مبادرة رئيس الوزراء ، مبادرة جامعة الخرطوم ، العودة لمنصة التأسيس ، مبادرة اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير، كلها قدمت حلولاً ومقترحات لحل مشاكل الحاضنة السياسية للحكومة بعد تفشي حالة من التململ بين المكونات.. المبادرة الأخيرة ما تزال تمارس نشاطها للإصلاح حيث التقت منتصف الأسبوع الماضي بعضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ياسر العطا، وقبله رئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة، فهل ستنجح المبادرة الفنية في جمع المكون العريض وتجعله يتجاوز الخلافات الآنية؟ السر والعلن مراقبون اعتبروا أن الخلافات داخل الحرية والتغيير أفرزت اصطفافاً جديداً، وهذا نتاج طبيعي لأن الحرية والتغيير تحالف كبير يضم مكونات لها أيديولوجيات مختلفة، لكنهم تخوفوا من أن يؤدي ذلك إلى ضياع الفترة الانتقالية إذا ظل المولود السياسي الجديد (مبادرة اللجنة الفنية) في معركته مع الأجسام الأخرى لإثبات شرعيته، لأنه في هذه الحالة سيكون الكل. آخرون أشاروا إلى أن الخلافات بين مكونات الحرية والتغيير أمر متوقع، لأن بعضها ليست له خبرة في الساحة سياسية وكانت أحزاب مسجلة على الورق فقط، ولم تمارس نشاطاً سياسياً خلال ال30 عاماً الماضية على الأقل، فكانت ثورة ديسمبر بالنسبة لها (حياة بعد الموت)، ووجدت نفسها فجأة في السلطة، ولأن هذا الأمر أكبر من تطلعاتها، باتت تفعل المستحيل حتى لا يتم إخراجها إلى كنبة الاحتياط مع أحزاب أخرى عارضت الحكومة ب(فهم)، وظلت تلك الأحزاب تبصم على القرارات الحكومية وتلتقي برئيس الوزراء في السر والعلن وتطلب منه اتخاذ قرارات مثيرة للجدل في الشارع السوداني ، مثل رفع الدعم عن المحروقات . حكومة ومعارضة محللون سياسيون أوضحوا أن الحاضنة السياسية تضم أحزاباً وكيانات سياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، واختارت أن تكون في خانتي المعارضة والحكومة، فبعضها له تمثيل في الجهاز التنفيذي، ورغم ذلك يصدر قرارات معارضة لسياسات الحكومة، رغم أن ممثليه ما يزالون يجلسون على كراسي السلطة، مؤكدين أن مثل هذه المكونات لا يمكن أن تكون سنداً للحكومة، لأنها لا ترى أبعد من مصالحها الحزبية الضيقة، مستدركين: لكن لم يتم التعامل معها بحسم، ربما لأنها تستطيع أن تفرض نفوذها على بعض المناطق التي تشهد توترات ومشاكل أمنية بين وقت وآخر، بالتالي فهي تساعد الحكومة أحياناً في بعض القضايا. بعد سقوط النظام السابق ظهرت مباشرة الخلافات داخل الحرية والتغيير، وظهرت إلى العلن عندما بدأت بعض القوى السياسية تصدر بيانات منفردة رافضة مشاركة أعضاء المكون العسكري في الحكومة الانتقالية بحجة أنهم مسؤولون عن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة ، والبيانات التي صاحبت مفاوضات بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، لكن محللين سياسيين أشاروا إلى أن الخطوة عادية ومقبولة في ظل حكم ديمقراطي، إلا أنهم أعابوا على بعض القوى السياسية أنها تتخذ دور الضحية أو تخوين الطرف الآخر، وإظهار ما تم اتخاذه من قرارات (طبخ بالليل) وغير ذلك. (قحت) تتحدث عضو مركزية الحرية والتغيير يوسف محمد زين اعتبر في تصريح ل(السوداني) ، أن مبادرة اللجنة الفنية لإصلاح قحت يمكن أن تكون جزءاً من حل المشاكل التي تواجه الحرية والتغيير، وقال الآن توجد إرادة قوية للإصلاح لمجابهة التحديات التي تواجه البلاد. محمد زين دعا بعض المكونات التي رفضت المبادرة لأخذ بعض البنود المتفق عليها.. الآن توجد إرادة قوية للوصول إلى جسم واحد، مشيراً إلى مبادرة رئيس الوزراء وقال إنها أشمل من مبادرة اللجنة الفنية. تجميد وانسحاب قوى نداء السودان أعلنت تجميد نشاطها في مركزية الحرية والتغيير ابتداءً من 29يوليو الماضي، أي قبل يوم من مليونية 30يونيو ووجدت الخطوة هجوماً كبيراً من الشارع السوداني، لجهة