إن جاز لنا أن نبدأ بجزئية المُستشارين، فقد تَمّ تعيينهم للعمل بوزارة الشؤون القانونية والتنمية الدستورية – سابقاً - وزارة العدل حالياً بحكومة جنوب السودان، وذلك في ظل الدولة المُوحَّدة بتاريخ 1/3/2007م بمُوجب نص المادة (133/5) المقروءة بالفقرة (7) بالجدول (ب) من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م، والذي أعطى جنوب السودان الحق في تعيين مُوظّفين في ظل الدولة المُوحَّدة، وذلك بعد أن استوفوا كل الشُّروط المطلوبة للالتحاق بوظيفة المُستشار القانوني، وظَلُّوا يَعملون هُناك بكفاءة وانضباط جعلتهم يتسيَّدون الساحة القانونية حتى 17/5/2013م، حيث أجاز مجلس الوزراء بجمهورية جنوب السودان، قراراً أنهى بمُوجبه خدمة الأجانب من مُؤسّسات الخدمة المدنيّة في الدولة الوليدة، فكان من بين الذين شملهم القرار المُستشارون القانونيون ال (11) - أصحاب هذه القضية -، حيث تمّ إنهاء خدمتهم من الوظائف بوزارة العدل، بحكم حملهم للجنسية السودانية وإكمالاً لعملية فك الارتباط في الخدمة المدنية بين البلدين. مُخاطبات المُستشارون القانونيون الذين تحدَّثوا ل(السوداني) قالوا: منذ عام 2011م وقبل وقوع الانفصال، كانت قرائن الأحوال كلها بالنسبة لنا تُؤكِّد أنّ الانفصال واقعٌ لا محالة، ولذا خاطبنا وزارة العدل بجمهورية السودان بخُصُوص إعادتنا من وزارة العدل بجنوب السودان واستيعابنا بوظائف المُستشارين القانونيين في الوزارة، وقد جرت في سبيل ذلك مُخاطبات بين الوزارتين بالخرطوم وجوبا، حيث تمّت مخاطبتنا بخطاب صادر في 11/7/2011م يُؤكِّد بأنّه سيتم استيعابنا إذا تمّ إنهاء خدمتنا وفقاً للضَوابط المَعمول بها من قِبل وزارة الشؤون القانونيّة والتنمية الدستورية بحكومة جنوب السودان. هُنا يَقفز سُؤالٌ: هل تمّ الوفاء بذلكم الالتزام؟ الإجابة حسبما ذكر لنا المُستشارون القانونيون (لا)، والذين أضافوا بقولهم: لم يتم تعييننا حتى الآن، وبعد ذلك صدر قَرارٌ بالرقم 208/2014 من مجلس الوزراء بتاريخ 29/5/2014م لمُعالجة العاملين بالخدمة المدنية في دولة جنوب السودان وتقدّمنا به إلى رئاسة الجمهورية وهي بدورها خَاطبت وزارة العدل، وردَّت الوزارة بأنّ القرار لا يشملنا. قضية القُضاة ليس بعيداً عن مُشكلة الاستشاريين، يحكي القُضاة وعددهم (7) عن تفاصيل ما جَرَى لهم، مُؤكِّدين بأنّه قد تَمّ تعيينهم قُضاة في قضاء جنوب السودان بتاريخ الأول من يونيو 2006م، مع العلم وكامل التأكيد أنّ المُعانيات تمَّت بالخرطوم وبإشراف من السُّلطة القضائية السُّودانية. وعملوا بالسلك القضائي هناك حتى 18 يناير 2013م أي بعد وقوع الانفصال بعامين، حيث صدر القرار الخاص بإنهاء خدمتهم بدولة جنوب السودان ليعودوا إلى حُضن الوطن، وفي العام 2014م صَدَرَ قرارٌ رئاسيٌّ بتاريخ التاسع والعشرين من شهر مايو للعام المذكور والقاضي بمُعالجة أوضاع السُّودانيين العاملين بدولة جنوب السُّودان قبل الانفصال، لكن القُضاة أكّدوا ل (السُّوداني) أنّه لم يتم تنفيذ القرارات الخَاصّة بهم حتى الآن. المكتب التنفيذي وبالعودة لقضية المستشارين مَرّةً أخرى، فقد خاطب المكتب التنفيذي لوزارة العدل بخطاب صادر بتاريخ 4 نوفمبر العام 2012م وممهور بتوقيع رئيس المكتب التنفيذي المستشار نجاة موسى إسماعيل، خاطب رئاسة الجمهورية بأنّ مُقدِّمي الطلب تمّ تعيينهم في وزارة الشؤون القانونية والتنمية الدستورية لحكومة جنوب السودان في مارس 2007م، وفي مايو 2011م تقدّموا بطلب للسيد وزير العدل لنقلهم من وزارتهم بجنوب السودان إلى الوزارة الأصل بالخرطوم، باعتبار أنّهم سيصبحوا مُواطنين شماليين بدولة جنوب السودان بعد الانفصال.. وبالفعل تمّت مُخاطبة وزارة الشؤون القانونية في حكومة الجنوب بمعرفة درجاتهم وخبرتهم وبعد الرد، وجَّه السيد الوكيل بإفادتهم بأن ينهوا خدمتهم في الجنوب ثُمّ يُقدِّموا طلباتهم للالتحاق بوزارة العَدَل وأنّ الوزارة ستنظر في طلباتهم حسب الوظائف المُتاحة ووفقاً للمعايير المَعمول بها للتعيين في الوظائف القانونية وكان ذلك بتاريخ 11 يوليو 2011م، وأشار خطاب المكتب التنفيذي إلى أنه وحسب التوجيهات السابقة، على المُستشارين القانونيين بحكومة جنوب السودان أن يتقدّموا بطلباتهم للالتحاق بالوزارة عند توفر الوظائف وبعد استيفائهم لشروط العمل بالوزارة مع مُراعاة خبراتهم السابقة. في الانتظار يقول المُستشارون والقُضاة، إنّهم ذهبوا معاً إلى مجلس الوزراء تحديداً إدارة الشكاوى، حيث قدّموا مظلمتهم، لكن تَمّ تحويلهم إلى وزارة العمل وقابلوا الوزيرة (آنذاك) إشراقة سيد محمود والتي وعدتهم خيراً، مُؤكِّدةً لهم أنّها ستخاطب وزارة العدل لمُعالجة المشكلة في إطار حل إفرازات انفصال جنوب السودان، واستيعابهم وفق الشروط التي تتطلّب ذلك، لكن بعد مرور (6) أشهر تم إخطارهم بعدم استيعابهم بوزارة العدل، بحجة أنّ القرار الصادر من رئاسة مجلس الوزراء بالرقم 208/2014 لا ينطبق على القُضاة والمُستشارين. ومضوا بقولهم: بعد ذلك ذهبنا لرئاسة الجمهورية، لكن تم رفض قُبول طلبنا من مُوظّفي الاستقبال، حيث قالوا لنا إنّ هذه المظلمة يجب تقديمها عبر (البوستة) - البريد العادي -، ورغم عدم اقتناعنا بحديث موظفي الاستقبال، لكننا ذهبنا إلى البوستة، فقال لنا المُوظّفون بها، إنّ التوجيه بالحُضُور إلينا غير صحيحٍ، مُؤكِّدين أنّ تسليم مثل هذه المظالم يتم برئاسة الجمهورية مُباشرةً عبر (السيرك)، على أن يتم تسليم المُتظلِّم رقم مُتابعة للمَظلمة، مُنوِّهين إلى أنه من ضمن الأبواب التي طرقوها كان ديوان الحسبة والمظالم، حيث تم تسليمهم خطابا مُعنوناً لرئاسة الجمهورية منذ أغسطس 2016م لكن حتى الآن لم يتم الرد عليه!! وأخيراً تمكَّن مُمثِّل للمُستشارين القانونيين من الوصول الى الإدارة القانونية برئاسة الجمهورية وتسليمها خطاباً يوم 12/12/2017م يحوي شرح المشكلة من الألف إلى الياء، لكن أيضاً لم يصلهم حتى الآن أيِّ رد على خطابهم. نداء إلى رئاسة الجمهورية المُستشارون والقُضاة – أصحاب القضية –، قالوا إنّهم هلَّلوا وكبَّروا لقرار رئاسة مجلس الوزراء الصادر في نهاية مايو 2014م والقاضي بمُعالجة أوضاع السُّودانيين العاملين بالخدمة المدنية في دولة جنوب السودان قبل الانفصال، لكن سُرعان ما وُئدت فرحتهم عندما سُدَّت في وجوههم كل الأبواب بعبارة: (هذا القرار لا يَشملكم)، علماً بأنّ كل المُستشارين والقُضاة من أبناء دولة جنوب السودان الذين كانوا يعملون بالشمال تمّ استيعابهم بدولتهم هناك.. ولذا فهُم (أصحاب القضية) يطلبون من رئاسة الجهمورية النظر لقضيتهم بعين الاعتبار، سيما وأنّهم يعولون أُسراً تعتمد عليهم بعد المولى تعالى.