حينما شدا الراحل المقيم الكابلي بأغنية آسيا وإفريقيا للشاعر الراحل د. تاج السر الحسن والمشهورة بمصر يا أخت بلادي، كأنه يوصي القادمين بمصر. وتعلق السودانيون بمصر قديمًا وتاريخ طويل من العلاقات والحب ولن تؤثر عليها المطبات العابرة الوقتية. في بدايات الغربة منذ أكثر من عشر سنوات وكحال أي إنسان يترك وطنه ويهاجر سوف يحتك بشعوب وثقافات مختلفة عما تركه خلفه وقابلت طبيبًا عمل بالمكان الذي اختاره لي الله، بعد أن ضاق بنا ذرعًا وطننا، قال( يا محمد أنا مغترب منذ أكثر من ثلاثين عامًا وأنت في يومك الأول في عامك الأول سوف أعطيك خلاصة ما توصلت إليه بالتعامل مع غير السودانيين، السوداني لن يجد في كل شعوب العالم أحن وأرق إليه من المصريين مهما بدا لك الأمر ستجدهم أقل حدة تجاهك من بقية الشعوب العربية تجاهنا ) وضرب بذلك مثلًا كشعب الشام خشني التعامل ولو من وراء حجاب. وبعد الانتفاضة الشعبية ثارت الأسافير تحمل الشقيقة مصر الكثير وساعد في ذلك أيضًا الإعلام المصري الموجه في فترة سابقة وكذلك لم يقصر بعض الكتاب السودانيين في الإثارة بتصوير مصر كسارق موارد السودان وتلاعب المخابرات المصرية بالسودان، ولكن يجب أن نقابل الإحسان بالشكر وهل من منكر اليوم بعد أن ساء بنا الأمر وتقطعت بنا السبل وأصبحنا مشردين بدون إعلان رسمي، بعد أن توقفت عندنا الخدمات وانفلت أمننا لم نجد حضن أكثر دفئًا من مصر واقتسمنا معهم الخبز والأرض والأمان والتعليم وحسن الجوار، وبالرغم من انتشار سلوك غير حميد لبعض السودانيين في مصر مؤخرًا إلا أن التوجيهات العليا للدولة هناك أعلنت بالتعامل مع السودانيين كالمصريين وتخفيض رسوم التعليم في مصر حتى أصبح أرخص من السودان وهاجرت الملايين إلى هناك ولم يشكو أحد بأنه ظلم بها وصدق الله العظيم بقوله (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ). وعلى الذين يسوقون بأن مصر تنهب موارد السودان فهم مخطئون نحن ضعيفي البنية التحتية وعديمي العمال المهرة ، لا نقوم بالتصنيع ولا التسويق العالمي لمنتجاتنا ولا نرمي اللوم على الآخرين وخاصة في فترة الحصار لم يكن هناك أنسب من انسياب منتجاتنا تجاه الشمال مما يعظم الفائدة أكثر من بيعها كلها بالداخل مما يشجع المنتجين والمزارعين على زيادة منتجاتهم وفلاحة أراضيهم. وما يحدث او حدث في السودان الآن هو رسالة قوية لمصر بأن أي خلل أو شر يصيب السودان مصر هي أول الدول تأثرًا بذلك، ولتساعد الجارة مصر على استعادة الحكم المدني الذي تطالب به جميع فئات الشعب حتى تنطلق التنمية والازدهار ورفاهية شعبي وادي النيل فاستقرار السودان فيه مصلحة عظيمة للشعبين.