وضَعَ لافتة خارجية كُتب عليها وكالة السودان للتنمية صندوق دعم الوحدة.. العمل تحت مسمى السراب مصدر حكومي: أتوقع أن يُحل الصندوق أو يُدمج قريبا الصندوق: لا زلنا نعمل، لوجود مشاريع في خمس ولايات شمالية "دعم الوحدة" مسمى من كلمتين كان يعني الكثير للعديد من الناس خلال سنوات خلت.. منهم من آمن بالقضية وبذل كل ما يستطيع من أجلها، ومنهم من استغلها وحاول الكسب من ورائها بمسميات مختلفة.. كان على الشمال وقادته حينها تقديم ما يجعل "الوحدة" جاذبة للجنوب وأهله، وكانت الحركة الشعبية هي التي ستقرر وتحكم إن تحققت الوحدة الجاذبة أم لا، وعلى هذا الأساس تكونت هيئات "آل الوحدة".. غير أن الفئتين (المؤمنة والمستغلة) يفترض أن يكون عملهما انتهى مع إعلان نتيجة انفصال الجنوب واستقلاله بدولته، وهو ما لم يحدث!! خبر بسيط بُث على قناة السودان قبل أكثر من شهر، يشير إلى زيارة وفد إلى صندوق دعم الوحدة يشكره على الإنجازات التي حققها لهم.. لكن ما من أحد سمع الخبر إلا وتبادر بذهنه "وهل لا زال يعمل صندوق الوحدة؟" الخرطوم: لينا يعقوب بلا شك إن الصندوق و"الهيئات الوحدوية الأخرى" فشلت في المهام التي أُنشئت من أجلها والمتمثلة في جعل الوحدة جاذبة لمواطني جنوب السودان، لذا كان متوقعا أن تعلن تلك المؤسسات إغلاق أبوابها إن كانت طوعية، أو أن يتم تسريحها إن كانت حكومية، وهو ما حدث لمعظمهم. (السوداني) اتجهت إلى منطقة قاردن سيتي، حيث يوجد صندوق دعم الوحدة، قامت بتمشيط الشارع ذهابا وإيابا، فلم تجد تلك اللافتة المكتوب عليها "صندوق دعم الوحدة" إنما وجدت لافتة أخرى كتب عليها "وكالة السودان للتنمية". كان الاستفسار الأول، هل تلك الوكالة هي صندوق دعم الوحدة؟، فكانت الإجابة المدهشة "نعم"، فجاء الاستفسار الثاني، هل يعمل الصندوق بالاسمين؟ فكان الرد الغريب أيضا "نعم".. أما السبب الأغرب هو أن رئيس الجمهورية الذي أصدر مرسوما جمهوريا بإنشاء الصندوق لم يصدر مرسوما بحله، فاستمر عمله بذات الاسم إلا أن إدارة الصندوق رأت أن تبدل اللافتة إلى أخرى كُتب عليها "وكالة السودان للتنمية". تغيير اسم الصندوق بلافتة خارجية دل على مخالفة وأثار في ذات الوقت عدة تساؤلات، فهل يخجل الصندوق أن يستمر عمله بذات المسمى؟ أم أنه أراد أن لا يلفت الانتباه والأنظار إليه؟ أم أنه خاطب رئاسة الجمهورية لتغيير اسمه وهي إلى الآن لم تحرك ساكنا؟. الإجابة جاءت على لسان شخص فضل حجب هويته قال إن الصندوق يريد الاستمرار في دعم الوحدة المتبقية بين ولايات السودان.! الوحدة بين الحركة والصندوق قيادات الحركة أعلنوا أنهم سيختارون الوحدة شرط إن كانت جاذبة، الأمر الذي جعل قيادات حكومية رفيعة تنشئ هيئات شعبية جماهيرية وأخرى بها قيادات سياسية في الوقت الضائع لتحقيق خيار الوحدة. "هيئة دعم الوحدة" "الهيئة الشعبية لدعم الوحدة" "رابطة دعم الوحدة" "صندوق دعم الوحدة".. جهات ومؤسسات زادت وكثرت وراجت بين أعوام (2008، 2009، 2010) وتحديدا حينما اقترب موعد الاستفتاء، وكما ظهرت تلك الجهات، برزت عدة أسماء، وطنية وقومية، كان بينها الميرغني وسوار الذهب، وآخرون. غير