في ذات الوقت تصاعد المد القانوني والحقوقي ووُجِّهَت انتقادات حادة لما حدث، بل ذهب البعض لتوجيه نداء لمن تعرضوا للانتهاك عبر الحلاقة، ورفع العديد من الناشطين تلك النداءات، مشيرين إلى أن عدداً من المحامين أعلنوا استعدادهم لرفع دعاوى قانونية. رفض وانتقادات ويذهب القانوني والناشط الحقوقي المعز حضرة، في حديثه ل(السوداني)، إلى أن مسألة وجود مجموعات تنتحل صفة قوات الدعم السريع أو غيرها من القوات النظامية لتقوم بانتهاكات إنسانية وإذلال للمواطنين يمثل ظاهرة خطيرة وإخلالاً بالأمن والسلامة العامة. ويرى حضرة أن هذا الأمر يشبه ما حدث إبّان مظاهرة سبتمبر وظهور مجموعات مسلحة ترتدي أزياء عسكرية وتتجول بسيارات عسكرية قامت باغتيال عشرات المواطنين دون أن تتعرَّف عليهم السلطات لتقدمهم للمحاكمة. المستشار العسكري اللواء يونس محمود، يرى في حديثه ل(السوداني)، أن قوات الدعم السريع أُنشئت بموجب قانون محدد وضَّحَ طبيعة عملها ومهامها باعتبارها قوات إسناد وهو ما أكده الناطق باسمها أما ما يُثار عبر السويشال الميديا عن حملات الحلاقة فيجب التوقف عند صحته لأن مثل هذه المواقع تضجُّ بالكثير من اللغو، وأضاف: وجود وانتشار الشرطة وشرطة النظام العام كفيل بضبط أي مخالفات في الشارع بموجب القانون، لافتا في ذات الوقت إلى إمكانية حدوث بعض التفلتات من أفراد ينتمون للقوات النظامية أو ينتحلون صفتها، وهو أمرٌ يستحقُّ التصدِّي له من قبل المواطنين، مضيفا: "من حق المواطن الاطلاع على هوية من يتعامل معه من القوات النظامية ولا يستجيب ألا بموجب القانون". تبنّي رسمي في الأثناء، أعلنت صفحة على موقع الفيسبوك تحمل اسم قوات الدفاع الشعبي الكتيبة 96 قبل أيام عن حملات منظمة قامت بها قوات الانضباط في الدعم السريع والشرطة العسكرية لضبط الشارع العام ومحاربة ما وصفته ب(الحلاقات الشنيعة واللبس اللا رجولي). وتوعدت الصفحة التي لم يتسن التأكد من صحتها، في وقت وعدت فيه قيادة الدفاع الشعبي بالتحقق والرد على الصحيفة في أقرب وقت. الصفحة المتبنية للحملة، واصلت توعدها للشباب الرافضين للحملة بمواصلة نشاطها وتأديب الشباب ومن يحاول التصدي لهم رافعة شعار: (الما أدّبتو الملكية تأدبو العسكرية). والناظر للحلاقة القسرية بهذا الشكل يجد أنها عقوبة عسكرية وترتبط بالمبتدئين في الخدمة العسكرية (المستجدين)، كما أن حلاقة الرأس كعقوبة عسكرية تُعتبر من العقوبات الصغيرة التي تصدر بحق (المستجدين) أو المحكومين بالسجن، وتتعلق بالضبط والربط كالتأخر في التمام العسكري أو إنجاز العمل أو عدم أداء التحية العسكرية للرتب الأعلى. الناشطون يعلقون على صعيد آخر، يرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أن التصرف الذي قامت به مجموعة مسلحة تحمل صفة نظامية تدعي انتماءها للدعم السريع عمل مستهجن ومرفوض لأنه يندرج تحت المعاملة اللاإنسانية والمهينة والحاطّة بالكرامة، كما أن التصرف يُعتبر انتهاكاً لحقوق مجموعة من المواطنين السودانيين الشباب باعتبار أنه صادر من مجموعة أشخاص بصفتهم الرسمية. ويؤكد الناشطون أن الحكومة ملزمة بالتحقيق في الحادث وتقديم الجناة للعدالة وفقاً لالتزاماتها بالإعلان العالمي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقع وصادق عليه السودان عام 1986م والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ووثيقة الحقوق في الدستور السوداني 2005م، مشيرين إلى أن كل هذه المواثيق حرمت التدخل في الحريات الشخصية وتهديد السلامة العامة، ودعت إلى احترام حرية التعبير (الزي وحلاقة الشعر نوع من الحريات الشخصية)، ونهت بشدة عن المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطَّة بالكرامة. حلاقات سابقة في مارس 2013م تداول ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأحد أفراد الشرطة العسكرية يقوم بالحلاقة لشاب يجلس مستكيناً على الأرض بجانبهما عربة عسكرية (تاتشر) وأمام السيارة يقف ضابط يراقب عملية الحلاقة. وتداول الناشطون تعليقات حول الحادثة حيث أشار البعض إلى أنها حملة عسكرية على أصحاب الشعر المسدل من الشباب عبر مجموعة من رجال الشرطة العسكرية. الخبر وبرواياته التي لا تخلو من غرض سياسي طغى عليه الغموض حيث لا توجد مصادر موثوقة تؤكد ما حدث أو تنفيه، ورغم انتشار الصور إلا أنه لم يتم التعرف على الضحية بحكم موقعه في الصورة كما أنه لم يتقدم أحد بالشكوى أو لطلب العطف والمساندة. إلا أن الأمر الأول الذي يتبادر للذهن هو لا سلطة للشرطة العسكرية على رؤوس وأجساد المدنيين، كما أن الأمر بدا وأنه متعلق بتنظيم المدنية وترقية سلوك المواطنين، وهو أمر أقرب لجهات الأمر بالمعروف أو النظام العام وهي جهات ذات طابع شرطي أو دعوي طوعي. في المقابل، لم تُصدر القوات المسلحة أي تصريح رسمي حول الحادثة، إلا أن الناطق الرسمي للجيش حينها العقيد الصوارمي خالد سعد، قال إنه لا يوجد أمر عسكري بحلق رؤوس المدنيين أو تشذيبها، وأضاف أن مهمة الشرطة العسكرية هي الضبط والربط داخل المؤسسة العسكرية فقط. وأضاف الصوارمي: "إذا حدث أي شيء بخلاف ذلك فهو تصرف فردي"، وشدد على أنه لا توجد أي جهة عسكرية مكلفة للقيام بالمهمة، مشيراً إلى أنهم سيتحرون عن المعلومة وإن تأكدت سيبحثون عن الجهة التي قامت بها ولم يستبعد أن تكون هناك جهة منتحلة. وفي كل الأحوال يمكن القول إن الأضرار التي لحقت بالسلطات الرسمية على المدى الطويل أكبر مما لحق برؤوس الشباب إن صَحّت الروايات لأن هذه المجموعات التي وُصِفَتْ بالمنتحلة تنتهك القانون وتُمارس الترويع للمدنيين، وهو ما يتنافى مع مقاصد القوات النظامية مما يستدعي سرعة إجراء تحقيقات عادلة وشفافة للتعرّف على حقيقة ما حدث وتحديد هوية هذه المجموعات وتقديم المتورطين للعدالة وتعويض المتضررين، وإلا فإنه لا يوجد ما يمنع من ظهور مجموعات أخرى لا تحلق الرؤوس بل تجزّها.