دعونا نفكر ونحلل بعيدا عن التفاصيل الأمنية والعسكرية للمحاولة التخريبية، ما حدث حدث وانتهى، ولكن دعونا نتحدث عن جرد حساب للأرباح والخسائر. من (ناحية إعلامية) وبكل أسف تشكلت صورة واحدة للسودان في العالم وضاعت منها كل ملامح الإنجاز والجاذبية الإقتصادية والفكرية وهي أن السودان هو البلاد التي أحبطت حكومتها مؤامرة ضدها قبل ساعات أو أيام. لو تصفحت العناوين الرئيسية عن السودان في كل وكالات ومواقع البث فإنك لا تجد إلا هذا ولواستخدمت محرك البحث في قوقل أخبار (عربي أو إنجليزي) لن تجد إلا هذا. بالمقابل الصورة الحقيقية تختلف عن ذلك فالسودان فيه حراك ومؤتمرات دولية عديدة ... سياسية وإقتصادية ومجتمع مدني وخلاف ذلك. هنالك مؤتمر وزراء التعليم العالي للعالم الإسلامي (بضع وخمسين دولة)، مؤتمر التضامن العالمي مع السودان ضد الإعتداء الإسرائيلي (40 منظمة عالمية)، مؤتمر شركات الإتصالات الافريقية (قرابة المئة)، مؤتمر التعاون الإسلامي الذي أعلن عن اعماله التحضيرية ليلتئم شمله في يناير. هذا غير (120 ) ضيفا من الوزن الثقيل لمؤتمر الحركة الإسلامية كان يمكن توجيه رسالة عبرهم بإجراء حوارات ومقابلات عن التجربة السودانية وعن تعريف مفهوم الإرهاب وغيرها من القضايا الجاذبة إعلاميا. أضف لهذا إفتتاح مهرجان السياحة والتسوق في بورتسودان (إيتانينا 6) .... هذا المهرجان الشتوي المنعش الرائع الذي غطت عليه بالضربة القاضية جملة واحدة قالها الدكتور الحاج آدم يوسف نائب رئيس الجمهورية وهي أننا سنحسم أية محاولة لقلب النظام أو كلام يشبه ذلك. لكن من المخطيء وما هو التعامل الطبيعي لأجهزة الإعلام؟ بالتأكيد إنتقاء هذه الجملة وإفاضة الحديث والتحليل عن المحاولة وعن الدكتور الحاج آدم يوسف وعن المحاولة التي اتهم بها وبريء منها في 2004 وبعد هذا السرد كله قد تتصدق أجهزة الإعلام بالعبارة البائسة (الجدير بالذكر أن الحاج آدم يوسف كان يخاطب مهرجان السياحة في مدينة بورتسودان شرقي السودان) كل هذا الجرد يعني أننا لم نستفد من المحاولة كما انها عصفت بالمؤتمرات الأخرى وعشرات التقارير الإيجابية أو ربما تلك التقارير لم تنشر من الأساس ودليلي على ذلك أنني قمت بتصفح محرك قوقل أخبار باللغة الإنجليزية عن مؤتمر التضامن العالمي ضد الإعتداء الإسرائيلي فلم أجد إلا خبرين احدهما في سودان فيشن السودانية وآخر في موقع أفريقي ضعيف جدا. لاحظت أن خبر سودان فيشن مختصر على جلسة واحدة خاطبها وزير العدل فاتصلت بالأستاذ سيف الدين البشير رئيس التحرير فوجدته لم يتلق دعوة للمؤتمر ولم يتم إخطاره به وان هذا الخبر ربما يكون إجتهادا من الصحفي أو ترجمة من الأخبار العربية وهذا يعني أن الصحيفة الإنجليزية السودانية الوحيدة التي تملك موقعا دوليا لم تستصحب في المؤتمر ناهيك عن إستقدام ضيوف إعلاميين من أصدقاء السودان.