التوجيهات التي صدرت من رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، لأعضاء المجلس من المدنيين، بالشروع في دراسة وتكوين لجنة مهمتها تشكيل مفوضية الانتخابات، إلى جانب مفوضية صناعة الدستور، أعتبرت لدى الكثيرين، بحسب(التغيير الالكترونية) البداية الفعلية، من أجل تهيئة المسرح الداخلي، لأولى استحقاقات التحول الديمقراطي في البلاد، التي شددت عليها ثورة ديسمبر، وتم تضمينها بالوثيقة الدستورية.. الخرطوم: السوداني غير أن دعوة البرهان هذه، وجدت مناهضة من قبل البعض، معتبرين أن هنالك أحزابا تسيطر الآن على الحكومة لا تريد قيام الانتخابات خلال السنوات المقبلة.. فيما رأى آخرون أن المجلس السيادي تأخر كثيراً في تكوين المفوضيات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، في وقت، حدثت مغالطات حول أحقية تكوين المفوضيات، وفيما إذا كانت تخص الجانب العسكري أم المدني في المجلس السيادي، أم كلاهما معاً.. تشكيك وتساؤلات وحول قانونية توجيهات البرهان، قال رئيس المكتب القيادي بالتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، علي خليفة عسكوري، ل(التغيير) إن السؤال المهم ليس هو من يشكل هذه المفوضيات هل هو البرهان؟ ام حمدوك؟.. معتبراً أن "السؤال المهم هل سيتم التشكيل فعلاً في ظل الظروف الراهنة؟" ويضيف عسكوري إن قوى الحرية والتغيير نفسها لديها اتفاقية موقعة مع المجلس العسكري بصلاحيات مشتركة، مشدداً على إنه "يجب أن تتسم هذه الشراكة بالتعاون وليس التشاكس. لكن للأسف الجانب المدني أصبح مثقل بالمشاكل وظل الجانب العسكري يعمل في تناغم". ويشكك عسكوري في رغبة الأحزاب السياسية في قيام الانتخابات بالبلاد وتكوين المفوضيات والدستور، مبيناً أن هنالك أحزاب مسيطرة على قوى الحرية والتغيير لاتريد أن تقوم الانتخابات لانها لن تستطيع أن تحقق أي فوز. وأردف: "حتي المكون المدني داخل المجلس السيادي الذي جاءته التوجيهات بتشكيل المفوضيات لا يرغب في العملية الديمقراطية في الوقت الراهن". مستشار حمدوك وبدا عسكوري محبطاً من الأوضاع الحالية، لافتاً إلى بعض التجاوزات التي حدثت خلال تشكيل آلية مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، موضحاً أنه: "حتي آلية مبادرة رئيس الوزراء الأخيرة عقدت من الأوضاع السياسية بالبلاد نتيجة لسياسة الإقصاء التي ظل يمارسها المستشار السياسي لحمدوك".. وأضاف عسكوري: "في البداية شعرنا بالأمل بعد المبادرة التي توقعنا أن تلطف الأجواء السياسية ولكن تشكيل الآلية الخاصة بالمبادرة ومضمونها احبطنا لجهة أنه يمثل شخصا واحدا فقط وهو ياسر عرمان. نتوقع أن يكون تكوين مفوضية الانتخابات والدستور بذات الطريقة". وحذر عسكوري من قيام مفوضيتي الانتخابات والدستور على ذات طريقة مبادرة حمدوك، معتبراً أن المستشار السياسي لرئيس الوزراء سينفرد بتكوين المفوضيات ويستبعد القوى السياسية حسب رغبته كما فعل في الآلية. اختطاف الثورة واتهم عسكوري المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، باختطاف الثورة، مشيراً إلى أنه: "الآن الحكومة تسيطر عليها بعض أحزاب قوى التغيير، البعث والاتحاديين. حتى حمدوك نفسه أصبح منحازاً للبعض من قوى الثورة رغم أن سياسة الإصلاح تتطلب الوقوف علي مسافة واحدة من الجميع" وأضاف عسكوري إن الوضع الآن محتقن ولن يؤدي إلى نتائج طالما أن هنالك جهات تتخذ أجهزة الدولة والحكومة كمنصات لتصفية الحسابات، معتبراً أنه في ظل هذا التشاكس ستنتج "مفوضيات عرجاء" وسوف تزيد من حالة الاحتقان السياسي بالبلاد. الشروع في الصياغة في الأثناء، أكد مصدر بوزارة العدل ل(للتغيير) الشروع في صياغة قانون لصناعة الدستور المقبل في البلاد، يتضمن الأحكام المنظمة التي بموجبها يتم تشكيل المفوضيات القومية للدستور والانتخابات. وكان وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، قد أكد تجهيز كافة المعلومات التي تساعد في صناعة الدستور، والتي تشمل استراتيجيات المشاركة الشعبية الشاملة والقانونية، حيث اشار إلى أن المرجعية للدستور المقبل