بعثت 18منظمة سودانية وأجنبية، رسالة مفتوحة إلى الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، تحذر فيها من السماح للبرهان حضور هذه الاجتماعات. ودعت الرسالة المتداولة على نطاق واسع الدول الأعضاء ووفودها إلى مقاطعة أي اجتماعات يحضرها أو يخاطبها الجنرال البرهان، والالتزام ببياناتها ومواقفها السابقة، بما في ذلك بيانات وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، للعمل على تقديم الدعم الكامل لعودة حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان. تأشيرة البرهان.. تيارات ومواقف بدا أن تيارات عديدة تتصارع حول سفر رئيس مجلس السيادة إلى نيويورك للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 77 ، كي لا يتكئ على رهان يعتبره (الرابح) على الرغم من أنه أمس الأول الخميس لم يتسلم مجلس السيادة تأشيرة البرهان، حيث يرجح أن يضم وفده إلى جانب وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق، عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر.. التيار المعارض يراهن على الديمقراطية الأمريكية وأنها لن تخسر سمعتها مقابل أي وعود يراها من يقول إن العسكر فى السودان هم من سيحققون الاستقرار وهؤلاء مدعومون ببعض القوى الإقليمية وما يجمعها مع التيار الأمريكي هي مصالح ربما لن تنجح ما لم يوجد عسكري على سدة الحكم .. تيارات أخرى وتضم مناصري البرهان وحلفاءه من القوى السياسية، وهؤلاء يعتبرون وصول الجنرال إلى مقر الأممالمتحدة ولقائه عددًا من الرؤساء المشاركين اعترافًا رسميًا بأنه حاكم السودان بل وصك دولي "بشرعيته" لذا فإن أي خطوة سيتخذها لاحقًا تنطلق من موقف قوة.. أما التيار الآخر وهو أنصار حكومة المعزول البشير وهؤلاء يدعمون البرهان عبر حلف مرحلي وتكتيكي من أجل خصومهم في قوى الحرية والتغيير لذلك يقفون خلف سفره مترئسًا الوفد إلى الأممالمتحدة.
الدبلوماسية الأمريكية.. تناقضات الخوف من روسيا ما بدا لافتًا أن واشنطن وفي إطار صراعها مع روسيا وحتى لا تتكرر تجربتها مع الحكومة الإثيوبية ونزاعها مع التقراي عندما تخلت عن أبي أحمد الذي حظي بدعم روسي، فقادت إدارة بايدن اتصالات في اتجاهات متعددة، فتحت الباب مع الجانب العسكري في مجلس السيادة رغم مواقفها المعلنة من انقلاب 25 أكتوبر، وعززت هذا التواصل من خلال تنفيذ اتفاق الترفيع الدبلوماسي الذي أبرمه رئيس الوزراء المستقيل حمدوك في العام 2019م، حيث وصل السفير الأمريكي وسلم أوراق اعتماده إلى البرهان.. لكن خارطة تحركات الدبلوماسي الأمريكي وطبيعة اللقاءات تؤكد أن واشنطن تنفذ رؤية خاصة بها لعودة الحكم المدني مجددًا مستندة إلى إعلان البرهان ونائبه الخروج من العملية السياسية.
