الفاروق على عدله وصرامته واتساع الفتوحات في عصره حتى بلغت فلسطين ومصر يخرج من رعيته من لا يعجبه ذلك ويتهمه بالجور إذ ان الخراج الذي يدفعه لسيده أكبر من طاقته فيقتله أبو لؤلؤة المجوسي شهيدا . وذو النورين عثمان بن عفان على حيائه وتقواه وسخائه وهو الذي جهز جيش العسرة بألف فرس وألف بعير بأقتابها حتى قال عنه صلى الله عليه وسلم (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم) وهو زوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج عليه المتآمرون متهمين له بمحاباته لبني عبد شمس فيفقد حياته شهيدا صائما بعد أن تناوشته سيوف المحاصرين لتبدأ بعدها الفتنة الكبرى في تاريخ الإسلام. طلب الحق عبر السلطة يردي بالخليفة علي رضي الله عنه في صلاة الفجر على يد عبد الرحمن بن ملجم مدفوعا من الخوارج الخارجين عن رعيته بالرغم من صحة مشروعية الإمام بالخلافة ولو تتبعت تاريخ الأمويين والعباسيين لوقفت أمام مئات المواقف التي أقضت السلطة مضاجع طالبيها ، الحروب لا تحصى بين القبائل القيسية والعدنانية ولو كانت السلطة توفر الدعة والأمان لوفرتها للبرامكة وزراء الرشيد في عشية وضحاها. ولو انتقلت من تاريخ الإسلام وألقيت نظرة على التاريخ العالمي لرأيت العجب من ضحايا السلطة وطالبيها فهتلر القصير الذي ينفذ له الجنود ما يريد بإشارة من يده ويموت بسببه في اوربا مئات الملايين في الحرب العالمية يموت منتحرا، وموسليني المعقد نفسيا في ايطاليا كان مصيره كمصير هتلر حتى جنكيزخان حارق بغداد ومزيل آخر معاقل الخلافة تقتله السلطة منتحرا ولو انتقلنا الى عصرنا هذا لوقفنا على ضحايا السلطة بالعشرات جون كيندي الرئيس الأمريكي المحبوب تنهي السلطة حياته برصاصة طائشة وهو في أوج نشوته وفرحته. وتقود السلطة الرئيس الروماني شاوسيسكو وزوجته الى الإعدام رميا بالرصاص . وعن الربيع العربي حدث ولا حرج صدام حسين بالرغم من انتصاراته ضد الفرس وقبضته الحديدية على العراق تفقده السلطة ابنيه وأبناء عمومته وتأبى إلا ان يلقي عليه مخابرات العدو في حفرة في تكريت لتعرضه بعدها لمحاكمة هزيلة فتقوده الى حبل المشنقة رغم شجاعته النادرة وثباته الفريد. السلطة تكلف الحريري حياته في موكب رئاسي يملؤه الفرح والرضاء في لبنان السلطة تلقي بزين العابدين خارج حدود بلاده ليموت بعيدا متغربا عن وطنه الذي كان يحكمه في يوم من الأيام. السلطة ترمي بحسني مبارك في مصر في قفص الاتهام بالرغم من ان الجيش كان رهن إشارته فما نفعه ومات ممغوصا على مكانته وكبريائه التي اهتزت. ومن قبله السادات الذي وقف وحيدا ضد العالم العربي لانه وقع اتفاق السلام مع إسرائيل في سابقة فريدة ويقول فعلت ذلك من أجل مصر وفي يوم العرض العسكري للعتاد والسلاح تأبى السلطة إلا ان ترديه مضرجا بدمائه ليطلق بعد ذلك محمد حسنين هيكل في جريدة الشرق الأوسط كل الممنوع في حياته من أصله وفصله وسياسته ولم يجد من ال100مليون مصري من يرد عليه وقبل السادات الملك المفدى فيصل بن عبد العزيز الذي ركع أمريكا وأخافها وهددها بردم آبار البترول بعد هزيمة 1967 تغتاله السلطة بأقرب الناس اليه رغم شجاعته وحبه لبلاده وحب شعبه له القذافي القائد الأممي المتفرد بعد أربعين سنة من الشذوذ السياسي في الحكم والدكتاتورية المطلقة في إدارة ليبيا تأبى السلطة إلا ان ترديه قتيلا في مزرعة نائية بمسدس من حانقي الربيع العربي، عمر البشير ضابط المظلات وحوله جيشه ودفاعه الشعبي وكتائب الظل والشمس والقوات الخاصة وآلاف المطبلين والمغنين ومنهم القيقم وبطانته من إخوانه ومن بيدهم القرار من أعضاء المؤتمر الوطني أبت السلطة إلا ان يخسر أمنه وطمأنينته ويقبع في سجن كوبر ويطارد إخوانه ويحال بينه وبين أزواجه واخوانه وعشيرته والله وحده يعلم ماذا ينتظرهم ولم ينفعه اليوم المصفقون والمتكسبون والكذابون والمطبلون من أعضاء المؤتمر الوطني وقديما قيل من خانته بطانته فهو كالشرق بالماء فلا هو مبتلعه ولا هو لافظه وما جرى لعمر البشير ينسحب على الذين معه الذين خدعتهم السلطة الشمطاء فقالوا للناس:: ألحسوا كوعكم وقالوا الراجل يقلعنا وقالوا شوت shoot to kill وقالوا أكسح وامسح وكل أهل السلطات هم في قفص اتهام مع شعوبهم بعرائض تظلم مرجأة الى يوم الحساب أما الحكم العلام تبارك وتعالى وهو القاضي بينهم يومئذ . بعد كل الأمثلة السابقة لضحايا السلطة وماهي النصيحة التي تسدى للساعي لها والحريص عليها؟ ان تهرب منها هروبك من المجزوم وان تستظل بالآية الكريمة(وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون *وما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون —-) وان تحيط نفسك بالحديث(ليسعك بيتك ولتبك على خطيئتك). ومن قال لك ان الحياة لا تحلو إلا لصاحب سلطة وجاه ومال وهذا أويس القرني راعي إبل للحجيج القادم من اليمن في مكة لا يحفل به أحد خرج الفاروق في موسم الحج ومعه علي رضي الله عنهما يبحثان عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلاهما على مكانه عند الله وقال لعمر(يأتي في وفد حجيج اليمن رجل صفته كذا فإن لقيته فاسأله أن يدعو لك)، فاصطحب الفاروق معه الإمام علي فعثرا عليه عند ابل الحجيج فدعا لهما ولعامة المسلمين ثم ابتلعه موج الحجيج ولم يجداه بعد ذلك وقد ألف أحد الكتاب رسالة بعنوان (المعدن العدني في أخبار أويس القرني) فكن في سواد الناس واطلب تقوى الله ورضاه والفوز بجنته وإياك والدنيا وسلطتها وان عظمت كالرئاسة وان دنت كالحراسة والله اسأل أن يصلح حالنا ويرفع البلاء والغلاء عن بلادنا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.