الأربعاء الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي، كلا من السودان، إثيوبيا ومصر إلى استئناف المفاوضات المتعثرة منذ شهور حول "سد النهضة"، في بيان رئاسي تبنته بالإجماع (15 دولة)، برعاية الاتحاد الإفريقي.. فما هي السيناريوهات المتوقعة ؟ الخرطوم: مشاعر أحمد في يوليو الماضي عقد مجلس الأمن جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي، ولم يصدر بعد، أي قرار بشأن مشروع تقدمت به تونس يدعو إلى التوصل لاتفاق ملزم بين إثيوبيا والسودان ومصر حول تشغيل السد خلال ستة أشهر. وشدد وفود باقي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على دعمهم الوساطة الأفريقية لحل الخلافات حول السد. مساء أمس كتب، وزير الري د. ياسر عباس، على حسابه بتويتر: "يأمل السودان أن يدفع اعتماد بيان مجلس الأمن الأطراف الثلاثة إلى استئناف التفاوض في أسرع فرصة ممكنة، ووفق منهجية معززة بقيادة الاتحاد الأفريقي وإرادة سياسية ملموسة من الجميع". كبير المفاوضين، ورئيس الجهاز الفني بوزارة الري والموارد المائية، مصطفى حسين يذهب في حديثه ل(السوداني)، إلى أن السودان بحسب البيان الرئاسي يرحب بالعودة للمفاوضات من أجل التوصل إلى حل في ملف سد النهضة، موضحاً أنه خلال فترة معينة لم يحددها- يتوقع تعزيزاً لآلية التفاوض، وأن تكون هناك قدسية للدول الثلاث في التوصل لاتفاق مُرضٍ للأطراف الثلاث، مشيراً إلى أنه العودة للتفاوض برغبة وإرادة للأطراف الثلاث لتفادي التوتر في المنطقة. وأوضح حسين أنه ، يجب على الاتحاد الأفريقي، الذي تترأسه الكنغو الديمقراطية، أن يسعى قبل نهاية رئاستها للتوصل لاتفاق حول ملف سد النهضة الذي يعتبر إنجازاً لها، لأنه في فبراير المقبل ستتحول رئاسة الاتحاد لدولة أخرى، والوصول إلى حل في سد النهضة حافز للكنغو، وتابع: "لذلك يجب أن تعمل على تقريب وجهات النظر بمشاركة المراقبين والشركاء". وأشار إلى أن المتبقي هو الإرادة السياسية والتعاون بين الدول الثلاث للتعاون بينها، والابتعاد عن التوتر والانفلات الأمني في المنطقة. وأضاف حسين أن استئناف المفاوضات يحدده الاتحاد الأفريقي، وليس بيد السودان وإثيوبيا أو مصر، مشيراً إلى أن الاتحاد هو من يضع البرنامج بصورة جيدة، متوقعاً حدوث توتر، خاصة أن إثيوبيا لم ترحب بالبيان، معتبرة أن ذلك ليس من اختصاص مجلس الأمن؛ مما يعني أنها ستواصل في تعنتها، لافتاً إلى أن ذلك يعتمد على عمل الكنغو ومشاركة المجتمع الدولى على حث إثيوبيا، موضحاً أن موقف إثيوبيا يؤكد أنها السبب في التعثر والتأخير في الوصول لنتائج. واعتبر حسين أن ذلك يعتبر المحك للكنغو بتواصلها مع المجتمع الدولي، وأن يكون لديها إرادة وعزيمة في أن تلعب دوراً مهماً، وأن تقوم بدور القائد، وأن لا يكون هناك تباطؤ أو تساهل، وأخذ الامر بجدية؛ حتى لا تفشل مثلما فشلت في جولة أبريل بسبب رضوخها وعدم فرض أي رأي خاص بها يوصل حل نهائي. وقال إنها لو رجعت للمفاوضات في السنوات الماضية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي برئاسة جنوب أفريقيا، لوجدت أن الدول كانت مواقفها أقرب لبعضها وانتهت متباعدة كثيراً" رد الدولتين ردت مصر والسودان وإثيوبيا على البيان الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يحث فيه الدول الثلاث على استئناف المفاوضات حول أزمة سد النهضة الإثيوبي، والتوصل إلى اتفاق مقبول بشأن ملء وتشغيل السد. وزارة الخارجية السودانية، أكدت "استعدادها للانخراط البناء في أي عملية تقود إلى استئناف التفاوض بين الأطراف