شرعية الجنرال.. يطرح الكاتب الصحفي ماهر أبو الجوخ فرضيتين حول الجدل الدائر الآن من سفر البرهان إلى نيويورك ويقول ل(السوداني) إنه من الواضح حتى اللحظة أن مسألة سفر رئيس مجلس السيادة (متقلبة ومفتوحة على كل السيناريوهات) ففرص سفره لنيويورك تتساوى مع فرص عدم سفره. لكن سواء انتهى الأمر بسفره أو عدمه فهذا لا يحمل مؤشرات سياسية دبلوماسية فيما يتصل بالاعتراف بانقلابه أو منحه الشرعية بالاستناد للتوجه الدولي الرافض للانقلاب 25 أكتوبر وتعبير الأطراف الدولية مؤخرًا في جلسة مجلس الأمن الدولي خلال هذا الأسبوع وإعلان دعمها لخطوات مسار استعادة الانتقال الديمقراطي ممثلًا في مشروع الإعلان الدستوري الصادر عن نقابة المحامين السودانيين وبيان البرهان نفسه في 4 يوليو وإعلانه خروج الجيش من المشهد السياسي. ويضيف أبو الجوخ أن هذه النقطة الأخيرة هي التي (أهالت التراب) على مساعي فرض الانقلاب كأمر واقع وما عقد المشهد على الانقلابيين أن أطراف من ضمن مكوناته على رأسها قوات الدعم السريع عززت التأكيد على استكمال خروج القوات النظامية من العملية السياسية ومضيها لخطوات إضافية بإعلان ترحيب الدعم السريع عن دعمه لمشروع الإعلان الدستوري الصادر عن نقابة المحامين السودانيين إلى جانب ترحيب الجبهة الثورية بقيادة عضو مجلس السيادة الهادي إدريس بهذا الإعلان ومشاركة حزبي الاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي في صياغة مشروع الإعلان.
تصدع الانقلاب.. ويعزز ماهر موقفه بقوله :إن خلاصة المشهد تظهر أن جبهة الانقلاب (متصدعة ومتآكله) بين مكوناتها الأساسية والسياسية والدبلوماسية وبالتالي فإن المشهد الراهن يظهر الانقلاب في أضعف حالته وليس له من سند إلا بقايا النظام المباد ولو كانوا يجدون نفعًا لما انتهى نظامهم بالسقوط بعد انفراد بالحكم لثلاثة عقود من الزمان.لكل ذلك فإن الانقلاب في حال حدوث هذه الزيارة لنيويورك من قبل البرهان أو إلغاء هذه الزيارة فإن معضلة الانقلاب الأساسية قائمة موجودة ومتنامية وستفضي في خاتمة المطاف عاجلًا أم آجلًا لإنهاء وهزيمة هذا الانقلاب. استعادة الانتقال الديمقراطي. يواصل أبو الجوخ إنه يمكن منحه تأشيرة باعتبار أن الأممالمتحدة منظومة دولية ولكن في السنوات الأخيرة فإن مسألة منح التأشيرات نفسه خاضع لتقديرات الحكومة الأمريكية ونلاحظ هذا في الدورة الحالية بالتشدد في منح تأشيرات الوفد الروسي والمطالبات بعدم منح الرئيس الإيراني تأشيرة زبارة للولايات المتحدة وكذا الأمر في ما يتصل بترأس البرهان لوفد السودان لهذه الدورة ومن الضروري الإشارة أيضًا لرفض السلطات الأمريكية منح الرئيس المعزول تأشيرة المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مهمة سفير.. تفاصيل أخرى حول لندنونيويورك حول إمكانية أن يمنح السفير الأمريكي الذي بدأ مهمته حديثًا بالخرطوم تأشيرة إلى البرهان، يوضح أبو الجوخ أن وصول السفير الجديد الأمريكي يعتبر استكمالًا لمسار وجهود حكومة الانتقال والفرق أن السفير الأمريكي مفوض واوضح انخراطه بشكل مباشر في تنظيم المسار السياسي لإنهاء الأزمة بالتالي سنكتشف لاحقا أن اعتماد السفير الأمريكي ومن واقع دوره وتحركاته على الأرض ليست في صالح الانقلاب أو منحه شرعية بل على العكس ستفضي لانهاء وهزيمة الانقلاب واستعادة الانتقال الديمقراطي. حول سفر البرهان إلى لندن لأداء، واجب العزاء في الملكة ينوه أبو الجوخ بأن الخطوة أيضًا لا قيمة لها ولا يمثل اعترافًا لأن أداء واجب العزاء لا يتم بدعوة وإنما بمبادرة ولكن من الممكن عند مشاركته اتخاذ موقف سياسي منه بوضعه في أسفل الترتيب البروتوكولي ومن المؤكد أن قادة أطراف دولية سيتجنبون الالتقاء معه أو التواجد بالقرب منه حسب تقديري.ويرجح ماهر أن يتم تعبئة الرأي العام البريطاني ضده خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي طالب فيها لندن بالاعتذار عن جريمة( حرب معركة كرري)، ومن المؤكد أن هذا التصريح سيكون لديه مردود سلبي إضافي بخلاف رفض انقلاب 25 أكتوبر.
