بعد 48 ساعة من توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والجبهة الثورية بجوبا، شهدت الخرطوم ومناطق أخرى احتجاجات ضد الحكومة الانتقالية، اختلفت الآراء حول تصنيفها، هل هم أنصار النظام البائد؟ أم مواطنون خرجوا ضد الغلاء وعدم توفر الخدمات؟ وهل تم تحريض هذه الشريحة من أنصار الثورة المضادة؟ توجيه بالخروج أمس فرقت الشرطة احتجاجات قدرت بالمئات في أمدرمان والخرطوم ومناطق أخرى، وحمل المتظاهرون شعارات تطالب برحيل الحكومة الانتقالية، وشعارات ضد حمدوك وقوى إعلان الحرية والتغيير، وأخرى تندد بغلاء الأسعار، ومنذ الصباح تم إغلاق الطرق المؤدية إلى القيادة العامة، منعاً لوصول المحتجين إليها. هذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها محتجون ضد الحكومة فسبق أن خرج أنصار النظام البائد في موكب الزحف الأخضر، وآخر تبناه الحراك الشعبي الموحد وغيرها تطالب برحيل الحكومة الانتقالية. مصادر بحزب الوطني المحلول أكدت ل(السوداني) أن عناصر الحزب المحلول تحولوا إلى شبكات مثل الشباب، الطلاب وغيرهم، ولم تستبعد أن تكون إحدى الشبكات وقفت خلف (موكب الرحيل) ، مستدركة :أنه لا يوجد توجيه رسمي بالخروج في مواكب الرحيل. بعض المنتمين للحزب المحلول أكدوا في وسائل التواصل الاجتماعي أنهم إذا أرادوا الخروج في احتجاجات سيعلنون عن ذلك كما حدث في مواكب الزحف الأخضر، وقالوا ربما تكون الدعوة لموكب الرحيل مثل الدعوات للمشاركة في محاكم الإنقاذيين أو المفصولين حيث تكون المشاركة فيها فردية، مشيرين إلى أن الأوضاع المعيشية تعتبر سبباً كافياً لخروج المواطنين ضد الحكومة. جهات منظمة مقطع فيديو مدته (60) دقيقة، تم بثه منذ أمس الأول على مواقع التواصل الاجتماعي يدعو المواطنين إلى الخروج في موكب أمس الإثنين باسم (موكب الرحيل) ، لم يتم تحديد موعد انطلاق الاحتجاجات. الفيديو يحتوي صور لاعتصام الثوار أمام القيادة العامة، مصحوباً بصوت الفنان الراحل وردي يردد (ياشعباً لهبت ثوريتك) . القيادي بالحرية والتغيير صديق يوسف أكد في حديثه ل(السوداني) أن النظام البائد هو الذي يدعو إلى هذه المواكب، وقال يعمل على استغلال الأزمات التي يمر بها المواطنون ويدعو إلى الخروج ضد الحكومة. مشيراً إلى أن المشاركين في الاحتجاجات هم أنصار النظام البائد، ويحاولون أن يستغلوا بعض المواطنين للمشاركة معهم، لافتاً إلى أن أعدادهم تقدر ب(العشرات) ، مؤكداً أنه رغم المعاناة التي يعيشها المواطنون إلا أنهم يثقون في الحكومة الانتقالية، مستدركاً: رغم وجود بعض القصور في أدائها إلا أنها قابلة للمعالجة . المحلل السياسي عبدالماجد عبدالحميد يذهب في حديثه ل(السوداني) قال إنه لا يمكن أن تكون هناك مواكب في ظل المشاكل الحالية دون أن تكون وراءها جهة منظمة لأن الشارع نفسه مقسم الأشواق بين النظام السابق والحكومة الحالية. عبدالحميد قال " لا استبعد وجود جهات منظمة وراء هذه المواكب، وأضاف: لا أعلم من دعا لمواكب الرحيل، معتبراً أن الحكومة فقدت مصداقيتها وبعض المواطنين يقولون إنه لا توجد حكومة تقف في وجه الأسعار والفوضى. عضو تجمع المهنيين قمرية عمر أكد في حديثها ل(السوداني) أن أنصار النظام البائد هم الذين يدعون إلى الخروج في مواكب ضد الحكومة الانتقالية، وقالت دعواتهم وجدت قبولاً من بعض المواطنين لاعتقادهم أن الحكومة ضعيفة ولم تحقق مطالب ثورة ديسمبر. تغيير الحكومة مراقبون اعتبروا أن الأوضاع الاقتصادية وعدم استكمال هياكل السلطة جعلت البعض يخرج على الحكومة، بالإضافة إلى مطالبتهم بالقصاص للشهداء، مشيرين إلى أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام الشهيد أحمد الخير، ونتائج فض اعتصام القيادة العامة وغيرها من القضايا. القيادي بالحرية والتغيير صديق يوسف قال ل(السوداني) "نعم يوجد قصور في أداء الحكومة وضعف في بعض الجوانب ، لكن لن يخرج المواطن عليها ،وأضاف : الحديث عن إسقاطها يعني الرجوع إلى الخلف وهذا لن يحدث" ، مشيراً إلى أن العلاج هو الإصلاح واستكمال هياكل السلطة، مؤكداً أن تنفيذ مخرجات المؤتمر الاقتصادي هو المخرج من المشاكل الاقتصادية والطريق إلى التنمية. من جانبها قالت قمرية إن أغلب المواطنين الذي استجابوا للخروج في مواكب أصبحوا عاجزين عن توفير (قفة الملاح) واكتوا بنار الأسعار، وسئموا من الوعود التي تطلقها الحكومة بأن الوضع المعيشي سيتحسن، مستدركة: صحيح بعض الاقتصاديين يبررون بأن الاقتصاد يعاني من الدمار منذ 30 عاماً ومن الصعب إصلاحه في عام ونصف، لكن المواطن البسيط لا يعرف هذه الأشياء وعلى الحكومة أن تجتهد في توفير احتياجات المواطنين من خبز وعلاج وصحة عاجلا . قمرية قالت الذين استجابوا للخروج في مواكب الرحيل يرغبون في تغيير الوزراء الذين عجزوا عن حل مشاكل الخبز والوقود وغيرها، وأضافت : آخرون يرغبون في تغيير الحكومة بأخرى تحقق مطالب الثورة ، مشيرة إلى أن الحكومة متراخية في التعامل مع عناصر النظام البائد وتحقيق العدالة لشهداء ثورة ديسمبر ، وقالت إن شعار (حرية سلام عدالة) لم يتحقق في الواقع.