تقرير: هالة حمزة تبنت الإنقاذ منذ مجيئها شعار الخروج من السوق وإفساح المجال للقطاع الخاص (تستحوذ شركاتها على الجعل الأكبر من التمويل المرصود لها بالموازنة) بما يعرف بسياسة التحرير الاقتصادي ولكن هذا الشعار ظل شعارا مجردا ولم يتحرك قيد أنملة نحو التحقيق باستثناء القليل الذي أعلنت رئاسة الحكومة الخروج منه (22) شركة وهيئة حكومية (مقارنة بالعدد الكلي منها الذي أكدت الإحصائيات السابقة أنه يربوعن (600) شركة وهيئة) ولكن لم يتحقق ذلك إلى الآن، ربما تكون خاضعة إلى إجراءات التصفية أو إلى إجراءات أخرى لا نعلمها بسبب غياب الشفافية في تمليك المعلومات اللازمة حولها للإعلام . وقد استهدفت الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2012 ربطا مقدرا لعائدات الاستثمارات الحكومية (رغم إعلانها المسبق بالخروج نهائيا من النشاط التجاري) بمبلغ (119) مليون جنيه بنسبة نقصان حوالي (40)% من اعتمادات عام 2011 البالغ (200) مليون جنيه بنسبة تصل إلى (11) % من إجمالي الفوائض والأرباح للهيئات العامة والشركات الحكومية، وبالطبع فقد بررت الحكومة في دفوعاتها أسباب النقصان إلى ارتباط الربط بانعقاد الجمعيات العمومية لمناقشة الحسابات الختامية المراجعة لتلك الشركات وتقرير بشأن توزيع الفوائض والأرباح على المساهمين . ويرى المراقبون الذين تحدثوا ل"السوداني" أن الحكومة إن كان لبد لها من الاستمرار في مزاحمة القطاع الخاص في السوق والنشاط التجاري فعليها التحقق من حجم أرباح تلك الاستثمارات وإدراجها في الخزينة العامة خاصة وأن البلاد تعاني من مشاكل شح الإيرادات بسبب الانفصال . ولعل الملاحظات التي أكدها التقرير الأخير للمراجع العام لعام 2010 تستوجب الوضع في الاعتبار حيث اشار إلى أن بعض العمليات الاستثمارية التي تقوم بها الحكومة بمعزل عن ديوان الحسابات القومية بوزارة المالية فضلا عن عدم إجراء قيود محاسبية للمبالغ التي تسدد من الأرباح لجهات أخرى مثل التصنيع الحربي والسكة الحديد، وعمليات السلم، كما أمن على أن المبالغ المدفوعة مقدما لوزارة المالية من الشركة السودانية للاتصالات المحدودة في 2010 خصما على الأرباح يحسب عليها هامش تمويل بنسبة (6)% في العام بلغ (4,5) مليون دولار خلال عام 2010 مما يترتب عليه عبئا ماليا إضافيا لوزارة المالية وأوصى في ذلك بأن تثبت نتائج نشاط الاستثمار في حسابات الحكومة حتى تتحقق الصورة العادلة والحقيقية لحساب الدولة الختامي ومعالجة آلية السداد المقدم من الشركة السودانية للاتصالات لوزارة المالية حتى لا يؤدي الوضع الحالي إلى عبء مالي إضافي على الوزارة وتفعيل قانون الإجراءات المالية والمحاسبية فيما يتعلق بالاستثمارات الحكومية وحصر الوحدات التي تساهم فيها الحكومة والوقوف على أدائها ودراسة أوضاعها والتصرف فيها وفق مآلات تلك الدراسات تحقيقا للفائدة المرجوة. ولعل أخطر ما أشارت إليه الموازنة العامة المقبلة هو أن (51) مليون جنيه من أرباح (15) شركة حكومية تقوم بعد الفراغ من انعقاد جمعياتها العمومية لمناقشة الحسابات الختامية المراجعة لها بتدوير جزء من أرباحها في رأس المال واستثمارها في تنمية وتطوير نشاطاتها، وتشمل الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل)، وشركة أرياب للتعدين ،والعربية للزيوت النباتية ، والشركة العربية للتعدين ، والشركة العربية للصناعات الدوائية (أكديما) ، وشركة إنتاج وتصنيع الدجاج العربي ، وشركة المناطق والأسواق الحرة ، والشركة العربية للبذور، وشركة التنمية الريفية السودانية ، وشركة الفنادق السوداني الكويتية ، وشركة شنغهاي سودان للأدوية ، والشركة الوطنية للبترول ، وشركة مصفاة البترول ، وشركة الصمغ العربي ، والشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية ، ومشروع تنمية جبل أولياء (سندس) (في طور التحويل لولاية الخرطوم للمساهمة في إنتاج الغذاء والأعلاف واللحوم والألبان والدواجن بالولاية للحد من الفقر وتوفير التوظيف). في حين أن تقرير المراجع العام القومي كان قد وجه انتقادات حادة لعملية تحويل الأرباح مباشرة لجهات أخرى بدون إخطار ديوان الحسابات القومي لإجراء التسويات اللازمة وإثبات تلك العمليات بالسجلات.