في الوقت الحالي الوثيقة الدستورية، وليست أي دستور آخر. وأوضح عبد الباري خلال حديثة الشهر الماضي في منتدى خاص حول الدستور أنه لا يوجد انتقال سلس سريع، في كل الدول التي حدثت فيها ثورات، وأضاف: "لكن لا خيار سوى طريق الوصول إلى نظام ديمقراطي في البلاد"ز موضحاً أن وزارته اقترحت عقد مؤتمر دستوري أولي لعملية صناعة الدستور، وآخر عند الانتهاء من حسم كل القضايا، على أن تشهد الفترة بين المؤتمرين مشاورات واسعة يشارك فيها جميع السودانيين دون استثناء. وشدد الوزير على ضرورة ابتدار نقاش واسع في إطار عملية صناعة الدستور، حول إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية. اختصاصات مجلس السيادة من جانبه أعتبر القيادي بقوى الحرية والتغيير، وأحد المشاركين في وضع الوثيقة الدستورية، ساطع الحاج، الحديث عن وجود أي تجاوز للوثيقة الدستورية من قبل الجانب العسكري في مجلس السيادة، متمثلا في رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان، وذلك بالدعوة للحوار والنقاش من أجل تكوين مفوضية الانتخابات. واوضح ساطع في حديثة ل(لتغيير) أن هنالك "4" مفوضيات من اختصاصات مجلس السيادة من بينها مفوضيتي الانتخابات والحدود فيما بقية المفوضيات يكون الإشراف فيها والتعيين لرئيس الوزراء، مشيراً إلى أن ما تم حتي الآن هو مجرد توجيهات ببدء المشاورات ولم يتم تشكيل المفوضيات بعد. وفيما يتعلق بالحديث حول تهرب الأحزاب السياسية في قوى الحرية والتغيير من الانتخابات ومحاولاتها التشبث بالسلطة، استنكر ساطع الاتهام، مؤكداً أنه كرئيس للحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، يتطلع للديمقراطية لأنها تعني الحياة بالنسبة للأحزاب السياسية. وأردف قائلاً: "أي حزب يرفض التحول الديمقراطي والاستحقاقات الانتخابية يكون قد حكم علي نفسه بالاعدام والفناء". وصمة عار من جهته، وصف العضو المناوب في آلية تنفيذ مبادرة حمدوك، عبد العزيز النور، دعوة البرهان لتشكيل مفوضيتي الدستور والانتخابات بأنها "وصمة عار" في جبين المدنيين والجهاز التنفيذي، لجهة أن قضية المفوضيات الخاصة بالتحول الديمقراطي أمر يجب أن يكون مثار اهتمام المدنيين و الجهاز التنفيذي. ويضيف عبد العزيز ل(التغيير): "حتي إذا سلمنا جدلاً بأن هنالك توافقا بين الطرفين على ترك الأمر للجانب العسكري، أو أنه يخص رئيس المجلس السيادي، فإنه في المقابل الجانب المدني ظل صامتاً ولم يتحدث طوال عمر الفترة الانتقالية الحالية عن قضية التحول الديمقراطي والانتخابات. حتى مبادرة حمدوك نفسها لم تشر إلى ذلك صراحة رغم ثقتنا في د. حمدوك لكن المبادرة ذكرت من بعيد قضية التحول الديمقراطي دون تفصيل". تخوف وخلافات وأبدى النور تخوفه من ان تزيد قضية تكوين مفوضيات الانتخابات والدستور من التوتر السياسي في البلاد كما حدث في مبادرة حمدوك الذي سمى اللواء فضل الله برمة ناصر كرئيس للآلية في الوقت الذي كان يفترض ان يتم اختياره من قبل الاعضاء كما أن حزب الأمة نفسه يتحمل جزءا كبيرا من فشل الفترة الانتقالية لانه احد اكبر الاحزاب بالبلاد وكان من المفترض أن يكون دور يوازي حجمه في الساحة السياسية . واوضح النور ان ما دعاه للربط ما بين القضيتين هو حالة التشرذم والخلافات التي تضرب قوى الثورة وقطع بأن عدوى الخلافات ايضا ستنتقل إلى مفوضيتي الانتخابات والدستور عند تدشين عملها . واتهم النور الحاضنة السياسية لقوى الثورة بأنها تخشى الانتخابات ولا ترغب حتى في قيامها لأنها تدرك مآلاتها وأضاف قوى الثورة ليست على قلب رجل واحد كل حزب يعمل لمصالحه الخاصة ولذلك نجد ان الفشل ظل ملازما لحكومة الفترة الانتقالية الحالية وتابع : اذا لم تحدث وحدة بين قوى الثورة سيكون موضوع التحول الديمقراطي في خطر كبير، داعياً إلى تسوية كافة الخلافات السياسة بالبلاد وصولا للاستقرار سياسي يساعد في نجاح التحول الديمقراطي، وقال يجب أن يبدأ الإصلاح بفتح الوثيقة الدستورية وإشراك كافة القوى السياسية التي ناهضت النظام البائد بما فيها تلك التي قفزت من سفينة لإنقاذ قبل السقوط.