محمد علي عثمان؛ سائق حافلة (هيس)، قال لنا: لقد وصلت إلى صف محطة الوطنية ب(جاز المصافي) قادماً من الكلاكلة لكن ها هو المسؤول وبكل بساطة يقضي على كل آمالنا، بأن المواطنين لا حظَّ لهم في هذه الحصة وأن عليهم أن يتوجَّهوا إلى محطة أخرى لتعبئة عرباتهم.. وتساءل الرجُل لماذا لا يذهب صندوق دعم الطلاب وغيره من مؤسسات الدولة إلى إدارة المخزون الاستراتيجي ويطالب بما شاء من وقود؟، لماذا تكون (كوتاته) خصماً على حصة المواطنين البسطاء؟، مُنوِّهاً أنه سيذهب مباشرةً للسوق السوداء لشراء الكمية التي تجعله يكسب قوت عياله، ومؤكداً بالمقابل أنه سيزيد تعرفة المواصلات من 10 إلى 15 جنيهاً وقال (أي مواطن مُتظلِّم يمشي يشتكي للحكومة). بين اهتمام بالخرطوم واهمال الولايات أما "عبد الرحيم صلاح" سائق حافلة (14) راكب يعمل في خط (تمبول – الخرطوم بحري) فيقول ل(السوداني): قبل أن تطل أزمة الوقود بولاية الجزيرة وهي للعلم مستمرة لأكثر من شهرين ومازالت؛ كُنا نقوم بتعبئة (عرباتنا) من أي محطة وقود بدءاً من تمبول نفسها ومروراً بالمحطات المُتراصة على طول شارع الخرطوم – مدني الشرقي، لكن ما إنْ استفحلت هذه المشكلة أصبحنا نعتمد فيما نستهلكه من جازولين على ولاية الخرطوم، لأنَّ اهتمام (الحكومة) بالخرطوم لا يساوي (رُبع) اهتمامها بالولايات الأخرى. (حسب الزنقة!!) (عبد الرحيم) أشار إلى نقطة غاية في الخطورة حين قال: أنا أعرف عشرات الزملاء ممن يعملون في (الحافلات) و(الدفارات) و(البكاسي)، تركوا عملهم بالنقل وأصبحوا (يتاجرون) في الوقود بأنواعه، لأنَّه يدرُّ عليهم أرباحاً خالية، ربما يكسب الشخص في يوم واحد ما يفوق ما يدخِّله في أسبوع في حال عمل في نقل (الرُكَّاب) والبضائع، مُضيفاً أن أغلب هؤلاء (يُعبِّئون) من الخرطوم و(يُسوِّقون) في الولايات. ونوَّه إلى أن المواطن هو المتضرَر الأول والأخير من هذه (الفوضى) لأنَّ الانتشار الكثيف للسوق السوداء فيما يخص الوقود بالولايات يؤدي مباشرة إلى زيادة تعرفة تذاكر السفر ونقل البضائع. مُستدلاً بالخط الذي يعمل به وهو (تمبول – الخرطوم بحري) حيث قال إن تذكرة (الحافلة) صعدت من (80) إلى (150) جنيهاً، أما (الصوالين) أربعة ركاب فزاد سعرها من (100) و (120) جنيهاً إلى (200) و(250) حسب (الزنقة) – على حدِّ قوله. ليموزين لتهريب البنزين!! عاطف خليل سائق التقته (السوداني) بطلمبة النحلة بضاحية بري شارع عبيد ختم، قال إنه في هذه الأيام نشطت ما تسمى ب(عربات الليموزين) تعمل في نقل الركاب بين الخرطوموالحصاحيصا بتعرفة مائة جنيه في ظل غياب البصات التي توقف معظمها بسبب أزمة الوقود، وأضاف عاطف أن نفس العربة التي تأتي من الحصاحيصا تذهب بعد وصولها الخرطوم للوقوف في صف الوقود وبعد التزود تأتي للميناء البري للبحث عن رُكاب للجزيرة، ولتوصيلهم وبيع الفائض من الوقود بالسوق السوداء بالجزيرة ب(300) جنيه لجالون البنزين. مؤكداً أن سيارات الليموزين اصطادت عصفورين بحجر. نفس الملامح والشبه وأكدت جولتنا أمس بمحطات الوقود بالعاصمة الخرطوم أن صفوف السيارات بكل أنواعها في ازدياد مطرد، ورجَّح عاملون بمحطة النحلة للوقود بضاحية بري أن يكون سبب ذلك هو (غزو) عربات الولايات خصوصاً المتاخمة للخرطوم، للتزود بالوقود من محطات العاصمة باعتبار أنه ومهما بلغت فيها الازمة فإنها أحسن حالاً من الولايات (المنسية) من قِبَل الحكومة. ذات الصفوف التي وجدناها بالنحلة تكررت بمحطات المُقرن بالرياض، أويل ليبيا أم درمان بانت، حيث هنالك شبه إجماع على تطاول الصفوف سببه تسريب الوقود إلى السوق الأسود بالعاصمة والولايات. كشف المستور عامل بمحطة وقود شهيرة بالخرطوم شرق قال - ل(السوداني) – مفضلاً حجب اسمه- إن أزمة الوقود التي تزامنت مع بداية الشهر الحالي بالعاصمة تمت معالجتها خصماً على حصص الولايات، واستدل بأنه رغم الكم الهائل من العربات الواقفة أمام محطات الوقود إلا أن أغلبها تتناول حصتها من الوقود، وأكد أن الكمية التي تم ضخها مؤخراً تفوق ما كانت تضخه وزارة النفط في الأوقات العادية، وقال ضاحكاً (ناس الولايات بقطعوا مشاوير طويلة عشان يجوا