ياويح قلبي وتر ؛؛ فتر شج الأماسي خبر حجر عكر ينابيع الصفاء؛؛ وإتحتت أوراق الشجر كل العصافير التي تعرف تماماً… مصطفى؛؛؛؛ تعزف سلاماً يابلد… *** سكت المغني سكت سكت بكت الكمنجات،، اتكت *** دخلت صندوق البريد ؛؛؛ جواب مرسل للأرض تلك التغطت بالتعب ياضحكة وسط …الزمجرة ياحنجرة …يافنجرة …. حلو الكاسيت تلو الكاسيت فلنستمع كي ننبسط هل نقتنع إنك رحلت إلى الأبد هل نقتنع …؟؟؟؟ يااااا…….مصطفى؟؟؟؛ الراحل : محجوب شريف في بداية الثمانينات ظهر فنان استثنائي ومميز كان إضافة نوعية في خارطة الغناء السوداني . إنه الشاعر والأديب والإستاذ والملحن والفنان الإنسان: مصطفى سيد أحمد المقبول، والدته الحاجة ست الجيل، له أخ وحيد هو المقبول، وله سبع إخوات، تزوج من السيدة بثينة خضر ( أم ولديه) سيد أحمد وسامر. عمل بالتدريس ببورتسودان ثم عمل مصمم أقمشة بمصنع النسيج السوداني، لأنه مربي وإنسان بمعنى الكلمة كفل كثيرا من الأيتام والأرامل والمساكين سراً دون أن يشعر به أحد، لا ينتمي لأي جماعات أو حزب سياسي أو ديني. غنى لكثير من الشعراء دون مراعاة لانتمائهم الحزبي، غنى للوطن وللحبيبة الوطن بالشعر الرمزي، ولأنه جاء من بيئة قروية حيث تربى ونشأ وترعرع في قرية (ود سلفاب) غرب الحصاحيصا. كان باراً بوالديه ومحبا ورؤوفا لأخواته البنات وكل أفراد أسرته . في مرحلته الأولى ظهر كفنان عادي بمهرجان الثقافة الأول في أواخر سبعينات القرن الماضي، مع عثمان الأطرش وعبدالمنعم الخالدي، والأمين عبدالغفار وآخرين. تغنى بداية بأغنية (الشجن الأليم) لملحنها محمد سراج الدين ثم أغنية ( المسافة) وبعدها أتت أغنية (لمحتك) (مهما هم تأخروا) ثم (ياسلام عليك) (وتاني تاني) (وصابرين يا ضلنا). التقى بشعراء كثر في مشروعة الحلم، ومن هولاء الشعراء على سبيل المثال لا الحصر : – هاشم صديق، قاسم أبوزيد، يحيى فضل الله، أزهري محمد علي، القدال، حميد، مدني النخلي، صلاح حاج سعيد، نجاة محمد عثمان، مظفر النواب، وآخرون. مصطفى كان معلماً وشاعراً، متواضعاً، أسس بتواضعه المتناهي علاقة حميمة مع جمهوره وأثبت التزاماً مبدئياً تجاه الفقراء والبسطاء الذين حدد أن تكون أغانيه تعبر عنهم . في إحدى حفلات مصطفى الجماهيرية، كانت زوجته بثينة خضر التي أنجب منها سامر وسيد أحمد، كانت حضوراً في الحفل، أثناء الحفل أعجبتها أغنية كان مصطفى يؤديها، فذهبت تبشر لزوجها مصطفى منبسطة وضاحكة … فبعدها كتب مصطفى أغنيته الرائعة بسيمة ضوء وغناها مصطفى بعد أن لحنها بنفسه ويقول مطلع القصيدة :- رسمت في وجيها بسيمة ضوء بتغالط في الزمن القاسي بتعاتب في الغنوة الصعبة في لحن حزين ووتر موجوع بحكي إحساسي تسأل عن شدو الأفراح يمكن لجراحنا بكون أسى يابت يا نيل العاشقك عاشق كل الفيك جرحنا عتابك ياباكية وعايزنا نغني عن الأفراح خلينا من الفرح الزائف بتعود أيامنا وأفراحنا ونلقى براح. بعدها جاءت مرحلة إبداعه وانتشار أغانيه العاطفية والوطنية فقدم عمنا الحاج ود عجبنا (في زمن حظر التجول) للفرجوني ورائعته المميزة (عم عبدالرحيم) للشاعر حميد التي كان الراحل محمد وردي يريد أن يقدمها ويخرجها في شكل (أوبريت ) يغنيها عدد من الفنانين . يعتبر الفنان والملحن