السودان يواجه أزمة اقتصادية متصاعدة منذ العام الماضي، حيث تضاعفت أسعار بعض السلع وارتفع التضخم ما يقرب من 70% وانخفضت قيمة العملة المحلية، وعانت عدة مدن من نقص كبير في توفر السلع الأساسية خلال الأسابيع الماضية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، في وقت تلقى فيه السودان منحا أو قروضا غير مستردة، ساهمت في انتعاش الاقتصاد السوداني مؤقتا قبل أن تتجدد الأزمات في ندرة السلع الضرورية على رأسها القمح والوقود بجانب عدم استقرار سعر الصرف وارتفاعه مقابل العملة المحلية. ماذا يقول الخبراء؟ الخبير الاقتصادي د.عبد الله الرمادي يرى في حديثه ل(السوداني) أن المنحة القطرية لا تحل المشكلة الاقتصاد بالتأكيد، لأن حل المشكلة الاقتصادية السودانية لا يمكن بمبلغ مليار دولار فقط، وأضاف: "كنت أتوقّع من قطر أن تقدم منحة على مستوى حاجة السودان الفعلية بحيث لا يقل المبلغ عن خمسة مليارات دولار كحد أدنى ويفضل أن يكون 10 مليارات دولار حتى تعطي القائمين على الأمر الوقت الكافي لتدبير الأمور وإصلاح البيت من الداخل". وبرر الرمادي صعوبة الوضع لجهة تراكم الإهمال في معالجة المشكلات الاقتصادية عبر العقدين الماضيين ما أدى إلى وجود أخطاء وسياسات غير فاعلة مما يستوجب إجراء الكثير من المعالجات الاقتصادية الجريئة وعلى رأسها خفض الإنفاق الحكومي. الرمادي أكد أن للمنحة أثرا فوريا على الاقتصاد بتخفيف ضغط الطلب على الدولار، وينبغي في هذه الحالة حتى تؤتي أُكلها بالكامل الحرص الشديد على كيفية توظيفها ومن الأهم ألا تذهب هدراً في ما لا طائل منه كالصرف البذخي الذي لا يعود بالنفع على الاقتصاد، مشيراً إلى أنه إذا أحسنت إدارة الوديعة وكل ما هو قادم من حصائل صادرات الذهب وغيره سيساعد على سد الفجوة في ميزان المدفوعات، وبالتالي يُساعد على خفض الطلب على الدولار الذي يتوقع أن ينخفض سعره بصورة جذرية، معرباً عن أمله أن تُوظَّف المنحة القطرية وتُعطى الأولوية القصوى لتجهيز حصائل الصادر وتوفير احتياجاتها لكي تصل الميناء ويمكن تصديرها لجهة أنها توفر مبالغ أكثر. وأكد الخبير الاقتصادي بروفيسور الكندي يوسف، أن المنحة القطرية لها أثر مباشر على الاقتصاد لجهة أنها تزيد العرض من النقد الأجنبي وبالتالي تعمل على توازن السوق وخفض النقد الأجنبي. فيما يذهب رئيس اتحاد غرفة الاستيراد ومسؤول السياسات والاستراتيجيات باتحاد أصحاب العمل سمير قاسم في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن الوديعة القطرية جاءت في الوقت المناسب بردا وسلاما على الاقتصاد والمواطنين لجهة أنها من ناحية المواد البترولية سوف تُوفِّر الجازولين في الوقت المناسب وسيكون هناك أثر كبير في توفير الدقيق، وبالتالي ترفع المعاناة عن المواطن، وأضاف أن من أهم الآثار أنها تعمل على استقرار مُجدٍ في سعر الصرف وهذه ميزة المنحة القطرية، ولها أثر كبير جدا حتى على المستوى النفسي للمواطن وحصولهم على السلع بأسعار معقولة وتوفر السلع الأساسية بالنسبة للمواطن. تفاصيل التأثير وأكد الخبير الاقتصادي د.عز الدين إبراهيم التأثير الإيجابي من عدة نواحي، أولها أن الوديعة تؤدي إلى خفض الدولار في السوق الموازي وتوفر موارد أجنبية لاستيراد الضروريات على رأسها القمح والمحروقات والأدوية، بجانب أنها تزيد الثقة في الاقتصاد ككل وتهدئ الخواطر والخوف من الندرة الحادثة حاليا في الخبز والمحروقات، معرباً عن أمله في أن يأتي المزيد من الودائع لامتصاص الندرة والضيق الحادث في المعيشة، مشيراً إلى أهمية إعطاء الاقتصاد السوداني مهلة لإصلاح السياسات المعمولة حاليا لزيادة الإنتاج لحل المشكلات أهمها توجيه الإنتاج إلى الصادرات لتوفير عملات أجنبية وتنويع الاقتصاد للدخول في التصنيع الزراعي وغيره والاهتمام بقطاع الخدمات لجذب السياحة، لافتاً إلى أن معظم الضيق الماثل حالياً سببه نقص في العملات الأجنبية، وبالتالي هذه الوديعة تسد النقص على المدى القصير وتعطي مهلة للسياسات على المدى الطويل، وأضاف: تتمثل السياسات على المدى الطويل في تنوع الاقتصاد والدخول في الخدمات والصناعات. ماذا قال تجار السوق الموازي؟ فيما كشف تاجر العملة (ح. خ) في حديثه ل(السوداني) أمس، عن عدم تأثر السوق الموازي بالمنحة المليارية، مؤكداً أنها قد تُحدث انخفاضا في سعر الدولار الذي ينعكس على السوق في انخفاض في أسعار البناء والعلاج والسلع الضرورية المستوردة والمحلية. بينما أكد التاجر (ع. ه) أنه لا أثر للمنحة القطرية حالياً وأنه لا يوجد لها أي تأثير لجهة أن سعر الدولار بلغ 60,500 جنيه يوم أمس، مؤكداً أن المنحة قد تؤثر على انخفاض سعر الدولار وبالتالي انخفاض سعر السلع وقد يصل سعر الدولار إلى 55 جنيها.