نقل اللقاء الذي تم يوم الخميس الماضي بين المجلس المركزي للحرية والتغيير والعسكريين بوساطة أمريكية سعودية الأحداث في البلاد إلى مربع جديد، بعد التطورات التي طرأت على المشهد السياسي عقب اللقاء الذي أنبت بذرة الخلاف المطمورة بين طرفي الحرية والتغيير، (المركزي) من جهة و(الميثاق الوطني) من الأخرى، فطفق قادة قوى توافق الميثاق الوطني يحذرون بتصريحات متتالية من خطورة تكرار الأخطاء بإعادة انتاج اتفاقيات سمّوها ثنائية بين (المجلس المركزي) والعسكريين لإدارة البلاد مجدداً ، وهو الأمر الذي قوبل بنفي من قبل قادة (المجلس المركزي) التي أكدت أنها لا تسعى إلى شراكة في الحكم، ولن يعود قادتها إلى العمل التنفيذي في الحكومة الانتقالية، وستنصرف كل الأحزاب والقوى السياسية فيها للتحضير للانتخابات، ووجدت تحذيرات قوى (الميثاق الوطني) أيضاً سخرية من البعض، حيث استغرب كثيرون من إطلاق قادة الميثاق لتلك التحذيرات، رغم أنهم ظلوا في السلطة منفردين طيلة الأشهر الماضية، دون تفويض أو تآييد وسند شعبي أو انتخابات. تحذيرات الحرية والتغيير والأحد الماضي حذرت الحرية والتغيير ميثاق التوافق الوطني، مما سماه إعادة عقارب الساعة للوراء، ومن عودة الاتفاقات الثنائية بين المكون العسكري وتحالف الحرية والتغيير، وطالبت المجتمع الدولي بعدم دعم الاتفاقيات الثنائية، ودعته إلى دعم حوار شامل يستوعب كل القوى السياسية والمجتمعية من أجل توافق سياسي شامل تتوسع فيه قاعدة المشاركة دون إقصاء، وفي الأثناء تُطالب الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بحصر العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية في الائتلاف والقوى المناهضة للانقلاب، ولجان المقاومة والحركات المسلحة، لبحث إنهاء الانقلاب وتأسيس السلطة المدنية. تشويش رؤية ونفى القيادي بقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وجدي صالح، لقاءهم بالمكون العسكري السبت الموافق الثالث عشر، وكانت مصادر صحفية قد تداولت أنباء عن لقاء سري بين (المجلس المركزي) والمكون العسكري بهدف مناقشة إنهاء الانقلاب، وبحث سبل حل الأزمة السياسية، وأكد وجدي عدم التقائهم بالمكون العسكري السبت، مشيراً إلى لقائهم يوم الخميس الماضي الذي كان لتوضيح رؤيتهم حول انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر المنصرم أمام المجتمع الدولي؛ بسبب تداول تشويش عن رؤيتهم وموقفهم من العملية السياسية الحالية على حد قوله، كما نف وجدي اتهامات القيادي بقوى الحرية والتغيير (الميثاق الوطني)، مبارك أردول، حول لقاء (المجلس المركزي) بالمكون العسكري، التي قال الأخير إنها تمت مراراً وبالسر، وتابع وجدي: "لن نجتمع بالمكون العسكري مجدداً، وخارطة الطريق المحتوية على إجراءات إنهاء الانقلاب وتسليم السُلطة للمدنيين سنقوم بتسليمها للآلية الثلاثية والمجتمع الدولي بعد إعدادها بالتشاور مع بقية قوى الثورة"، وأضاف: "ملكنا المجتمع الدولي وأمريكا رؤيتنا حول الانقلاب، ونقلنا موقف الشارع والثورة أمام العالم بوضوح من غير تشويش، كما طالبنا بتسليم السُلطة للمدنيين وعودة العسكر للثكنات"، لافتاً إلى أهمية الاجتماع في إيصال وتوضيح موقف الشارع و(المجلس المركزي) من ما يدور في الساحة السياسية، وقال وجدي: "أرسلنا رسالة واضحة للمجتمع الدولي فحواها أنه لا وجود لقوى تثنينا عن قرارنا بشأن الحوار، وأن الحل الوحيد هو إسقاط انقلاب 25 أكتوبر، وتسليم السلطة للمدنيين، والتأكيد على استحالة العودة إلى ما قبل الانقلاب. خارج الإطار ويقول القيادي بحزب الأمة، عز الدين أحمد، إن مخاوف مجموعة (ميثاق التوافق الوطني) نابعة من كونهم سيجدون أنفسهم خارج إطار الصورة المستقبلية للبلاد حال توصل (المجلس المركزي) والعسكريون لاتفاق ينهي الانقلاب، ويضيف أحمد أن الاتفاق يعني أن هذه المجموعة الرافضة ستفقد العديد من المكاسب السياسية والمادية التي توفرت لهم من خلال المشاركة في الحكومة الفترة الماضية، إلى جانب أنهم سيفقدون أهم الأشياء التي حازوها مؤخراً والمتمثلة في أنهم كانوا محل ثقة لدى العسكريين، وأن هذه الثقة الان انتهت، بعد أن انشكف ظهرهم، فضلاً عن فقدان هذه المجموعة إلى التآييد الشعبي، وربما يقود ذلك إلى حدوث انشقاقات وسط هذه الحركات المسلحة، خاصة أن انشقاق أبناء كردفان من حركة العدل والمساواة قد يكون مغرياً للكثيرين في الحركات الأخرى، ويشير عز الدين في حديثه ل" السوداني" إلى أن أكبر مخاوف مجموعة (الميثاق الوطني) تتمثل في أنهم سوف يصبحون في خانة أعداء التحول الديمقراطي، سيما وأن فشل فرضية قوى السلاح لا جدوى منها، بعد أن أثبتت قوى الشارع علو كعبها، ولولا الشارع لما تمكنت هذه المجموعة من المشاركة في الحكومة، بالنظر إلى أنها ظلت تقاتل طيلة السنوات الماضية في نظام الإنقاذ، ولم تتمكن من تحقيق شيئ، وتابع: "من بين المخاوف أيضاً أن هذه الحركات سيكون من الصعب عليها التحول إلى احزاب سياسية، ولن تجد القبول وسط الجماهير، وهذا فيما يبدو هو أكبر مخاوفها، وظهر جلياً في تصريحات مدير شركة الموارد المعدنية ببورتسودان قبل يومين، وتصريحات حاكم دارفور، مني أركو مناوي، أيضاً التي أكد من خلالها أن القوة والسلاح هي الأنسب في نيل الحقوق والحماية، في مغالطة واضحة لمجريات الأوضاع على الأرض، ولكل تلك الأسباب يؤكد عز الدين أن مجموعة (الميثاق الوطني) ستجد نفسها في مهب الريح؛ لذلك أطلقت تحذيراتها الأخيرة.