أنها أرادت أن تكون خارج المكون العريض لأنها كانت تتوقع أن يتم إسقاط الحكومة في تلك المواكب، وقالوا إنها اختارت أن تكون (رجل داخل الحكومة وأخرى خارجها) مع القوى التي تريد أن تسقط الحكومة، لكن ب(البارد) ، وإذا فشلت الدعوة للإسقاط تكون مع الحكومة، مشيرين إلى أن هذا النموذج يؤكد أن أحزاب قحت غير ناضجة سياسياً وهي تريد السلطة فقط ولا تريد أن تتحمل مسؤولية الفشل. إبريل العام الماضي أعلن حزب الأمة القومي، تجميد نشاطه في الحرية والتغيير، ودعا لمؤتمر تأسيسي لقوى الثورة من كافة الموقعين على إعلان الحرية والتغيير داخل وخارج هياكل قوى التغيير، لدراسة واعتماد العقد الاجتماعي الجديد لإصلاح هياكل الفترة الانتقالية . وفي مايو 2020 أعلن تجمع المهنيين انسحابه من الحرية والتغيير، وبرر الخطوة لعدم الالتزام بالوثيقة الدستورية التي وجدت قبولاً من القوى السياسية. وفي نوفمبر من نفس العام أعلن الحزب الشيوعي انسحابه من قوى الحرية والتغيير، لأنه يختار الوقوف مع الجماهير وقضاياها بدلاً عن تضليلها وزراعة الآمال الكاذبة لخديعتها. مبادرة حزب الأمة في الحادي والعشرين من مايو الماضي التأم اجتماع بدار حزب الأمة القومي ضم عدداً من القوى السياسية، وخرج الاجتماع بعدد من التوصيات من بينها تحويل مبادرة حزب الأمة القومي إلى مبادرة لكافة القوى السياسية بالحرية والتغيير، مؤكداً أن المجلس المركزي الحالي لا يمثل الحاضنة السياسية وطالب بضرورة مخاطبة أجهزة الدولة لعدم اعتماد أي قرارات تصدر عنه إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي واختيار مجلس جديد يمثل الحرية والتغيير. وأمن الاجتماع على أن اجتماع القوى السياسية اليوم يمثل جمعية عمومية باعتباره ضم غالبية مكونات الحرية والتغيير. وقرر الاجتماع عقد المؤتمر التأسيسي خلال أربعة عشر يوماً لهيكلة الحرية والتغيير، وحمل مسؤولية حالة التردي والعزلة بين الحاضنة السياسية والشارع للمجلس المركزي الحالي، مؤكداً تحويل اللجنة الفنية للمبادرة إلى لجنة تحضيرية وتوسيعها لتشمل كافة القوى السياسية وتراعي التوازن المطلوب. وتم الاتفاق على العمل لوحدة كافة مكونات قوى الحرية والتغيير وكيانات الثورة الحية من لجان مقاومة وقوى شبابية، فضلاً عن تفعيل دور منظومة قوى الحرية والتغيير داخل الحكومة وإنفاذ أولويات الفترة الانتقالية حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية، بالإضافة إلى قيام مؤتمر عام لكافة مكونات الثورة من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني ومهنيين والقوى الشبابية في فترة لا تتجاوز أربعة عشر يوماً لهيكلة قوى الحرية والتغيير لتستوعب كافة مكونات الثورة . اللجنة الفنية الأسبوع الماضي انعقد الاجتماع الدوري للجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير وناقش تكليفات اللجان التحضيرية لاستكمال هياكلها للبدء في التحضير للمؤتمر التأسيسي لقوى الحرية والتغيير بعد اكتمال المشاورات مع كافة قوى الثورة. واستعرض الاجتماع لقاءات اللجنة الفنية بكافة شركاء العملية السياسية وقوى الثورة وثمن مجهودات لجنة الاتصال في هذا الجانب ووجه بمواصلة الاتصال والتواصل مع كافة قوى الثورة. وفي إطار اللقاءات بشركاء الانتقال التقت الثلاثاء بالفريق أول ياسر العطا عضو مجلس السيادة وقد كان اللقاء قيماً وشفافاً قدم فيه وفد اللجنة تنويراً ضافياً عن المبادرة وأهدافها وعبر السيد عضو مجلس السيادة عن سعادته باللقاء، مؤكداً دعم مجلس السيادة لخطوات الإصلاح السياسي في البلاد عبر إصلاح الحاضنة السياسية، مشدداً على ضرورة تماسك الجبهة الداخلية، مبيناً أن انقسام الحاضنة السياسية يؤدي إلى ضعف الحكومة مشيراً إلى التحديات التي تواجه الفترة الانتقالية، وعلى رأسها التحديات الأمنية والاقتصادية مؤكداً على تماسك القوات المسلحة وحرصها على حماية الفترة