أن جميع تلك الهيئات وضع عليها الشمع الأحمر منذ ديسمبر من العام الماضي إلا الصندوق!! مصدر حكومي اكتفى بالقول ل(السوداني) إن العمل الذي كان يقوم به صندوق دعم الوحدة أو وكالة السودان للتنمية – أيا كان اسمها – يفترض أن يؤول إلى وزارة المالية وجهات أخرى ذات اختصاص، وقال إن بعض المؤسسات لم تقم الحكومة بحلها حينما اتخذت قرارات متعلقة بسياسة التقشف مثل مستشارية الأمن القومي، إلا أنها قامت بحلها مؤخرا، ورجح أن يتم حل الصندوق أو دمجه مع جهة أخرى قريبا. الصندوق: (...) هذه هي مهامنا اتجهت (السوداني) لصندوق دعم الوحدة لطرح عدة استفسارات. ورغم أن جميع الموظفين أبدوا تعاونا كاملا وحاولوا تنسيق موعد مع الأمين العام د.يحيى حسين، إلا أن المحاولات باءت بالفشل نسبة لعدم تواجده في الخرطوم في ذلك الوقت. غير أن (السوداني) تمكنت من الحصول على إجابات كتابية من المسئول الإعلامي بالصندوق النواي اسماعيل، حيث أوضح أن الصندوق كان يعمل في عشر ولايات، خمس شمالية وخمس جنوبية أما الجنوبية فهي شمال بحر الغزال , غرب بحر الغزال , واراب , الوحدة وأعالي النيل.. والولايات الشمالية هي جنوب دارفور , جنوب كردفان , النيل الابيض, سنار والنيل الأزرق بالإضافة لمنطقة أبيي، وقال إن طبيعة عمل الصندوق تتمثل في إنشاء مشروعات تنمية للربط بين منظومة الولايات المسماة بولايات التمازج وهو شريط يحتوي على ثلثي موارد السودان وسكان السودان، مشيرا إلى أن الغرض منه إحياء قيم التكامل والتعاون المشترك باعتبارها واحدة من التوجهات التي أعقبت السلام وتعويض سكان ذلك الحزام عن ما تعرضوا له خلال فترة الاحتراب بمشروعات تنموية تمثلت في التعليم والصحة والمياه والطرق والموانئ النهرية والمطارات والجسور والمعابر ومشروعات التنمية الاقتصادية وصحة البيئة ودعم الجامعات لتنتقل الى مقارها بالجنوب. ويقول النواي إنه بغض النظر عن رمزية اسم الصندوق لكنه كان لابد بعد انفصال الجنوب من إكمال المشروعات التي بدأت في الولايات الشمالية الخمس خاصة أنها أصبحت البديل المناسب للعديد من سكان الشمال الذين ارتبطت حياتهم بالجنوب سابقا وأسهمت في تقليل الضغط على الخدمات في أماكن عودتهم وكشف بأن تلك الأعمال شارفت على الانتهاء. وحول التمويل المالي للصندوق أوضح المسئول الإعلامي أن حكومة السودان قد خصصت موارد الصندوق التي نفذ بها مشروعاته. مرسوم جمهوري كان لا بد من العودة إلى الوراء قليلا لمعرفة أسباب ودواعي إنشاء الصندوق.. حيث أصدرت رئاسة الجمهورية مرسوما جمهوريا حمل رقم (31) لسنة 2008 بإنشاء صندوق دعم الوحدة وشرح المرسوم بصورة مطولة أسباب إنشاء الصندوق والمهام الموكلة إليه، ووضح هيكله وأجهزته وأهدافه.. كان التبرير أنه وفاء لالتزام طرفي اتفاقية السلام الشامل بالعمل من أجل وحدة السودان، وتجديدا لالتزامهما بجعل الوحدة جاذبة لمواطني جنوب السودان وفقا لما نصت عليه مواد من اتفاقية السلام ومن بروتوكول مشاكوس. وبعد التشاور في رئاسة الجمهورية أصدر مرسوم جمهوري بإنشاء صندوق دعم الوحدة تكون له شخصية اعتبارية ويكون مقره الرئيسي بالخرطوم