سفير السودان بتايلاند سناء حمد العوض كانت أول السفراء الذين حضروا إلى قاعة الصداقة، مزينة القاعة بأناقة منقطعة النظير، لتكون من ضمن النساء القليلات المشاركات في المؤتمر مقارنة بالسفراء، سناء أثارت أطرف استفهام الحضور كونها أصبحت (نحيفة)، سناء نازعها الاهتمام بمعرض الذهب في مدخل القاعة تركيزها على المؤتمر. فضول الكثيرين ورصد العيون كان مركزا على الأبواب بحثا عن بطل الخارجية الجديد السفير الفريق أول مهندس محمد عطا، فالجميع كان يسعى لاستنطاق ما ينتويه في تجربته الجديدة، إلا أنه فضل الرد بالغياب، مثيرا بغيابه في أهم الفعاليات منذ تعيينه استفهام زملائه السفراء قبل الضيوف والإعلاميين. سفير السودان بواشنطون معاوية عثمان خالد كان حضوره أيضا مبكرا قبل أن يأخذ موقعه بالجلوس، بيد أن جلوس الرجل لم يطل، لجهة أن معظم الموجودين بالقاعة في ذلك الوقت حرصوا على مصافحته، فيما تخلل ذلك الكثير من الابتسام والقليل من الهمسات والأحاديث المبتورة. ورغم لطافة تعامل الرجل إلا أنه رفض تماما الإدلاء بأي تصريحات للإعلام في أي موضوع لا علاقة له بالمؤتمر، وقال ل(السوداني) إن السودان واجه عقوبات مختلفة وصعوبات من دول كثيرة في فتح الأسواق، وأضاف: بعد رفع العقوبات أزيل الغطاء القانوني الذي كان يمنع السودان من التعاملات الاقتصادية والتجارية الحرة ويمنع دول العالم من التعامل بحرية مع السودان، مؤكدا أنه بعد الانفتاح الذي يعيشه السودان يجب أن يكون مبادرا في الترويج للمنتجات السودانية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وأضاف: "لا نتصور بعد رفع العقوبات أن تصبح قنوات التعامل المصرفي سالكة وهذا الأمر يحتاج إلى جهود". ب.إبراهيم غندور ببساطته المعروفة لم يكن رشيقا في مؤتمر وزراته وخاطب الحضور ل20 دقيقة متناولا دور الدبلوماسية السودانية في جذب الاستثمار بالإضافة إلى العديد من المواضيع. غندور أثار عاصفة من الضحك لدى انتهائه من كلمته لجهة مطالبته للنائب الأول بأن يتقدم لمخاطبة الجلسة قبل أن يستدرك بأن يتقدم للمايكرفون. الاستعصام بالصمت لم يكن حكرا على معاوية عثمان خالد بل جاء عابرا للقارات، ففاجأ القائم بالأعمال الأمريكي الإعلاميين بأنه لن يتحدث ممتنعا عن أي تعليق، وأضاف ل(السوداني) باقتضاب أن بداية المرحلة الثانية للحوار مع السودان ستبدأ قريبا وعندما نكون مستعدين للحديث سنتحدث. الرجل عقب انتهاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وبحسب رصد (السوداني) لم يغادر القاعة مباشرة لجهة استغراقه في حوار مع عدد من المسؤولين والسفراء. المخضرمون في السلك الدبلوماسي السوداني، وشكل حضور عميد الدبلوماسية السودانية د.منصور خالد، كما يصفه الكثيرون حدثا استثنائيا، فتوهط في الصفوف الأمامية وبجواره رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر، ونائب رئيس القضاء، ونائب رئيس مجلس الوزراء القومي مبارك الفاضل، وزير رئاسة مجلس الوزراء الأمير أحمد سعد عمر. ماذا قال النائب الأول ووزير الخارجية؟ النائب الأول الفريق أول بكري حسن صالح بدا زاهدا في الحديث، فاستغرقت كلمته حوالي ال(8) دقائق فقط، ملخصا جهود الدبلوماسية السودانية خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن السودان ظل يعمل بفاعلية لتطبيع الأوضاع في كل من جنوب السودان وليبيا والصومال، وتقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر في مفاوضات سد النهضة. وقطع النائب الأول بأن السودان كان حريصا على تعزيز التعاون مع العالمين العربي والإفريقي في المجالات كافة. ونوه الرجل إلى أن الهدف من مشاركة السودان في عاصفة الحزم هو استعادة الشرعية في اليمن، معتبرا أن الخرطوم تمثل محورا أساسيا لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة انطلاقا من الانتماء المزدوج للعالمين العربي والإفريقي، مؤكدا أن السودان بصفته عضوا فاعلا في الأسرة الدولية تقع على عاتقه المساهمة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. الرئاسة ممثلة في النائب الأول، قطعت بالدعم الكامل