تعبئة مبكرة و18منظمة على الأرض بدأت قوى المعارضة السودانية في أمريكا استعدادات مبكرة لاستقبال البرهان فى نيويورك، ويستعيد السودانيون في أمريكا تجاربهم السابقة عندما وصل الرئيس المخلوع البشير إلى نيويورك مترئساً وفد بلاده فى تسعينيات القرن، وقتها . كان الدخول ببطاقة دعوة لقاعة همرشولد داخل مبنى الأممالمتحدة حيث ألقى البشير خطابه الأول والأخير وسط هتافات من معارضيه داخل القاعة ، لاحقًا حالت الجنائية بين وصوله إلى نيويورك رغم محاولات متعددة له للمشاركة في أعمال الجمعية. وعلى الرغم من عدم وجود أي دعاوى جنائية فى مواجهة البرهان لكن نحو 18منظمة بينها منظمات يهودية وأمريكية وسودانية بدأت تقود حراكًا ضد مشاركته في أعمال الجمعية.
لماذا وجهت الدعوة للانقلاب؟ يوضح وزير الخارجية السابق إبراهيم طه أيوب أن الأممالمتحدة تعترف في المقام الأول بالدول وليس بمن يحكم وكيف يحكم. في الغالب الأعم تقدم الدعوات للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة للحكومات وكذا في الغالب الأعم أيضًا يمثل الدول وزراء الخارجية ومن النادر أن يرأس وفود الدول رؤساؤها وقد حدث ذلك عند الاحتفال بالعيد الأربعين للمنظمة الدولية، أو قمة الألفية للتنمية أو أجندة البحث عن مخاطر العبث بالمناخ. وفي تقديري أن إصرار البرهان على ترؤس وفد السودان نابع من السعي إلى البحث عن الشرعية التي يجزم أنه يفتقدها بالداخل ويمكن التأكيد أن ذلك لن يمنحه هذه الشرعية التي يبحث عنها وراء البحار، جانب آخر مهم وهو أن الرجل لا يضع في حساباته أعداد القوى الثورية السودانية في الخارج للتظاهر أمام مقار الأممالمتحدة بمؤازرة القوى الخيرة الرافضة لقوى الشر والتي تعمل على انتهاك حقوق الإنسان وكذلك سعي الحكومة العسكرية إلى محاربة القوى الداعية لإقامة الحكم الديموقراطي الرشيد بالبلاد. ويمضي أيوب موضحًا فى حديثه ل(السوداني) عن زيار محتملة للبرهان إلى للندن في المشاركة في تشييع جنازة الملكة اليزابيث الثانية فإنه مؤشر إلى أن بريطانيا، وربما دول أخرى في الغرب، تتعامل مع النظام العسكري في السودان من باب أنه حكومة الأمر الواقع وليس الاعتراف به ممثلًا للشعب السوداني اليى تقف بكافة مكوناته ضدها.
هيدسون والبرهان. قال الدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هيدسون إن مشاركة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ستمثل إقرارًا واعترافًا بأن الجيش هو صاحب السلطة الوحيد في السودان.وأضاف هيدسون في لقاء مع برنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، مساء الأحد، أن هذه الزيارة لا يمكنها أن تقود إلى إضفاء الشرعية على النظام العسكري في السودان، وعلى ما قام به خلال الأشهر التسعة الماضية.