الثلاثة، تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وتوصل الأطراف إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة". ورحبت ببيان مجلس الأمن، واهتمامه بهذه المسألة بالغة الأهمية، وحرصه على إيجاد حل لها، تلافياً لتداعياتها على الأمن والسلم في الإقليم. وأضافت الخارجية السودانية أن بيان مجلس الأمن "جاء متوازناً ومراعياً لمصالح الأطراف الثلاثة". في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان لها، أن إثيوبيا لن تعترف بأي مطالبة قد تثار على أساس البيان الرئاسي، وقالت إن مجلس الأمن أصدر بطريقة "غير مسبوقة" بيانه بعد 9 أسابيع من جلسته بشأن السد. وتابعت الخارجية الإثيوبية بأن "زلة تونس التاريخية بتقديم البيان الرئاسي تقوض مسؤوليتها الرسمية كعضو مناوب في مجلس الأمن الدولي على مقعد أفريقي، وتثني إثيوبيا على أعضاء المجلس الذين قاموا بدور في تصحيح الانتهاكات ضد سلامة أسلوب عمل المجلس في تجهيز البيان". من جانبها، رحبت وزارة الخارجية المصرية ببيان مجلس الأمن، وقالت إنه "يمثل دفعة مهمة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الأفريقي التفاوضي، وهو ما يفرض على أثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة على النحو الوارد في البيان الرئاسي لمجلس الأمن". وزير الري السابق، عثمان التوم، قال ل(السوداني): "يجب أن توضع نقاط الاختلاف في الطاولة للحديث حولها هي فقط، وأن يعمل المراقبون على تقريب وجهات النظر. وأوضح أنه ليس هناك شيء مضمون، خاصة بعد أن رفضت إثيوبيا البيان، ولم توضح أسباب رفضها، بيد أنها وافقت على استئناف المفاوضات، مشيراً إلى أن الكنغو الديمقراطية لعبت دوراً مهماً في تحريك الملف. أصل الحكاية كانت مصر والسودان تعترضان على الملء الثاني لسد النهضة من دون التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، بينما شرعت إثيوبيا بقرار آحادي في الملء الثاني للسد، مكتفية بإخطار السودان ومصر. وقال مجلس الأمن الدولي، في بيانه، إنه يشجع المراقبين، الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي وأي مراقبين آخرين لمصر وإثيوبيا والسودان، تتم دعوتهم بالتراضي بشكل مشترك لمواصلة دعم المفاوضات؛ بهدف تسهيل حل المشكلات الفنية والقانونية المعلقة. وطالب مجلس الأمن الدول الثلاث بالمضي قدماً تحت قيادة الاتحاد الإفريقي في عملية التفاوض بطريقة بناءة وتعاونية. انتهت مداولات مجلس الأمن إلى ضرورة دفع شركاء النيل نحو موائد التفاوض من أجل الوصول إلى صيغة (توافق) تنطلق من التفاوض، وهي المطالبة التي سرعان ما ظهرت الاستجابة لها في البيانات المرحبة من الخرطومالقاهرة وأديس أبابا، انطلاقاً من إرث التفاوض ذاته في جولات سابقة عجزت عن الوصول إلى اتفاق، بل كانت السبب الرئيسي في دفع الملف نحو الأممالمتحدة، بينما يتمدد السؤال هل إعلان الترحيب وحده كافٍ لأن تنعقد جلسات التفاوض، وتنتج اتفاقاً جديداً، وهل الأمر يتعلق فقط بالمياه، أم أن ثمة قضايا متشابكة بإمكانها أن تعكر ما هو معكر في الأساس، بالنسبة لعدد من المراقبين، فإن إعلان الاستعداد للتفاوض خطوة في الطريق الصحيح، لكنها في المقابل خطوة تحيطها المتاريس في اتجاهات عدة، وهي معوقات تتعلق بالداخل في الدول الثلاث؛ السودان بوضعه الانتقالي الهش، ومصر بالضغوط التي تواجه نظامها الحاكم، والاتهامات بالتنازل والتفريط في الأمن القومي المصري، وإثيويبيا بتمدد التقراي مما يهدد إثيوبيا واستقرارها، وبالطبع تظل قضية (الفشقة) حاضرة وبشدة.