والنواعم قديماً يضع (الدلوكة) بين اقدامهن، ويغنين بمتسع من البراح: (الليلة وين انا البي العصر مرورو)، بينما تضع احدى الفتيات (الطرحة) على وجهها خجلاً من رفيقتها التي تشير عند ذلك المقطع لحائط مجاور، هو حائط (محمد ود ناس فتحية) والذي تجمعه قصة حب مبتورة التفاصيل مع تلك (البنية أم طرحة)، وخلف الحائط يجلس (محمد) على بمبر صغير واضعاً يده على خده وهو يستمع لتلك الاغنيات، بينما كان والده (حاج التوم) يقوم (بتبريم) شاربه بشدة كلما وصل صوت اولئك الفتيات الى مقطع: (حبيبي جافاني ومشا ما جاني تاني...وما قدر حناني)، وعندما يلتفت اليه ابنه، يستدير حاج (التوم) بوجهه ناحية زوجته (فتحية) التي تغط في نوم عميق قبل أن يقول بحسرة: (زمن)...! ملاحظة: والعيد عند السودانيين قديماً كان مناسبة لا تخرج بأي حال من الاحوال عن (الحميمية)، بينما كانت تغيب كل (محبطات) تلك الحميمية، والتي من ابرزها الظروف الاقتصادية، التي اصابت اليوم تلك الحميمية في مقتل، وصار الكل يلهث خلف توفير (حق الخروف) و(حق البهارات) و(حق الضباح)...حتى (حق القش) صار هاجساً. علامة تعجب.! غريب أمر هؤلاء العشاق...فهم يختلفون تماماً مع اختلاف الايام، فقديماً كان العاشق ينتظر قدوم العيد بفارغ الصبر حتى يتسنى له رؤية محبوبته، متحججاً ب(المعايدة)، ويظل قانعاً ب(الشوفة) مرة في العام، واليوم وبعد أن صارت (الشوفة) متاحة، وصارت ايام العشاق كلها (اعيادا)...تم نعي الحب إلى مثواه الاخير.! حكمة: لكي يعود العيد في السودان تماماً كما كان في السابق، لابد أن تغيب كثير من الاشياء واولها (الموبايلات). قصة: طلب منهم قبل أن يذبح الخروف أن يمنحوه (الفشفاش والكمونية والمصران)، وبعد أن ذبح الخروف اكتشف انه خال من كل ما ذكر اعلاه، واكتشف اهل الاضحية فيما بعد أن ذلك الخروف قام ببيع (اعضائه) قبل الذبح..!! زول عجيب: قام بشراء الخروف...رفض أن يجلب (ضباح) وقام بالذبح والسلخ لوحده، كما قام بتقطيع اللحم لوحده وأكله لوحده كذلك، أخذ (الجلد) وصنع منه سجادة، وأخذ الرأس ووضعه داخل الثلاجة ليعود له بعد مدة، بينما ادخل (كوارع) الخروف في (جردل) ليصنع منها وجبة أخرى، بصراحة استفاد من كل اجزاء الخروف بصورة غير عادية، حتى (صوته) وضعه كنغمة على جواله قبل أن يذبحه بدقائق.