مصطفى سيد أحمد من القلائل الذين فرضوا أنفسهم على الساحة الفنية السودانية، حيث أنه درس الموسيقى بمعهد الموسيقى والمسرح سابقاً وتخصص في الصوت … وكانت كل ألحان قصائده تختلف عن بعضها بلحن مميز فلحن (الصباح الباهي لونك) يختلف عن لحن (صابرين) يختلف عن لحن (الطيور) التي تختلف عن لحن (غربة ومطر) تختلف عن (وجيدة) وهكذا … تعامل مع كثير من الشعراء وتميز بأعماله الكثيرة وإنتاجه الغزير من القصائد…التى قاربت الأربعمائة قصيدة منها ما لم ينشر حتى الآن، وما زالت تحتفظ بكل ذلك الإرث الفني زوجته بثينة خضر كما ذكر لي صديقي الشاعر مدني النخلي. تغنى له الفنان محمد جبارة بمرثيه قال فيها:- (يا حروف الكتابة …ياجرف الغلابة..ياحسن الربابة) مصطفى ود سيد أحمد ياالصبح البيفقع كان مليت بيطلع ياعش القماري الغوغد عصاري مصطفى ود سيدأحمد ياواقف براك شامخ في علاك مصطفى ود سيد أحمد الكلمة التحدي النغمة التصدي مصطفى ود سيد أحمد الحقيقة في البيت الحديقة ياسامر غناك – يامنبع بكانا أفراحنا الجميلة …الشجن الأليم ياحرف الكتابة …ياجرف الغلابة …ياحسن الربابة مصطفى أنتج إنتاجاً غزيراً من القصائد، حلم كثيراً بالغد المشرق وغنى (بكرة الفرح يوماتي، بكاتل حزن أطفال) حمل عناء المرض وصبر عليه وعناء الوطن وجراحاته، وعناء الغربة وقاسى مسافات الزمن. كان يحس يومياً بقرب موعد رحيله من الفانية، بعد جلسات الغسيل للكلى بمستشفى الدوحة، وكان يومياً ينتج عملا جديدا ودائماً يحتضن العود ويغني بصوته الواسع المدى، كما ذكر لي صديقي عبدالرحمن نجدي، فكان ملتزماً ومتمسكاً برسالته إلى آخر رمق له. أذكر أن الراحل مصطفى سيد أحمد له صلة قرابة بأسرتنا الكريمة حيث كان صديقا وأخا للوالد د. أحمد عبدالله محمد والخال د. مبارك بشير، وكان من المفترض يغني في حفل زواجه … لكنه اعتذر في آخر لحظة بلطف وذوق للخال على عدم مقدرته على الغناء بمناسبة زواج خالي وذلك لشدة المرض عليه حيث أصابته الملاريا اللعينة آنذاك، في عام 1990 . وأتذكر أيضاً أنه نصحني وانتقدني وذلك حينما كان يجلس بالقرب من ديوان جدي الحاج بشير سلمان (رحمه الله) ويدندن عوده ويخرج نغماً جميلاً فجئت أنا ماراً بالقرب من الديوان في منزل جدي بشير سلمان بشمبات الجنوبية – بحري وكنت آنذاك أدرس في الأساس وقمت بتقليد مصطفى في أغنية (غدار دموعك) فعلق مصطفى ضاحكاً وانتقد حدة وطبقة صوتي وقال لي: (أنت لا تنفع فنان ياخالد بصوتك هذا) فضحكنا سوياً! مصطفى بتجربته الثرة (ومشروعه العملاق) في خارطة الغناء السوداني، بإنتاجة الفني الغزير، ظل تأثيره على كثير من الأجيال السابقة واللاحقة في عصرنا هذا . إن مصطفى ما زال يمشى الآن بيننا، ويحرض للتغيير والاستقرار ونمو وتطور وتقدم السودان، بالسلام الشامل والعدل والديمقراطية المستدامة، وتحقق فيه المضامين والرسائل التي شدا وتغنى بها حتى مماته. ألا رحم الله مصطفى في عليائه وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . مصطفى … كان مهذباً عفيف اللسان، حريصا على انتقاء كلماته، وبموته فقد السودان فناناً حقيقياً ذا مشاعر فياضة، واهتماما حقيقيا بوطنه ومواطنيه. أستاذ باحث بأكاديمة السودان للتدريب الإعلامي