يكبوا وقودهم من ولاية الخرطوم)، مشيراً إلى أن في ذلك إهدار للوقود نفسه حيث كان الأفضل أن تصلهم حصصهم في ولاياتهم وحتى لا يزيدون معاناة سكان ولاية الخرطوم، ولا يهدرون وقتاً ثميناً من زمنهم. كلمة موظفي المحطات وقال موظف بمحطة المُقرن -حي الرياضالخرطومجنوب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا- ل (السوداني) إن حصتهم من الجازولين والبنزين لم تأتِ بعد، متوقعاً وصول الناقلات في الفترة المسائية، وأكد أن الحصة المقررة لهم أصلاً لم تعد تصلهم كاملة حيث تم تقليصها من (10,000) جالون إلى (4,000) جالون بنسبة نقصان تجاوزت النصف عما كان عليه سابقاً، وأشار إلى أن الكمية المسموح بها من الوقود للعربات الملاكي، ومركبات المواصلات العامة تصل لملء (التنك) عكس ما يُقال إن هنالك سقفاً محدداً بقيمة (مائة وأربعين جنيهاً) للملاكي وآخر للمركبات العامة من حافلات وما شاكلها. ويقول "قادم" وهو موظف بمحطة وقود أويل ليبيا بأم درمان إن شُح الجازولين بالمحطات يرجع إلى تركيز الجهات المسؤولة عن الوقود على ضخه في محطات الوقود الطرفية، وأكد قادم أن المحطات الطرفية لأن البصات السفرية والشاحنات والمقطورات غير مسموح لها بالدخول لقلب العاصمة لأخذ حصتها من الجازولين، وذلك لكي لا تتأثر بانعدام الوقود وتتوقف عن الرحلات السفرية فيكون الضرر أكبر فيصيب وابل الأزمة الولايات، بمعنى أن الشاحنات تنقل البضائع فتوقفها عن العمل يعني توقف الحياة لنقلها السلع الاستهلاكية والمواد التموينية لذلك ركزت الجهات المُختصة على توفير الحصة كاملة لأصحابها، واختتم قادم حديثه بنصيحة من يريد الجازولين عليه بتصيد المحطات ليلاً حتى يجد. وزارة النفط.. بكُلٍّ تداوينا مصدر بوزارة النفط والغاز تحدَّث ل(السوداني)، أمس - مُشدِّداً على حجب اسمه- ، قائلاً: إنَّ الحصة الثابتة والمعروفة والكافية لولاية الخرطوم من الوقود هي (1700) متر مُكعَّب، لكن بعد الأزمة الأخيرة تم رفع الكمية إلى (2500) متر مكعب، وعندما تفاقمت الصفوف وصلت كمية الضخ إلى (4500) متر مكعب، لكن عندما رأت الوزارة أن كل هذه الكمية لم تقضِ على الأزمة تماماً، بسبب هلع المواطنين وتسريب كميات من الوقود، قررت الوزارة العودة بالكمية إلى أصلها وهو (1700) متر مكعب في اليوم، على أن تذهب بقية الزيادة إلى دعم وقود الزراعة بالولايات. ومضى محدَّثنا بقوله: إن الوزارة لا تقوم بمراقبة المحطات فمهمتها تنحصر فقط في توفير الوقود وتوزيعه على شركات البترول وإعطاء كل شركة حصتها، لافتاً إلى أن الولاية بها أكثر من 260 محطة وقود إذا استنفر الوزارة جميع موظفيها لمراقبة المحطات فلن تغطيها، منوِّهاً إلى أن جهاز المراقبة الموجود بالوزارة يقوم بمراقبة المستودعات وحصص الشركات وإن كانت هنالك شركة قاربت حصتها على الانتهاء، ومراقبة البواخر القادمة وتحديد الأماكن الفارغة التي يمكن أن يتم وضع الوقود بها ومتابعة العربات التي تأتي لنقله إلى الشركات، موضحاً أن هنالك إدارة تسمى إدارة البترول تتبع لولاية الخرطوم وإدارة الأمن الاقتصادي هي المسؤولة عن مراقبة المحطات والتجاوزات عبر برنامج حوسبة إلكتروني يقوم بوضع إخطار وتحديد اسم وموقع المحطة ويتم إبلاغ الشركات المسؤولة عن تلك المحطات. بُشرى سارة مُتحدِّث من إدارة البترول بولاية الخرطوم قال -إنه ليس مُخوَّلاً له الحديث ولذا لن يُفصح عن اسمه- ل(السوداني)، أن إدارته بالتنسيق مع الجهات المختصة، تعمل ليل نهار لمنع تسريب الوقود ومحاربة السوق السوداء لكن هذا لا يعني أنهم يجزمون بعدم التسريب للسوق السوداء؛ لأن هذا سلوك يُمارس في الخفاء ومن المستحيل القضاء عليه نهائياً خصوصاً وأن أصحاب النفوس الضعيفة ينتظرون مثل هذه الأزمات بفارغ الصبر، مشيراً إلى أن مشكلة الوقود في طريقها إلى الانفراج النهائي بعد استئناف العمل بمصفاة الجيلي. وقال إن استخلاص الوقود يتم عبر عملية كيميائية صعبة جداً ومعقدة وتخضع لدرجات حرارة محددة يتم تقسيمها لنظام الساعات لكل مرحلة زمن محددة إلى أن تصل إلى درجة التسخين العليا وبعدها يستخرج الجازولين أولاً ثم البنزين وأخيراً الغاز.