اتهامات أسمرا للخرطوم عدها كثيرون نوعاً من ردود الفعل بعد خطوة الخرطوم السابقة بإغلاق الحدود معها لجهة أن إرتريا تعتمد على الكثير من سلع الخرطوم وموادها الغذائية المهربة. رد فعل الخرطوم.. البرود سيد الموقف + (صورة وزير الخارجية الدرديري) الخرطوم إزاء اتهامات إرتريا لم تتخذ رد فعل متشنج واتسم رد فعلها بالبرود، فأعربت الخارجية في بيان لها عن استغرابها، ووصفت الاتهامات الإترية بمجرد إدعاءات، وأكدت أن ما صدر عن وزارة الإعلام الإرترية، اتهامات ملفقة لا أساس لها من الصحة. وتأسفت على استمرار أسمرا في إطلاق تلك الاتهامات. وأكدت وزارة الخارجية التزامها التام بانتهاج سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية في تعاملها مع جيرانها والدول الشقيقة والصديقة، المبنية على أساس الاحترام المتبادل، ومراعاة القانون والأعراف الدولية، كما شددت الخرطوم على استمرار السودان كطرف فاعل في جهود تحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم. توقيت الاتهامات.. المفارقة الجديدة + (صورة شكري) الاتهامات الإرترية مؤخراً أحدثت مفارقة في المشهد لجهة انتفاء مبررات إطلاق اتهامات في هذا التوقيت الذي يشهد تحسناً إيجابياً في علاقة السودان بأطراف الأزمة الإقليمية التي سعت إرتريا للحديث عنهم بالوكالة كما يصفها الكثيرون. فالخرطوموالقاهرة أخذت العلاقة بينهما تصفو بمعدلات أسرع في أعقاب زيارة الرئيس البشير إلى القاهرة في مارس الماضي بالإضافة إلى انخراط إثيوبيا ومصر والسودان في أكثر من اجتماع حول ملف سد النهضة والخروج في كل مرة بأمل جديد للوصل إلى اتفاقات، الأمر الذي يوحي بأن ثمة خيارات أخرى ليس من بينها التطرف والتعقيد أو التشدد في المواقف. كذلك شهدت الفترة الأخيرة زيارة لممثلين رفيعي المستوى من الإمارات والمملكة إلى الخرطوم، الأمر الذي يسهم في التقليل من حدة أي سوء تفاهم أو التباس في المواقف، خصوصاً وأن الخرطوم أراحت الجميع بإعلانها بشكل واضح عدم وجود أي قواعد عسكرية تركية على أراضيها. كما أن الاتهامات الإرترية الأخيرة جاءت في وقت أثار سخرية المراقبين لجهة أن أسمرا سعت للتقارب مع القاهرة على حساب الخرطوم التي برز تقاربها مع إثيوبيا بشكل أكثر وضوحاً، وهو ما تجاوزته القاهرة بتأكيدات وزير الخارجية سامح شكري، أمس، بأن مصر تعمل على بناء الثقة مع السودان وإثيوبيا حول قضية مهمة ترتبط بمستقبل شعوب الدول الثلاث، وهو نهر النيل، موضحاً أن مصر تعمل على كيفية إدارة قضية سد النهضة عقب توقيع اتفاقية المبادئ في الخرطوم، مشيراً إلى أهمية الاتفاق على تحريك المسار الفني وفق إطار زمني محدد. وهو ما يشير إلى أن المراهنة الإرترية على مواقف مصرية مساندة في جو عدائي مع الخرطوم لن تكون في القريب العاجل بحكم لغة المصالح المشتركة. ماذا يريد أسياس أفورقي؟ (صورة البشير مع رئيس الوزراء الإثيوبي) من بروكسل يذهب الناشط الإرتري والمحلل السياسي أحمد نقاش في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن النقطة الأساسية التي يمكنها تفسير موقف (أفورقي) أنه يتعامل مع السودان بسياسة "خلق مشكلة؛ واضغط؛ ثم اطلب" ولهذا السبب يحتفظ دائماً بعناصر المعارضة السودانية. كاشفاً عن أن أفورقي في الأزمة الحالية هو مجبر على الانقلاب بسبب تحالفاته الإقليمية التي هو جزء منها التي تبنى على من يدفع أكثر، وأضاف: كما أنه مؤمن بأنه قادر على إعادة علاقته مع الخرطوم في الوقت الذي يريد، وذلك عبر استراتيجية خلق مشكلات والضغط ثم إعادة العلاقة. تفسيرات نقاش عززتها تحليلات أخرى كشفت عنها مصادر إثيوبية مقربة من دوائر صنع القرار، وكشفت في حديثها ل(السوداني) أمس، أن أفورقي يريد التفاوض ليس إلا، ويطلق تلك الاتهامات للحصول على فرصة للتفاهم مع الخرطوم بعد وضوح حجم الانسجام السوداني الإثيوبي، ومما يشكله ذلك من خطر عليه حال رفع السودان يده عن حفظ التوازن بين إثيوبيا وإرتريا، مدللاً على ذلك بالكشف عن جولة مباحثات سرية تمت بين ممثلين للحكومة الإثيوبية وبين ممثلين لحكومة أفورقي في ظل التوجه الإثيوبي الجديد لفتح صفحة جديدة مع إرتريا، مؤكداً أن أفورقي أقبل على التفاوض وحدد مطالبه في بندين رفضهما رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد جملة وتفصيلاً - لم يفصح عن البندين -، وأضاف: أفورقي طالما جلس مع أديس أبابا فإنه سيسعى للجلوس مع الخرطوم، لذا فإن اتهاماته تلك مجرد إلهاء ليس إلا لتلتقط الخرطوم المبادرة. عداء واتهام أسمرا للخرطوم لا يبدو منطقياً بحكم أن إرتريا محاطة بدول معادية بفعل سياسات حكومتها كما يرى المعارضون لها، ويذهب الفريق يوسف عثمان إسحق في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن سر عدائية أفورقي تنبني على شعوره بتزايد أدوار الخرطوموأديس أبابا من حوله في وقت يعتبر فيه أسمرا وريثة للقرن الإفريقي أو البحر الأحمر؛ لكن ظروفها الداخلية ومشكلاتها الداخلية وإمكاناتها تحول دون القيام بأعباء الوراثة، وأضاف: إرتريا لا تستطيع أن تشكل تهديداً للخرطوم إلا بالاعتماد على القواعد الأجنبية في البحر الأحمر، لكن الدول صاحبة تلك القواعد لها حساباتها الأخرى التي تجعلها غير حريصة على خسارة الخرطوم. وأردف: المصريون هم من أدخلوا أفورقي للعبة، التي يسعون من خلالها لشد أطراف السودان، عبر إرتريا تارة وجنوب السودان تارة أخرى، بالإضافة إلى حفتر ودارفور. الموقف الإرتري.. دلائل الحرب بالوكالة (صورة أفورقي) المحللون الإرتريون المعارضون لنظام أسياس أفورقي يذهبون إلى أن الاتهامات الإرترية تزامنت مع اشتعالات داخلية تؤرق الحكومة الإرترية لذا فإنها سعت لاستغلال أقرب الفرص بخلق عدوٍ خارجي تستطيع من خلاله تحقيق تماسك الجبهة الداخلية. مشيرين إلى تفاعلات المجتمع الإرتري مؤخراً بآخر القضايا وتتمثل في أزمة مدرسة الضياء، وما يجره موقف الحكومة الإرترية من حدة استقطاب ديني لم يكن معهوداً، ويرون أن أفورقي يدرك جيداً أنه أمام تحدي انتفاء مبررات الشرعية الثورية في ظل غياب الشرعية الدستورية لانعدام حتى المؤسسات المعنية بتصدير تلك الشرعية. بعيداً عن التحليلات قريباً من الوقائع فإن علو الصوت الإرتري وبروز العدائية، ارتبط بظهور الرئيس أسياس افورقي في الفضائية الإرترية أواخر يناير الماضي، معلناً استنكاره للوجود التركي في سواكن على خلفية زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم، واعتبر حينها أفورقي أن الوجود التركي يمثل تهديداً للأمن الإقليمي. وقتها أكد محللون إرتريون أن حديث الرجل يجيء في سياق التذكير بوجود دولته في ذات المنطقة الحساسة لدى الكثير من الدول وأنها بمثابة المعادل الموضوعي والجغرافي للوجود التركي في القرن الإفريقي، ووصفوا حديثه كمحاولة لمغازلة مخاوف بعض الدول العربية من أنقرة. تفاعلات الخرطوم السابقة + (صورة أفورقي بالكاكي) الخرطوم عقب تلك التصريحات بدت أكثر تركيزاً على ما بين السطور، فسارعت بالكشف عن تهديدات أمنية متوقعة من مصر وإرتريا بعد تحركات عسكرية في منطقة "ساوا" المتاخمة لولاية كسلا شرقي البلاد. لتوجه قيادة الحزب الحاكم باستمرار الترتيبات الأمنية في حدود السودان الشرقية بعد تلقيهم معلومات أمنية عن تهديدات محتملة من مصر وإرتريا في منطقة ساوا. وكانت تقارير إعلامية كشفت في وقت سابق عن وصول تعزيزات عسكرية مصرية وتشمل أسلحة حديثة وآليات نقل عسكرية وسيارات دفع رباعي إلى قاعدة ساوا العسكرية في إرتريا، الأمر الذي ترتب عليه الإعلان رسمياً عن إغلاق الحدود مع أسمرا مستبقة الإعلان عن تهديدات أمنية حينها بإعلان حالة الطوارئ. الأمر الذي دفع الخرطوم وقتها لاستدعاء سفيرها بالقاهرة عبد الحليم عبد المحمود بغرض التشاور، قبل أن تدفع بتعزيزات عسكرية وصفت بالكبيرة على الحدود الشرقية مع إرتريا معلنة في الوقت ذاته إغلاق الحدود. في وقت كشفت فيه تقارير إعلامية عن تنسيق أمني وعسكري مصري إرتري بقاعدة ساوا بإقليم قاش بركة المتاخم لولاية كسلا. أعقبتها زيارة للرئيس الإرتري أسياس أفورقي إلى القاهرة، احتوتها الخرطوم بزيارة استباقية بساعات لرئيس هيئة الأركان السابق الفريق أول عماد عدوي إلى أديس أبابا في سياق سيناريو يوحي بأن ثمة ما يعتمل خلف الستار، لجهة أن زيارة عدوي جاءت عقب عودة مفاجئة للسفير الإثيوبي بالخرطوم من أديس أبابا قاطعاً عطلته، واصلاً الخرطوم براً ومقابلته بشكل عاجل لوزير الخارجية السابق إبراهيم غندور.