عندما تم تعيين الأستاذ لقمان أحمد مديراً للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون استبشرنا خيراً لما سمعناه عنه، لكن ما أن تسلم الرجل مهامه حتى رأينا عجباً، فمن تعشمنا فيه صلاحاً يخرب، من قلنا إنه يُمكن أن ينجح يخفق. حال التلفزيون القومي بعد الثورة المجيدة لايسر أحداً، حيث برامجه فطيرة، ونشرات إخباره موجهة وسقطاته المهنية كثيرة، والسخرية من حاله في (الوسائط) كثيفة. سقطات التلفزيون القومي لا تنتهي، بدءاً من رفع أذان المغرب قبل وقته بعشر دقائق في شهر رمضان المعظم، وقبل أيام تفوه أحد ضيوف برنامج (حوار البناء) الذي يقدمه مدير التلفزيون بلفظ نابي… إلخ تلفزيون السودان أصبح يفتح أبوابه لكل من هب ودب دون الرجوع لمعايير الاستضافة، فمن وجهة نظر القائمين على أمر البرامج السياسية أن كل من شتم (سنسفيل الإنقاذ) ينفعُ محللاً سياسياً، وكل من هتف في ميدان الاعتصام بالضرورة مثقفاً يمكنه أن يحدثنا عن أدب الثورة، وكل صاحب حنجرة قوية يرتدي (بنطالاً) ضيقاً فهو فنان لا بد أن ينعقُ في التلفزيون… إن أسباب سقوط التلفزيون واضحة للعيان من حيث الضعف والتردي في البرامج والضيوف، وعدم القدرة على مخاطبة الجمهور بقضايا تلفت انتباهه وتشده لمشاهدة التلفزيون، وقد سمعت من كثيرين أنهم لا يديرون محرك الريموت كنترول لمشاهدة تلفزيون (لقمان) ، لأن ما يقدمه من محتوى لا يرقى للمشاهدة. إن إعادة النظر في طبيعة البرامج السياسية والاقتصادية والفنية أمر مطلوب حتى يعيد التلفزيون ثقته لدى المشاهدين، كما لا بد من إطلاق برامج جديدة تناسب الذوق العام. استجلب تلفزيون لقمان عدداً من أنصاف الموهوبين لتقديم بعض البرامج والنشرات الأخبارية، فإذا بهم يقعون في أخطاء كارثية، جعلت القناة محل تندر وسخرية، فمن تعاقد معهم (لقمان) ليس لديهم أدنى علاقة بالإعلام، فالإعلام مهنة مقدسة لا يوفي حقها إلا القلة.. وهؤلاء دخلاء على السلطة الرابعة. حتى أكون منصفاً هنالك بعض الإداريين والمذيعين الجيدين في تلفزيون السودان من ذوي الخبرة، تم تحجيم دورهم بواسطة الإدارة باعتبارهم (فلول النظام البائد). إنني اُهمس في أُذن لقمان بأن يكف عن سياسات الإقصاء والتهميش والشخصنة، إذ إن في التلفزيون كفاءات وطنية راقية وعالية المستوى يمكن أن تساهم في دراسة واقع الحال المتردي للتلفزيون القومي، وبإمكانها أن تعيد التلفزيون إلى الطريق الصحيح. مؤسف جداً أن تظهر شاشة القناة القومية مهتزة وكاننا في ستينيات القرن الماضي ايام الأبيض والأسود، محزن حد الألم أن تكون شاشة التلفزيون بهذه الصورة المخزية ونحن في عصر التقنية الحديثة والدقة العالية. في كل دول العالم يجد تلفزيون الدولة الرسمي دعما واهتماما من الدولة لانها تنقل به رسالتها وتوجه به مجتمعها إلاعندنا فقط تتدخل الدولة في حالة الإقالة وتعيين الإدارة..! على القائمين على أمر القناة القومية توفير الدعم اللازم، بتهيئة بيئة العمل الإعلامي، واستيراد الأجهزة المطلوبة للارتقاء بالبث، وزيادة كاميرات التصوير الحديثة لعمل نقلة في دقة الصورة. لابد ان تحدث نقلة نوعية في القناة القومية وذلك بإسناد الإدارة لأهل الشأن الإعلامي بعيداً عن الترضيات، حتى تعود الشاشة جاذبة ببرامج شيقة ترضى مشاهديها.