ما مبررات زيارتك إلى جوبا على رأس وفد كبير من الخارجية وكذلك الصحفيين؟ حقيقة ذهبت إلى جوبا لتهنئة صديقي وزميلي نيال دينق نيال بالمنصب الرفيع الذي هو له أهل. وأثق تماما بأن العلاقة بيني وبينه ستكون انعكاسا وتعبيرا للعلاقة المتطورة والمتنامية بين دولتي السودان وجنوب السودان.. كذلك للوقوف على أجواء الاحتفال الذي يسبق توقيع اتفاق السلام في 5 أغسطس بالخرطوم، لذا كنت حريصا على التواصل مع القيادات في جوبا بشكل عام وبشكل أخص الرئيس سلفاكير ميارديت ونواب الرئيس.. كذلك الزيارة مناسبة للتواصل على مستوى ثنائي حيث حضرت ومعي عدد من المسؤولين بالخارجية برئاسة وكيل الوزارة بهدف عقد اجتماع مع رصفائهم في الجنوب، ونثق بأنهم سيتوصلون إلى كل ما هو مطلوب لتعزيز العلاقة بين البلدين الشقيقين، كذلك معي وفد إعلامي كبير ليتمكن من لقاء الساسة وقادة الرأي ويتبين الروح الجيدة للسلام التي تدب في جنوب السودان. يشير البعض إلى اتهامات بأنك ساهمت في تعقيد التوصل لاتفاق سياسي بسبب الاستعجال، قياساً على مدة الاتفاق الأمني.. ما ردك؟ عملياً تم التوصل لاتفاق سياسي، ولا أحد يستطيع أن يقول إنه تم بسرعة زائدة عن الحد، كما لا يمكن القول بأن هناك تأخيراً في التوصل لهذا الاتفاق، ولا يمكن القول إنه كان متعجلاً، لأن الترتيبات الأمنية توصّلنا إليها في 11 يوماً، بينما السياسي في 19 يوماً، لذا لا يمكن أن يُقال إنني متعجل. الفرقاء الجنوبيون فوجئوا بأصعب اللحظات في الاتفاق السياسي أكثر من الأمني لأن عليهم خيارات صعبة جداً تتمثل في أن المطلوب تحديداً البت في مستقبلهم السياسي وهي مسألة صعبة في مقابل الترتيبات الأمنية التي مهما كانت سيتم التوافق عليها وفق القواعد المعروفة في إيقاف إطلاق النار، وهذا يسهل مهمة الطرف المعين في القبول، لكن قسمة السلطة تعني معرفة عدد النواب تحديداً وهي مسائل أي قوى سياسية تطمح فيها بالمزيد. أنا سعيد أن يعاب عليّ الحرص والسرعة ولا يعاب التكاسل والإهمال، وهو ما يعاب على الإيقاد أنها تباطأت. التوقيع غداً الأحد.. لكن أنتم متهمون بالميل إلى حكومة سلفاكير ووضع مقترحات تجد قبولها ولا تجد قبول المعارضة بدليل رفض بعضهم التوقيع على الاتفاق؟ "الحَجّاز بياخد عُكاز دائماً"، نحن في البداية كنا متهمين أننا "تبع رياك مشار" واقترحنا هذا التفاوض حتى نُعيده مرة أخرى إلى جوبا، لكن ثبت للناس أننا وسيط محايد من خلال التواصل مع الأطراف جميعها.. في فترة من الفترات قدمنا مقترحات وافقت عليها معظم أحزاب المعارضة والطرف الوحيد الذي رفضه كان الرئيس سلفاكير وطلبنا من المعارضة أن توقع عليه ثم نضغط على الحكومة، لكن الأحزاب الأربعة هي التي رفضت وهذا يؤكد أننا لسنا مع أحد، إنما مع السلام حيث هو، وبعد رفض المعارضة التوقيع اضطررنا لأن نجري محاولة أخيرة توصلنا خلالها إلى الاتفاقية الحالية، والمعارضة رأت أن المقترحات هي أقرب للحكومة، لكن ما حدث أن القوى الأساسية في المعارضة بقيادة رياك مشار، قبلت، وهذا يعني أنها ليست أقرب لرأي الحكومة.. المجتمع المدني والذي يعد محايداً سياسياً قبل وأعتبرها أساساً جيداً لتحقيق السلام. ذهبتم لأوغندا والتقيتم بالرئيس يوري موسيفيني للضغط على أحد الأطراف أو ضمان موافقته على المقترحات، لماذا؟ لا أبداً.. نحن التقينا بموسيفيني قبل أن نبدأ عملية السلام، وجلسنا معه لنسوق مبادرة الرئيس البشير في السلام، باعتبار أن موسيفيني أقرب إلى جنوب السودان، والرئيس قبل ورحب، وحينها لم نتقدم بأي مقترحات تفاوضية ولم نطلع على بشكل مفصل على القضايا العالقة في ذلك الوقت، اتصلنا بموسيفيني منذ وقت مبكر، وكنا نحرص أن تكون المبادرة مدعومة من الإيقاد ومن كل دول الإقليم، الغرض ليس ممارسة ضغط على هذا الفصيل أو ذاك، إنما تعزيز جهود الوساطة.. إن مارسنا ضغطاً على سلفاكير عبر موسيفيني فقد مارسنا ضغطا على مشار أن يقبل بعدد (23) ولاية. هل ستقدمون دعماً مادياً أو لوجستياً لحكومة الجنوب بعد توقيع الاتفاق؟ لا.. حكومة الجنوب ترى أنها قادرة على تمويل السلام وأن الدول يمكن أن تساعدها في استخراج بترول الجنوب من خلال الاتفاق الثنائي. يُفسر البعض حرصك على ملف الجنوب أنه محاولة من الخرطوم في خلق رصيد تفاوضي أمام واشنطن لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب؟ بالتأكيد السياسية الخارجية بشكل عام تقوم على المصالح كما تقوم على المبادئ، وقد تكون مبادئنا في السياسة الخارجية الحرص على حسن الحوار والجوار الآمن، لكن لا يتعارض ذلك مع مصالحنا إن كان يسير في خط واحد مع مصالحنا الخاصة بإنعاش اقتصادنا أو استعادة نهضتنا إقليمياً. لماذا تبنيتم نموذج نيفاشا؟ نيفاشا وفرت خبرة دولية كبيرة. ليس بالضرورة عندما تكون وسيطاً إنما عندما تكون مفاوضاً أيضاً تتحصل وتستفيد كثيراً من أساليب الوساطة الدولية المتبعة، وأتصور أن للسودان من خلال مما دخله من تفاوض بعيد المدى في ملف جنوب السودان والمنطقتين ودارفور، أظن أن له رصيداً مقدراً من التفاوض الدولي وأعرافه، مكنته بالفعل من دخول هذه التجربة بنجاح. حالياً أنتم كوساطة تعدلون في نسب ممنوحة لأطراف وقعت بالأحرف الأولى لصالح الأطراف غير الموقعة.. ما حقيقة ذلك؟ ليس هناك أي نية من جانبنا لتعديل نسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قسمة السلطة، أما على مستوى الولايات فهذا شأن مختلف تماماً، هناك عرض مقدم من الحكومة بنسب معينة وعرض آخر من المعارضة وكذلك عرض من الوسيط بنسبة 55%- 45% ونحن ما نزال نعتقد أن عرضنا هو الأساس الذي ينبغي أن تبرم عليه اتفاقية الغد. هل سيوافق الرئيس سلفاكير عليه خصوصاً أنه حدد أو وفده حدد 65%- 35% كحد أدنى للتنازل؟ سننظر ماذا سيقول يوم 5 أغسطس. وهل أصبح التوقيع مؤكداً؟ توقيع السلام مؤكد في الخامس من أغسطس بقاعة الصداقة 12 ونصف ظهراً بحضور نفر كبير من رؤساء الإقليم.