صباح محمد الحسن طيف أول: تنثال المواجع بما لا يليق بالمدائن الشاهدة على عبور الظلام!! وربما لا يتوقع المواطن السوداني، الذي يعلم بكل ما يدور من عمليات فساد في الدولة، والتي أنهكت تفكيره الذي يدور حول كيفية الوصول إلى الخلاص من طمع الحكومة، التي كانت ولازالت تكرّس جهدها لتحقيق "راحة نفسها" بجمع المال ورفاهية أُسرِها في المدن البعيدة، والتعدي على المال العام وجمعه وتحويله إلى البنوك الخارجية. جشع جعلها تستثمر في قوت المواطن وتضع يدها على موارد البلاد من معادن وذهب، وثروة حيوانية. وتقسيم السلطة لا يقف عند المرامي السياسة، ولكنه يتعدّاها إلى قسمة الثروات والموارد وما كان المواطن يتوقع أن تأتي التقارير بهذه المعلومات الصادمة، فالتقرير القطري السنوي لبنك التنمية الأفريقي الخاص بالسودان توصل إلى أن ما يفقده السودان سنويًا بسبب الفساد يعادل أضعاف ما يُصّدِره من ذهب!!. حقيقة مؤلمة للوضع الإقتصادي والمالي في السودان. وأورد التقرير أرقامًا مخيفة للتدهور الإقتصادي الناتج عن الحرب، مما يؤكد أن سلطة الأمر الواقع ببورتسودان ما هي إلا "مافيا فساد". فعملية التجفيف للموارد التي يقوم بها تجار الحرب تؤكد أن الفساد لا يقتصر على النظام الإداري والمالي، وأن الحكومة تضم مجموعة من اللصوص الفاسدة. فالتقرير يشير إلى أن ما يفقده السودان بسبب الفساد والتعدّي على المال العام والتهرب الضريبي يُقدّر بأكثر من خمسة مليارات دولار سنويًا، وشكّل سوء بيئة الإستثمار وضعف مستوى النظام المالي والمصرفي، عقبة أساسية أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، التي كانت أرقامها متذبذبة خلال السنوات الماضية، فبعد أن كانت 1.06 بليون دولار في 2016 تناقصت لما يقارب النصف في 2022، لتبلغ 573.5 مليون دولار. وأورد التقرير إحصاءات مرتفعة نسبيًا لما يُسمّى برأس المال الطبيعي، ويشمل الثروات الطبيعية المتجددة وغير المتجددة، ورأس المال البشري ورأس المال المنتج، فإن ترتيب السودان الخاص بمؤشرات التنمية البشرية كان منخفضًا في 2023، حيث احتل المركز 45 من بين 54 دولة أفريقية. واحتلت إثيوبيا المركز 21، وكينيا 12، ورواندا 10، ويوغندا 28. وأشار التقرير أيضًا إلى الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد السوداني، والتي زادت من هشاشته، وضعف قدرته على امتصاص الصدمة الناتجة عن الحرب. فالسودان يعاني من ضعف القدرة على استنفار الموارد المحلية، وضعف الإيرادات الحكومية بصفة عامة، ضريبية وغير ضريبية، وانخفاض في القيمة المضافة للمنتجات الوطنية وفي سلع الصادر، بالإضافة إلى ديون خارجية مرتفعة تُشكّل عبئًا ثقيلًا على الميزانية، بسبب تكلفة خدمة الدين والمتأخرات، فضلًا عن تقليل قدرة الدولة على الإستدانة من مؤسسات التمويل الدولية؛ نسبة لتراكم المتأخرات التي تُشكّل 80% من إجمالي مبلغ الدين الخارجي. وبالرغم من مصادقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس على استيفاء السودان لمتطلبات إعفاء الدين في عام 2021، في إطار مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المعروفة بمبادرة الهيبيك، إلا أن انقلاب 25 نوفمبر أدّى إلى أن يجمد صندوق النقد الدولي برنامج التعاون مع السودان، وبالتالي تعليق تنفيذ قرار مبادرة الهيبيك. وكان من المفترض أن يؤدّي القرار إلى تخفيض دين السودان الخارجي، الذي بلغ 56 مليارًا في عام 2021، إلى النصف. كما قام الصندوق بإلغاء برنامج للدعم الفني مدته 39 شهرًا، مع قرض ميسّر بقيمة 2.5 مليار دولار، تمّت المصادقة عليه من قبل إدارة الصندوق في 2021، تحت مظلة برنامج المساعدات المعروف ببرنامج التسهيل الائتماني الممتد. وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي للحرب، فوفقًا للتقرير، بلغت الخسارة التي لحقت بالاقتصاد بسبب الدمار خلال العام الثاني للحرب 125 مليار دولار، بناءً على التقديرات الأولية. وهي نفس القيمة التي خسرها الإقتصاد خلال العام الأول للحرب، حسب تقرير البنك الصادر في العام السابق. وبحسب مصادر دولية ل"الزاوية"، فإن القرض الميسّر بقيمة 2.5 مليار، الذي كان صندوق النقد الدولي قد صادق عليه في عهد حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، تحت مظلة برنامج التسهيل الائتماني الممتد "ECF"، تم منحه لاثيوبيا ورواندا بعد أيام قليلة من انقلاب الفريق البرهان!! طيف أخير: لم تصدر القوات المسلحة بيانًا توضح فيه حقيقة توغل مليشيات إثيوبية داخل الأراضي السودانية في منطقة الفشقة، حسب ما أفادت الشرق!! الجريدة