قبل أيام كان حديث الشارع هو تغيير تردد القنوات بقمر صناعي جديد (سنط سات) وبالطبع فقد تباينت الآراء بين مناصر ومعارض، وغردت بعض الأسر خارج سرب القنوات واكتوت بنار (الحرمان) من المشاهدة. وتحكي ربة منزل إقبال أحمد محمد قصة ابنتها قائلة ل(السوداني) إن صغيرتي (أحباب) ظلت تتابع مسلسلا شيقا بقناة سودانية بصورة يومية راتبة وكل يوم حلقة جديدة مشوقة، وفي الأسبوع الفائت جلست ابنتي وبيدها ال(ريموت كنترول) تقلب في التلفاز لكنها على غير العادة لم تعثر على القناة المحببة لها الأمر الذي جعلها تستعين بوالداتها قائلة: (ماما تعالي شوفي التلفزيون أبى يشتغل)، فأمسكت هي الأخرى – والدتها - بالريموت كنترول وظلت تقلب في التلفاز لكنها لم تعثر على معظم القنوات السودانية، الأمر الذي أصاب الأم وابنتها بالدهشة، فمرَّ ذلكم اليوم بين غزارة دموع الصغيرة (أحباب) التي لم تنفع ولم تشفع لها في إرجاع حلقتها المفقودة، مر اليوم الأول وفي اليوم التالي أجبرت والدتها على الذهاب معها لبيت الجيران لمشاهدة حلقة المسلسل تحاشيا لضياعها كما ضاعت حلقة الأمس. خسائر عامة الخبير الإعلامي برفيسور علي شمو يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن القمر سنط سات له مزايا عدة منها تحسين الصورة والصوت للمادة المشاهدة. ولخص شمو سلبياته على القنوات السودانية أن القنوات لم تعمل على تنوير المواطنين قبل فترة زمنية كافية لإعداد أنفسهم من حيث الريسيفرات وكيفية تشغيل التقنية الجديدة (دي إتش) وطرح الخيارات إما القبول بالوضع أو الاستغناء عن الخدمة. وأشار شمو إلى أن هذا الانتقال يعتبر خسارة شاملة ليس على المواطن فحسب، وإنما على مستوى القنوات الفضائية، بمعنى تقل نسبة المشاهدة لها، والتأثير يمتد على الإعلانات المدفوعة التي تبثها القنوات فلا تجد حظها من المشاهدة لدى المواطنين فيصبح الإعلان لا قيمة له. واختتم حديثه أن هذا الانتقال يمثل خسارة عامة للقنوات والشركات المعلنة والمواطن. صعوبة البدايات من ناحيته يذهب مدير فضائية الشروق الفريق السر أحمد عمر في حديثه ل(السوداني) إلى أنه بلا شك ستواجه القنوات في بداية الأمر صعوبات بسبب عدم تمكين كثير من المشاهدين من الانتقال للتردد الجديد، مشيرا إلى الفائدة التي تجنيها المحطات من الناحية المادية والفنية، موضحا إلى أن تكلفة القمر أقل بالإضافة إلى جود الصورة والصوت. من جانبه يرى مدير البرامج بفضائية (سودانية 24) منتصر النور في حديثه ل(السوداني)، أن الانتقال كان إلزاماً على الفضائيات التي لم يبق أمامها خيار سوى الانتقال أو المغادرة نهائياً من البث، وأضاف: "الخدمة مقدمة من الشركة الأم (غلف سات) وليست قمرا قائما بذاته، وفرضت علينا الانتقال في عشرة أيام فقط، الشيء الذي أفقد القنوات كثيرا من المشاهدين الذين لا يملكون أجهزة الرسيفر التي تمكنهم من المشاهدة"، كاشفا عن زيادة الأسعار التي صاحبت الانتقال، مؤكدا أن سعر جهاز (الاتش) دي وصل ألف جنيه من 500 جنيه، وربما تصيبها الندرة في الأيام القادمة. وأوضح مدير البرامج ب(سودانية 24) أن وزارة الإعلام لم تتدخل من أجل إثناء الشركة عن الانتقال تدريجياً، قائلا: "لم نرفض التطوير الذي يصاحب الانتقال؛ لكن كان من الممكن أين يأتي تدريجياً، ويمنح المشاهد مهلة لمعرفه الكيفية التي تمكنه من متابعة المحطات السودانية"، نافيا أن تكون تكلفة سنط سات أقل من باقي الأقمار، متمنيا في ختام حديثه أن تتفق القنوات السودانية وتعمل على الانتقال جميعها لعرب سات الذي يوفر دعم فني وتقني وتغطية واسعة للمشاهدة. (سنط سات) على الخط ولسماع وُجهة نظر (أهل الشأن) كان من الضرورة بمكان الاستماع لمدير العلاقات العامة ووكيل شركة (سنط سات) الكويتية مصعب عابدين، الذي قال ل(السوداني)، إن (سنط) ما هي إلا خدمة مقدمة من الشركة الأم غلف سات وتتمتع بميزتين، هما تكلفة القمر أقل سعرا من الأقمار الأخرى، بالإضافة إلى التقنية العالية التي يلمسها المشاهد بالصورة والصوت، مشيرا إلى أن الشركة تُتابع عبر مؤشرات خاصة بمقر الشركة بالكويت وأن نسبة المشاهدة لم تتأثر بالدرجة التي يتحدث عنها البعض، لافتا إلى توفير الأجهزة بالأسواق والتي تترواح ما بين 460 إلى 600، معللا فقدان كثير من الأسر للقنوات السودانية بأنها ارتباك طبيعي يحدث مع كل تغيير للتردد، لكن حتما سترجع الأمور إلى طبيعتها ويستمتع المشاهد بصورة أفضل مما كانت عليه سابقا. ضرورات القمر فيما يذهب شاب في حديثه ل(السوداني) إلى أن أسرته ليس لديها اهتمام بالقنوات السودانية بصورة عامة لكثرة مشاغلها بالعمل، وأضاف: "عادة نعود إلى المنزل في المساء". واعتبر الشاب أنه في ظل الظروف الاقتصادية لم يعد هنالك وقت كافٍ للمشاهدة سواء كانت قنوات سودانية أو غيرها، مؤكدا أنه إذا سنحت له فرصة فهو ليس حريصا على مشاهدة قناة سودانية لأن جميعها تؤدي نفس الغرض ومتشابهة في البرامج والمواد حتى في الديكور، وأضاف: كما أن تغيير التردد الجديد (زاد الطين بلة) ونقل القنوات لتقنية (الإتش دي) التي تتطلب من الأسرة ضرورة وجود شاشة بلازما إضافة إلى جهاز خاص باهظ الثمن وبهذا التحول أصبحت الفضائيات السودانية لفئة معينة من المواطنين ولا عزاء لذوي الدخل المحدود سوى الانضواء تحت لافتة (الغالي متروك). (قطع ناشف) أسرة بسيطة استطلعتها (السوداني) لم تعرف عن الأقمار الصناعية شيئا، وهي تسمع بها فقط عند النوازل (الشدائد) كسقوط قمر صناعي في المنطقة (الفلانية) أمثال الشهب والنيازك، سألنا ربة الأسرة: (الأيام دي تلفزيونكم شغال بأي قمر؟) كان ردها: (والله يا ولدي شايفة التلفزيون واقف ليهو كم يوم ما عارفاهو مالو)، الأمر الذي يعني عدم علمها بما يدور في الشارع السوداني، بالتالي فإن قرار القمر الصناعي جعل الأسرة تتخيل أن ثمة عطلا ما، لأن القرار كان مفاجئا (قطع ناشف) حسب قولها دون مقدمات ومن غير إعلان مسبق في تلك القنوات لأخذ الحيطة والحذر.