توفي اليوم، الشاعر السُّوداني الكبير، عبد.الله شابو عن عمر يناهز ال80 عاماً، من الابحار في بحور وعوالم الإبداع والشعر والثقافة والأدب. شابو مهندس التبريد، الذي درس في السودان ومصر وأوروبا وأمريكا، قدم ولم يستبق شيئاً للشعر، فهو مؤسس (ابادماك) الثقافي؛ مطلع السبعينات، تقلد منصب رئيس نادي الشعر ورئيس رابطة الكُتّاب السُّودانيين. ونال جائزة الطيب صالح العالمية كشخصية العام 2015م. له العديد من دواوين الشعر، حيث لقيت أعماله انتشاراً ورواجاً كبيراً، منها (أغنية لإنسان القرن الحادي والعشرين، حاطب ليل. شجر الحب الطيب، أزمنة الشاعر الثلاثة). يقول عنه المبدع صديق الحلو: "يعتبر شابو من أميز كُتّاب الشعر في الحداثة في السُّودان. أسهم بالكتابات في الصحف والمجلات القومية، قرأ شابو الشعر بالإنجليزية والإسبانية والعربية. وترجم شعر لوركا الإسباني إلى العربية. قال في قصيدة الكوة حيث مسقط رأسه: عزيزتي يا أمي التي أحب…… يا دوحة تهزها الرياح في الدياجي لكنها تحن للصباح…. وعندما يسير في شعابها القمر……. والنيم يرتوي شعاع……. تحس انها تعانق البعيد والبعيد……. وتغزل الضياء من احلامها العذراء والظلال…. وتكسب التاريخ من براعم الشجر…. كأنها أسطورة عجوز.. عزيزتي.. الناس فيك طيبون". ويضيف الحلو: "شابو لديه مفرده خاصة تفيض بالشجن وتلك النداوة موسيقى شعره تدخل في الوجدان مباشرة كشخصة تماما. خمسين عاماً وهو يكتب الشعر بذات الجودة المعتقة. شعر بسيط المفردة عميق الفكرة كما جعله عميد الشعر في السودان. مع ود المكي ومحجوب كبلو وعالم عباس وعادل سعد. قمم الشعر في السودان. شعر من القلب يخاطب الوجدان ويحتله. تحس بالصوفي العاشق والثوري المتمرد. رقيق العبارة ومبلل بالوجد. شابو المثالي والحالم. خط اسمه من ذهب في السودان وبأحرف من نور واصل المسيرة. جاب كثيراً من أقطار الكون، هذه الأسفار اكسبته كثيرا من التجارب الثرة والمعارف. وكما زوربا اليوناني يكون الحديث معه طاعماً بمذاق القرفة والقرنفل. العبارة عنده مكثفة بالانفعالات وبحب الحياة والناس تحس برائحة الدعاش والأرض والزرع والاخصاب. هذا الشعاع الملتهب يضيء ليل حياتنا بالنور. شابو بإبداعه الأصيل اضحى ضمير أمته مناهضاً للانتكاس. ضد الديكتاتورية والظلم. رافعاً للهمم ومعبراً عن اشواقنا المكبوتة، أحلامنا، آمالنا. لقد ظل شابو وفياً للشعر.. كتب عن الإنسان، اشواقه واحلامه. آلامه وافراحه وعن كوستي والكوة والخرطوم والقاهرة واسبانيا. افريقيا وامريكا والانسانية جمعاء. كتب شعراً حداثوياً كما درويش وادونيس وأمل دنقل". ويقول منصور الصويم: "وداعاً شاعرنا العظيم عبد الله شابو.. محب الاستنارة، الصبوح البسام، المتواضع من هول المعرفة.. وداعاً يا والداً احبنا. رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه أيها الوديع الجميل. لربما… القاكم غداً عند التقاء الساكنين في الحراك ، في الشارع الممتد للأبد، الآن لا أحد هنا يطل من طفاوة الزبد وربما إلى الأبد". يقول الصحفي محمد محمد عثمان: "ورحل أستاذي وصديقي الشاعر عبد الله شابو عن عالمنا خلسة كما النوارس. شاعر عظيم.. هائل المعرفة.. متواضع حد الزهد.. لم يجد الإنصاف الكافي من الوسط الأدبي في بلاده كما سائر المبدعين الذين لا يحبون الظهور الإعلامي. أحبابي لو كان الحَزنُ دموعْ لو أنّا بالعيِن نُحسْ ما يبستْ في شَفةِ الشعرِ الغُنوة لو كان الحزُن يشم نَزَفت رئتاي الدّمْ وطلعتُ عليكم جمرُ الحُرقة يشوي كَفيّ لكني أخجل أن تفضحني أَنّة والدربُ طويل والصبرُ على المكروهِ سلامة أن نُضرب في الرمضاءِ ولا نكبو أن نُشرقَ بالآلام ولا نَعبس الكلمة يوقفها في شَفَتي مَحضُ حياء يوقفها لو شئتم محضُ رياء والشكوى أجهلها لا تعرفني". رئيس التحرير عطاف محمد مختار، وأسرة صحيفة (السوداني)، يحتسبون عند الله تعالى فقيد البلاد الشاعر العظيم شابو، ويسألون الله تعالى أن يجعله في عليين، ويلهم أهله وصحبه وتلاميذه الصبر الجميل. (إنا لله وإنا إليه راجعون)