الانتقالية، وأكد الفريق ياسر العطا على ضرورة وحدة قوى الحرية والتغيير وعودتها كما كانت عشية الثورة، لافتاً إلى أهمية أن تشهد ألفترة القادمة توافقاً أوسع، وأنه بدأ بالفعل فى إجراء اتصالات لتحقيق هذا التوافق. كما التقت اللجنة في ذات الإطار مطلع الأسبوع مبادرة( العودة لمنصة التأسيس)، وتناول اللقاء مسار المبادرة وكيفية التنسيق بين المبادرتين والعمل على تحقيق الإصلاح المطلوب . قررت اللجنة أن تكون في حالة انعقاد مستمر لإكمال مهامها توطئة لعقد المؤتمر التأسيسي بعد إجازة أوراقه من القوى السياسية واستكمال المشاورات حول إعلان موعد انعقاده . نجاح بشرط بعض مكونات قحت رفضت مبادرة اللجنة الفنية معتبرة أنها عبارة عن انشقاق داخل الحرية والتغيير بقيادة حزب الأمة القومي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستعقد المشاكل أكثر لأنها ستتيح أكثر من منبر لمناقشة القضايا، كما أنها خلقت غبناً تجاه اللجنة الفنية لأنها أرادت أن تسحب البساط لصالحها باعتبار أنها مكون منسلخ من الحاضنة السياسية. المحلل السياسي محمد عباس أوضح ل(السوداني) أن مبادرة اللجنة الفنية ستؤدي إلى حل الخلافات داخل قحت، بشرط أن تتجرد المكونات من المصالح الشخصية وألا تحدث تدخلات من أي جهة، بالإضافة إلى وضع خطة لا تحيد عنها بهدف نجاح الفترة الانتقالية. عباس أشار إلى أن الحرية والتغيير انشغلت عن قضايا المواطنين بمشاكلها الداخلية، وقال إن التحالف قام لغرض معين وادى غرضه، ولن تكون على قلب رجل واحد، مشيراً إلى أن إدارة الخلاف مهمة ليحافظ التحالف على اللحمة السياسية وصولاً بالفترة الانتقالية إلى الانتخابات، ورأى أن بعض الأحزاب قفزت من المركب لأنها ليست على قلب رجل واحد . ماذا قالت اللجنة الفنية؟ رئيس دائرة الاتصال السياسي بحزب الأمة القومي ومقرر اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير عادل المفتي أكد ل(السوداني) ، أن المبادرة هي حل لمشاكل الحرية والتغيير، وقال إن عدم وجود حاضنة سياسية قوية سبب في المشاكل الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، لأن المكون السياسي هو الذي يساعد رئيس الوزراء لاتخاذ قرارات قوية، مشيراً إلى أن حزبه يؤيد المبادرات التي تؤدي إلى نجاح الفترة الانتقالية. المفتي رفض الاتهام الموجه لحزبه بأنه يهدف من هذه المبادرة لخلق اصطفاف جديد، وقال (لو حزب الأمة عايز حاجات شخصية بلقاها) ، لكن همه استكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وتحقيق مطالب ثورة ديسمبر، وقال إن حزبه مهموم بالمحافظة على الفترة الانتقالية ومنع المشاكل التي تحدث في السودان، مشيراً إلى أن الإمام الصادق المهدي قدم مبادرة العقد الاجتماعي منذ بداية خلافات الحرية والتغيير، لكن لم يتم العمل به. وقال إن الوثيقة الدستورية لم تشير إلى تكوين مجلس مركزي، لكنها أشارت إلى الحرية والتغيير، معتبراً أن طريقة عمل المجلس المركزي لم تكن سليمة ولا بد من إعادة قوى الثورة الحية في الحرية والتغيير، مشيراً إلى أن حزب الأمة القومي جمد نشاطه بمركزية قحت لأن تمثيله لم يكن بصورة سليمة، ولأن قيادة المجلس أفقية، لذلك اشترط أن يكون لدى المجلس المركزي برنامج واضح، ولا بد من إعادة هيكلة الحرية والتغيير لتشمل جميع قوى الثورة ، وقال يجب الالتزام بالوثيقة الدستورية وتطويرها وعمل مؤتمر تاسيسي . وأضاف توجد مشكلة أعاقت تشكيل التشريعي، ونحن الآن نساعد في مركزية الحرية والتغيير بعيداً عن سياسة الإقصاء، نريد أن نجد حلاً للمشكلة السياسية التي نتجت عنها مشاكل سياسية واقتصادية لأن الحرية والتغيير (ماشايفه) شغلها، مؤكداً أهمية توحد القوى السياسية وأن تضع آليات وأسس لتكوين المجلس التشريعي، وقال إذا تم تكوينه بمركزية قحت الحالية سيكون مشوهاً وسيحدث أزمة أكثر من إصلاح لأن التمثيل فيه غير سليم ، نريد وحدة الحرية والتغيير .