للدبلوماسية السودانية للقيام بدورها في زيادة حجم التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الخارجية والتنموية، وأضاف: "الخارجية أوفت بما وعدت وتمكنت من تحويل العديد من التحديات إلى سوانح وسط بيئة إقليمية ودولية غير مواتية". من جانبه ابتدر وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور حديثه، مقدما تقرير أداء وزارته، وكأنما يطالب الحضور قائلاً: (هاكم اقرأوا كتابي)، مؤكدا أن الدول أضحت تسخر سياستها الخارجية لحماية أمنها القومي والاقتصادي، لجهة أن الاقتصاد هو الجزء الأهم في الأمن القومي لكل الدول. ولخص غندور التحديات التي تواجه السياسة الخارجية السودانية، في حالة الاقتصاد السوداني وقدرته على الاندماج في الاقتصاد الدولي، مراهنا على دور الدبلوماسية السودانية باعتبارها من الأدوات الفاعلة التي تؤدي دوراً محورياً في المحافظة على مصالح البلاد وسيادتها وأمنها القومي ومواردها الاقتصادية وبسط السلام وتحقيق التنمية. القارة الإفريقية طبقاً للبروف تمثل العمق الاستراتيجي للسودان لذا كشف غندور عن عزم وزارته التحرك بفاعلية للتوسع الدبلوماسي بفتح مزيد من السفارات في القارة، بالإضافة إلى تعزيز دبلوماسية القمة وقيادة الخارجية من أجل تأمين مشاركة السودان الفاعلة في المنابر والفعاليات الإفريقية كافة. المحيط العربي لم يكن غائبا عن تركيز غندور، ووصف وزير الخارجية علاقات السودان مع جميع الدول العربية بالمتطورة، مؤكدا مواصلة المساعي لنزع فتيل الأزمات التي طرأت مؤخرا، بالاستناد إلى ما يحقق مصالحنا الوطنية وحقوق البلاد المشروعة في المقام الأول، مشيرا إلى أن العلاقات مع قارة آسيا تسير بخطى ثابتة نحو التطور وتحقيق الشراكة الاقتصادية والتجارية التي تأتي بالمصلحة المشتركة. ملف (الخواجات) العلاقات مع أوروبا وأمريكيا ظلت محل تركيز الخرطوم لفترة طويلة لجهة تأثير الطرفين على السودان ومصالحه في العالم، فجدد غندور وصفه للحوار مع واشنطون بالجاد والبناء، مستدعيا خارطة الطريق بمساراتها الخمسة التي استند عليها الحوار منذ بدايته، واعتبر غندور الدعاوى التي جعلت السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب، دعاوى غير منطقية وتفتقد للشواهد، قاطعا بالاتفاق على بدء المرحلة الثانية من الحوار مع أمريكا بهدف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء الديون. التحسن والتطور في علاقة السودان وأوروبا أقرَّه غندور في توصيف العلاقة، مرجعا ذلك للتعاون في القضايا الإقليمية والدولية كمكافحة الهجرة غير الشرعية ومحاربة الاتجار بالبشر والإرهاب، وأضاف: كان لكل ذلك أثر كبير على تحسين العلاقات، مشيرا إلى بدء حوار جاد في قضايا حقوق الإنسان لرفع القدرات الوطنية وإنفاذ الإصلاحات التشريعية بما يتواءم مع الالتزامات الدولية. (الكاش) يتسيد المشهد الموضوعات والملفات ذات الطبيعة الاقتصادية، نالت حظها من اهتمام المؤتمر بل ربما حازت نصيب الأسد مقارنة بغيرها من الموضوعات، ويبدو أن تسيد الاقتصاد كان له دوره في تقسيم السفراء إلى ست مجموعات عمل، تركز في مداولاتها على تعزيز العلاقات السودانية في المرحلة المقبلة على المجال الاقتصادي، للاستفادة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية. وأكد غندور أنه سيتم تقديم تقارير مجموعة العمل الإقليمية في الجلسة العامة للبت فيها، كما سيتم تقديم موضوع عن الاقتصاد السوداني بعد رفع العقوبات الأمريكية ودور الدبلوماسية السودانية بمشاركة وزراء القطاع الاقتصادي وكبار المسؤولين الاقتصاديين. مداولات أوراق المؤتمر التي تنعقد على مدار يومين بالنادي الدبلوماسي، طبقا لما كشفه غندور ستتناول دور الدبلوماسية في التجارة وجذب الاستثمارات الخارجية بمشاركة مجموعة من الاقتصاديين، بالإضافة إلى قضايا العون التنموي والأمن الغذائي، فضلاً عن قضايا السودان في الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية ومنظمة التجارة العالمية، وكذلك السلام ومهددات الأمن القومي السوداني، وموضوع الديون الخارجية والسياحة.