بتشكيل حكومة الجمهورية الثانية يكون عهد جديد قد بدأ وهو عهد نسأل الله أن يكون عهد خير وسلام واستقرار ورخاء اقتصادي، عهد يتبرأ من كل ما شاب الجمهورية الأولى من منقصات ومحبطات وملاسنات واختلافات وحروبات جلبت الاحباط والتعاسة للمواطن المسكين الفقير الصابر الذي كان يتطلع بشوق لغد يرتاح فيه من عناء الرسوم والجبايات والوقوف الطويل أمام مكاتب المسؤولين دون أن يجد من يرحب به أو يحترم إنسانيته. إن أمام المؤتمر الوطني والاحزاب التي شاركت في الحكومة الجديدة فرصة ثمينة للتقييم والتقويم وإصلاح الحال واستعدال ما أعوج من أداء أو سلوك إلى غير ذلك مما نشرته الصحف وفاضت به الأعمدة وقدمته الندوات من توصيات. إن أمام الحكومة الجديدة وأمام كل وزير ووالٍ ومعتمد ومدير عام ومدير تنفيذي أن يعاهد الله والنفس والناس وأن يقسم على المصحف الشريف بأن يقف سداً منيعاً أمام أي تجاوز أو فساد إداري أو مالي أو كسب غير مشروع أو مجاملة ومحاباة لأي أخ أو قريب أو نسيب أو صديق. أمام الحكومة الجديدة أن تضع خططا وأهدافا تطبقها وتلتزم وتعمل بها. ومن هذه الأهداف: 1-تجديد الدماء في المشروع الحضاري الإسلامي ونشر أهدافه ومراميه وتفاصيله والسعي الحثيث لتطبقه إذا كانت قادرة على ذلك فعلاً وإلا فالأفضل السكوت. 2-القدوة الحسنة فإذا كان الوزير والوالي والوزير الولائي والمعتمد والمدير قدوة لمرؤوسيه وبياناً بالعمل في السلوك والشفافية والمصداقية فإن العهد الجديد سيكون عهد خير وبركة وسيرفع المواطنون الدعاء لولاة الأمر بطول العمر. 3-تقليص الإنفاق الحكومي وتقليل رواتب وعلاوات وعربات وحوافز الدستوريين ابتداء من الرئيس ونائبه الأول والثاني ومساعديه ومستشاريه وولاته لأن الضرع قد جف وذبل وما عاد قادراً على إرضاع كل الموظفين والعمال بعد ذهاب النفط. 4-تيسير الحصول على "قفة الملاح" وطعام الأبناء والبنات وتنشيط دور الجمعيات التعاونية للسيطرة على الأسعار وبسط نفوذ الحكومة على التجار رغم سياسة التحرير الاقتصادي. 5-الإلتزام بالنزاهة وطهارة وعفة النفس للمحافظة على المال العام وعلى كل درهم ودينار ولا للفساد الإداري والمالي والكسب غير المشروع. 6-الحزم والحسم وعدم التهاون والمجاملة في الحق العام مهما كانت درجة المسؤول أو قرابته وهل أصدق قدوة للمشروع الحضاري الإسلامي من سيد الخلق حين قال "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"؟ 7-إعمال أسس الحساب والعقاب أولاً بأول مهما كانت درجة المسؤول حتى يكون ذلك رادعاً للغير وحتى لا تتكرر المخالفات وتموت تقارير المراجع العام في السنة القادمة. 8-التخطيط والتنفيذ والتقييم والمتابعة للجودة الشاملة. 9-جعل الوقت كله وساعات العمل الرسمي كلها للعمل والإنجاز والإنتاج، ولا للمجاملات والاستقبالات والخروج للعزاء خلال ساعات النهار وإذا عاد الرئيس من رحلة عمل في الداخل والخارج حبذا إذا كان في استقباله نائبه الأول ونائبه الثاني ووزير الرئاسة وليستمر الوزراء الآخرون في مكاتبهم لأداء المهام دون انقطاع وإلا فلا فائدة من الخطط الخمسية والعشرية وربع القرنية. 10-لابد من احترام الوقت والمواعيد وأن تكون القدوة من أعلى قمة الهرم من الرئيس ونوابه ومساعديه ومستشاريه وولاته ووزرائه ومعتمديه والبيان بالعمل. 11-قيام مفوضية لمحاربة الفساد تابعة لرئاسة الجمهورية على أن يضع الرئيس على رأسها من يخاف الله ولا يخشى في الحق لومة لائم. 12-استلام المشروعات والمباني والحفائر والآبار وحاصدات المياه وطرق الاسفلت من المقاول بنفس المواصفات المحددة.. ولا للمجاملات مهما كانت الإغراءات. 13-الحزم في تنفيذ توجيهات الرئاسة بصورة حازمة وصارمة ومكتوبة يمهرها الرئيس بتوقيعه ويقول فيها للولاة والوزارة كونوا قدوة للمرؤوسين وللناس ونموذجاً صادقاً للمشروع الحضاري الاسلامي وحرباً للفساد الإداري والمالي، وافتحوا أبوابكم للمواطنين كي يرفعوا إليكم الشكوى حتى ترتفع المعنويات ويزول الاحباط، وحتى لا يضطر مواطن مظلوم ومقهور أن يرفع يديه للسماء طالباً الانصاف فهل يستطيع أحمد سعد عمر السعي حتى تصدر هذه التوجيهات مكتوبة؟. 14-ا متابعة تنفيذ القرارات والتوجيهات أسبوعاً بعد أسبوع ويوماً بعد يوم وقيام مكتب متابعة لدى الوالي والوزير والوكيل والمعتمد حتى لا تدفن القرارات حية. 15-لابد من اختيار مدراء المكاتب والسكرتارية ممن يحترمون المواطن ويحسنون استقباله وينهضون من كراسيهم للسلام عليه والاستماع إليه. ولا لتجميد أو تحنيط خطابات المواطنين التى ترفع للمعتمد والوزير لأن ذلك لا يتفق مع امانة التكليف. 16-وختاماً أكرر الأولوية للقدوة الحسنة والشفافية والمساءلة والمحاسبة والعقاب.. هذا إذا أرادت الحكومة الجديدة أن يكون يومنا خيراً من أمسنا وأن يكون غدنا خيراً من يومنا. والله من وراء القصد