ومقر آخر مناوب بجوبا. وحسب المرسوم - الذي تحصلت (السوداني) على نسخة منه – فإن من مهامه تمويل المشاريع المشتركة من حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان، وتمويل مشروعات الربط بين الشمال والجنوب خاصة مشروعات الطرق البرية والسكك الحديدية والنقل النهري والجوي، وتنمية مناطق التمازج على طول الشريط الحدودي بين الولايات الشمالية والجنوبية مع إعطاء أسبقية أعلى للمشروعات التي تعمق روح المصالحة الوطنية وثقافة السلام والمحافظة على البيئة. اختصاصات الصندوق: جمع التبرعات، وتملك الأموال سواء كانت ثابتة أم منقولة عن طريق الشراء أو خلافه وبيعها أو استثمارها أو تأجيرها أو رهنها وإقامة أي منشآت لازمة لتحقيق أهدافه، الدخول في المشاريع التي يكون من شأنها تنمية موارده سواء بمفرده أم بالمشاركة مع أي شخص أو جهة، القيام بأي شيء آخر يكون ضروريا أو لازما لتحقيق أهدافه. أجهزته: مجلس إدارة الصندوق، الهيئة التنفيذية، يتبع الصندوق لرئاسة الجمهورية، يكون الصندوق تحت إشراف رئيس الجمهورية، يتكون مجلس إدارة الصندوق من النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيسا، نائب رئيس الجمهورية رئيسا مناوبا، ستة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بعد التشاور مع النائب الأول، يكون الأمين العام للهيئة التنفيذية مقررا لمجلس إدارة الصندوق. مهام الأمين العام تعيين العاملين بالصندوق، إبرام العقود نيابة عن الصندوق بعد موافقة مجلس الإدارة، إيداع أموال الصندوق في حسابات مصرفية، الإشراف علي الشؤون الإدارية والمالية، إعداد الميزانية السنوية للصندوق وتقديمها لمجلس الإدارة لإقرارها، إعداد تقرير سنوي عام عن أداء الصندوق وتقديمه لمجلس الإدارة لإجازته. الموارد المالية للصندوق مساهمة حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان بنسبة 50% و25% على التوالي من نصيبهما في عائدات نفط الحقول الكائنة بالمنطقة الخاضعة للتحكيم، القروض والمنح والهبات، أي أموال يوافق عليها مجلس إدارة الصندوق، الحسابات والمراجعة، حفظ الصندوق حسابات منتظمة للإيرادات والمصروفات، يحتفظ الصندوق بمال الاحتياطي العام ويغذي من وقت لآخر من فائض موارد الصندوق. 3 مليارات أُنفقت في الصندوق في الخامس عشر من يوليو 2010 قال الأمين العام للصندوق يحيى حسين إن الصندوق سينفق مبلغا قدره 3 مليارات و 480 الف جنيه في مشروعات تتعلق بمجالات البنى التحتية والصحة والتعليم. وأشار الى أن الصندوق قدم دعما لولايات أعالي النيل وبحر الغزال والاستوائية، موضحا أن الحكومة تحملت 71% بينما تحملت حكومة الجنوب 29%. ورغم ذلك – إن صحت المشاريع والأرقام – لم يختر مواطنو الجنوب الوحدة، ولم تحسب الحركة الشعبية أن بعض المشاريع التي أقيمت كان غرضها تدعيم ذلك الخيار. لذا يظل العمل باسم صندوق دعم الوحدة أو وكالة السودان للتنمية – بحسب مراقبين - وبذات المميزات والمخصصات أمرا غريبا في ظل وجود وزارات معنية بتقديم الخدمات وإنفاذ المشاريع في ولايات السودان المختلفة، إلا إن كانت تلك الجهات مقصرة في هذا الأمر!