بين هجوم المُواطنين ودفاع المسؤولين يبدو أنّ (المسلسل) الذي دخلته حاجة "مُنى"، أول أمس الاثنين، قد سبقها عليه مئات المواطنين الذين تركوا أعمالهم لأيامٍ من أجل الحصول على لقاح الحمى الصفراء، فتكدَّس المكان وغاب النظام لتحل مكانها الفوضى والعشوائية ونشطت عبارة (القوي ياكل الضعيف)..! طالبو الخدمة يقولون إن إيقاع العمل يسير بطريقة سلحفائية ما يجعلهم (زبائن) دائمين يترددون لأيامٍ وأيام طلباً لخدمة يُفترض ألا تستغرق دقائق معدودة، لكن القائمين على الأمر بالقمسيون الطبي الخرطوم يُرجعون هذا التكدس لكثرة طالبي الخدمة من ولايات السودان كَافّة وذلك استعداداً لعمرة رمضان. وبين هجوم المُواطنين الذين يأتون مع إطلالة كل صباح ودفاع المسؤولين بالقمسيون الطبي، يتجمهر أمام البوابة عدد مهول تعالت أصواتهم بسبب إغلاق بوابة الدخول أمس الأول (الاثنين) وذلك لعدم وجود كروت حمى صفراء، في ظل تقاطر مُواطنين أتوا من مُختلف ولايات السودان، علماً بأنّ جلهم من النساء والرجال كبار السن وكل هذا في انتظار فتح البوابة وعمل الإجراءات في أسرع وقتٍ مُمكنٍ بسبب ضيق الوقت. كروت مُزوَّرة!! ويقول المواطن إبراهيم آدم الزين ل (السوداني)، إنّه ظلّ يتردّد على هذا المكان لعدة أيام دون أن يحصل على الكرت، لكنه أتى أمس الأول بعد أداء صلاة الفجر مُباشرةً لعل وعسى ينتهي من هذا (البرنامج) – حسب قوله - لكنه تفاجأ بإغلاق مباني القمسيون رغم أنّ اليوم (عمل) وليس عطلة، حيث وجد ورقة مُلصقة على بوابة القمسيون مكتوب عليها تنويه للمواطنين لا يوجد لقاح الحمى الصفراء اليوم الاثنين الموافق 7/5/2018م وحتى إشعار آخر.. وقال إنّ الكارثة الكبرى هي عدم تحديد وقت لاستئناف العمل ما يعني أنهم سوف يضطرون للمجئ يومياً لمبنى القمسيون الطبي لمعرفة استئناف العمل وبالتالي ضياع المزيد من الوقت في الانتظار مع احتمال انتهاء وقت التقديم الذي من أجله أتوا.. وأضاف إبراهيم أن هنالك عدداً من الأشخاص الذين يبيعون كروت حمى صفراء ولكن للأسف جميعها (مضروبة)!! ولا سيما أنّها تُباع بمَبالغ كَبيرة ما بين (600 - 800) جنيه، في حين أنّها تُباع داخل القمسيون الطبي ب (172) جنيهاً وهذا يُعرِّض الشخص للمُخاطرة مع إصدار القرارات الأخيرة من بعض السفارات والغَرض منها مُحاربة الكروت المضروبة والمُزوّرة، خطوة السفارات جيدة للتحقق من الكرت لأنّه من الصعوبة تمييز المُزوّر من الأصلي إلا بذلك الإجراء وهو إرفاق الإيصال المالي الخاص بالقمسيون مع الكرت. قرار السفارات من جانبه، أكّد موظف بالقمسيون الطبي فضّل حجب اسمه ل (السوداني) أنّ سبب ازدحام المواطنين هذه الأيام لاشتراط السفارة السعودية كرت الحمى الصفراء مرفقاً بإيصال من القمسيون الطبي عكس المواسم السابقة التي كان فيها أصحاب الوكالات هم من يقومون باستخراج الكرت ولأنه غير قانوني، ولذا طلبت السفارة السعودية بأن يكون الكرت مرفقاً بإيصال، مُنوِّهاً إلى أنَّ المُواطنين يتكدّسون في موقع الخرطوم وسط فقط رغم وجود مراكز أخرى بمنطقة بحري ومركز آخر بأمدرمان ومركز بمحلية أمبدة، ولا أرى سبباً لتكدُّس المُواطنين في هذا المركز فقط، كما أشار إلى أنهم يعملون أكثر من زمنهم الرسمي وأحياناً يخرجون من مباني القمسيون الطبي في ساعات مُتأخِّرة من الليل مُراعاةً لظروف المُواطنين القادمين من الولايات، وأبان أنهم لم يصرفوا مرتباتهم حتى الآن والساعات الإضافية أجرها لا يتجاوز (400) جنيه، بجانب صعوبة التعامل مع المُواطنين بمُختلف مُستوياتهم واستيعابهم للإجراءات، ومضى الرجُل بقوله إنّهم يُعانون من أزمة انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود جازولين لتشغيل المُولِّد الكهربائي بسبب نُدرة الجازولين هذه الأيام، وكشف عن سبب توقف اجراءات استخراج كرت الحمي الصفراء، وعزا ذلك لعدم وجود لقاح الحمى الصفراء، مُؤكِّداً أنّ يوم الخميس الماضي تم استخراج (1200) كرت حمى صفراء، كما تم استخراج (600) كرت بمحلية بحري، و(300) بمحلية أمدرمان، وأضاف قائلاً إنّهم في الآونة الأخيرة ظلوا يعملون ليلاً ونهاراً رغم أنّهم حتى اليوم لم يصرفوا مرتبات شهر أبريل، وربط الازدحام الحالي بالقرارات الأخيرة لبعض السفارات بضرورة إرفاق الإيصال المالي بكرت الحمى الصفراء لضمان صحته، ولا سيما أنّه يتم بيعه في السوق الأسود بمبالغ خيالية وفي الآخر يكون (مضروباً)، واختتم حديثه قائلاً: ويتراوح عدد التردد اليومي على كروت الحمى الصفراء ما بين (1500 - 2000) في ولاية الخرطوم. (روحنا مرقت!!) (السوداني) أجرت حواراً نشر أول أمس الاثنين مع مدير القمسيون الطبي بالخرطوم د. حيدر محمد آدم فقال إنه لا تُوجد مُشكلة لا في المصل ولا الكرت، لكن الإقبال على ولاية الخرطوم غير معقول، وأضاف: "نحن فترنا وروحنا مرقت من ناس الولايات"، وعلى أيِّ حال العمل بدأ يعود الى صورته الطبيعية، وعزا ذلك لأنّ إجراءات السفر تتم جميعها بالعاصمة، إضافةً لوجود السفارات والوكالات والمطار بالخرطوم، وأضاف أنّ هذه الأيام تحديداً عدد طالبي الخدمة كبير جداً بسبب اقتراب عمرة رمضان لذلك الضغط سيكون عالياً، وأفاد د. حيدر بأن هنالك عدداً من الدول منها مصر، السعودية، قطر، ماليزيا، الهند وجنوب إفريقيا، اشترطت تطبيق قرار إرفاق الإيصال المالي مع كرت الحمى الصفراء. وأقر مدير القمسيون الطبي بوجود تَكَدُّس، وأرجع سببه لأعطال في مطبعة الكروت، لكن الأزمة انفرجت منذ أيام وأنّهم يعملون بصورةٍ جيدةٍ جداً.