أكدت عدة مراصد أن عبد الله حمدوك رئيس الوزراء المستقيل، سيكون له دور مهم خلال المرحلة المقبلة من عمر الفترة الانتقالية، من خلال تسهيل حوار فرقاء العملية السياسية أولًا، وربما بعودته مجددًا لموقعه السابق، رغم اختلاف الآراء حول هذه الفرضية!! ماذا قال بيرتس؟ "قمت باستشارة رئيس الوزراء منذ وصولي هنا ولا أرى أي سبب لعدم استشارته مرة أخرى.. هو رجل حكيم، وقال بنفسه إنه يريد المشاركة في أي مائدة مستديرة كمواطن سوداني وسأواصل استشارته".. هذا ما قاله رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان «يونيتامس» فولكر بيرتس في ختام مؤتمره الصحفي بتاريخ 10 يناير الحالي، مؤكدًا استمراره في التشاور مع رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك. حمدوك الموجود في دولة الإمارات هذه الأيام «في زيارة أسرية وفق مقربين منه»، يبدو أنه مازال مهمومًا بأوضاع البلاد السياسية حتى بعد تنحيه طائعًا عن المشهد السياسي السوداني. فبحسب بيرتس أن لديه رغبة بالمشاركة في أي مائدة مستديرة تجمع الأطراف المدنية والعسكرية للحوار من أجل إخراج البلاد من النفق المظلم الذي أدخله فيه انقلاب العسكر على السلطة الشرعية في أكتوبر الماضي. عودة وشيكة؟ رغبة حمدوك بالمشاركة في مقترح حوار المائدة المستديرة المزمع في السودان قد تعني رغبته في إصلاح الوضع الذي أجبره ابتداءً على مغادرة مقعده وهو وضع حد للصراعات «العدمية» بين مكونات الانتقال بحسب عباراته التي استخدمها في استقالته. والأخطر من ذلك الوتيرة المتسارعة للتباعد والانقسام بين الشريكين، الأمر الذي انعكس على الحكومة والمجتمع، ووصول تداعيات تلك الانقسامات للمجتمع ومكوناته، فظهر خطاب الكراهية والتخوين وعدم الاعتراف بالآخر، وانسدّ أفق الحوار بين الجميع؛ مما جعل مسيرة الانتقال هشة ومليئة بالعقبات. وبعد حدوث التوافق الذي تحدث عنه حمدوك لن يكون هناك ما يحول بينه ومنصبه السابق في رئاسة الحكومة التنفيذية للفترة الانتقالية. "لا مانع لدى حمدوك من العودة لمنصبه" هذا ما أكده مصدر مقرب منه ل"التغيير". وأضاف: "إذا توفرت الشروط المناسبة يمكننا ممارسة ضغوط عليه ليعود رئيسًا للوزراء". موقف الأحزاب ربما حمدوك لا يمانع عودته لمنصبه الذي استقال منه؛ إلا أن الأحزاب السياسية والشارع السوداني قد يكون لهم رأي آخر! "لا أظن أنه سيكون من المقبول عودة رئيس الوزراء لمنصبه"، هكذا علق القيادي بحزب المؤتمر السوداني مهدي رابح. وقال ل«التغيير» إن القوى السياسية تحملّه مسؤولية فتح ثغرات للعسكر، واتهم شخصيات حوله- لم يسمها- بأنهم يعملون مع العسكر، إلى جانب عزلهم حمدوك عن الشارع. واتفق مع رابح عضو تنسيقيات لجان مقاومة أم درمان الكبرى «ت» حول أن حمدوك منح الانقلاب شرعية، وأشار إلى عدم اعتذاره عن الأمر(لم يقدم اعتذارًا للشعب السوداني عن توقيع اتفاق 21 نوفمبر). إلا أن رفض القوى السياسية والمقاومة لحمدوك ربما يفتح باب صراعات حزبية لا ينغلق حال عمدت الأحزاب إلى تقديم أسماء من داخلها لشغل منصب رئيس الوزراء. ومع عدم وجود شرعية انتخابية- بحسب رابح- سيكون من الصعب التوافق حول شخصية حزبية تحل محل حمدوك. وكشف رابح ل«التغيير»، عن وجود نقاش بين القوى السياسية حول هذا الموضوع- دون تفاصيل. بالنسبة للجان المقاومة فإن اسم الشخص الذي سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء ليس مهمًا بقدر ملاءمته للمؤسسة. وقال عضو لجان المقاومة، إنهم يرفضون المحاصصات الحزبية لكن سيكون هناك قبول لأي شخصية حزبية تنطبق عليها معايير الكفاءة والمؤسسية. عودة ل"السيادي" أثناء المباحثات مع رئيس الوزراء المستقيل قبيل توقيع اتفاق 21 نوفمبر؛ تم عرض حصوله على مقعد العضو رقم «15» في مجلس السيادة وهو ما رفضه حمدوك- بحسب مصادر مقربة منه. "حمدوك لا يبحث عن وظيفة"، هذا ما أكده الخبير الاستراتيجي وأستاذ إدارة الأزمات بالجامعات السودانية محمد إبراهيم كباشي. واعتبر كباشي أن توقيت خروج حمدوك لم يكن سليمًا، وأشار إلى أن القوى السياسية التي رفضت وجوده انتبهت لأهميته بعد استقالته. ويرى الخبير الاستراتيحي أن الاتفاق «المعيب» كان يمكن البناء عليه، ونوه إلى التعقيدات الأمنية والعسكرية بالبلاد. وأكد كباشي أن القوة المشتركة أبعدت الأوضاع عن سيطرة الشرطة ما فتح الباب واسعًا لتدخلات من وصفهم بالضباط «الكيزان» لإثارة سخط الناس والدفع ناحية تأجيج الأوضاع بإحداث المجازر وعمليات العنف والنهب. واتهم الخبير الاستراتيجي قوى إقليمية بإقصاء عبد الله حمدوك عن المشهد. مع رفض القوى السياسية لعودة حمدوك وتحفظ لجان المقاومة عليه، إلا أن التوافق على اسم جديد قد يفتح باب الخلافات على مصراعيه. "يكمن الحل الأمثل في إتاحة الفرصة لرئيس الوزراء السابق بالعودة إلى مقعده"- وفق كباشي الذي يؤكد أن مائدة الحوار المستديرة التي تعد لها بعثة الأممالمتحدة ستكون هي المدخل الأمثل لتحقيق العودة. ويرى الخبير الاستراتيجي أهمية حمدوك في الفترة الانتقالية بسبب قبول أمريكا له في الأساس، مشيراً إلى توقف كل الدعم الدولي بعد انقلاب العسكر في 25 أكتوبر. وأكد كباشي أهمية حمدوك بالنسبة للحكومة الأمريكية، فهو «كرت مهم جدًا» للتعامل مع الخرطوم لإعادة الأمور إلى نصابها وسط الانفلاتات الإقليمية التي تكاد تعصف بأمن واستقرار الإقليم.