** لو وجد مُخرجاً بارعاً، ليس مشروع سندس الزراعي فقط، بل مشروع المدينة الرياضية أيضاً يصلح بأن يكون عملاً درامياً ضاجاً بالمشاهد المأساوية..وبالمناسبة، لم يبدأ مسلسل المدينة الرياضية مع مطلع عهد هذه الحكومة، أو كما يظن البعض .. بل، في العام 1966، اتصل مجلس وزراء ذاك العهد بإحدى الشركات البلغارية لتنفيذ المشروع على قطعة أرض مساحتها ( 1.200.100 متر مربع)، بشمال الحزام الأخضر، بتكلفة مقدارها (8.655.000 جنيهاً)..وبعد تجهيز كل تلك المراحل - دراسات وخرائط وعقودات - توقف العمل بالمدينة قبل (حفر الأساس)، لعدم توفر التمويل..وهنا يتضح أن نهج (شراء الوتد والحبل قبل شراء الحمار)، ليس ببدعة إنقاذية، بل ذاك نهج كامن في الجينات الوراثية لحكوماتنا الوطنية..!! ** ثم، في العام 1972، أعدت حكومة ذاك العهد دراسة أخرى لتنفيذ هذا المشروع على الأرض الواقعة شمال الحزام الأخضر ذاتها، وبذات خرائط العام 1966، وبلغت التكلفة حسب الدراسة (56.300 دولار)، ولكن لم ينفذ المشروع لعدم توفر التمويل أيضاً..ألا يعني هذا تأكيداً بأن أصل الداء في الجينات الوراثية؟..ثم ، في العام 1981، شمرت حكومة ذاك العهد ساعد الجد وقررت تنفيذ المشروع على ذات الأرض وبذات الخرائط ، وأعدت دراسة بلغت فيها التكلفة (75.000.000 دولار)، ولكن توقف العمل قبل وضع حجر الأساس، لعدم توفر التمويل أيضاً..ولو لم يحدث هذا، لما سميت تلك الحكومة وطنية..!! ** ثم تواصلت حلقات المسلسل، ولكن ليست بتلك الرتابة، بل تميزت حلقات ما بعد (ديسمبر 1992)، بالإثارة و(الأكشن)، والغرائب..صدر قرار إنشاء المدينة في ذاك التاريخ ، وكان من مجلس قيادة الثورة، ثم قرار آخر بإنشاء صندوق خاص بالمدينة، وتم إيداع مبلغ (10.000.000 جنيه)، ثم إعادة تخصيص الأرض، وكذلك تم نزع (الساقية 33 )، مساحتها (354.23 فدان)، لصالح المدينة بدون تعويض أصحابها، ثم تم التعويض لاحقاً بعد أن تضرروا وتظلموا.. وعليه، صارت المساحة المخصصة رسمياً للمدينة (1.488.144 متر مربع) .. أخيراً، أي في هذا العام ، راجع المراجع العام تلك المساحة، ولم يجدها..فخاطب البرلمان قائلاً : ( تم الاعتداء على أرض المدينة الرياضية)، وصمت .. أي لم يُسهب ..فلنسهب..!! ** تم استقطاع (369 قطعة)، مساحتها (323.580 متر مربع)، بخطاب من مستشار برئاسة الجمهورية لصالح أصحاب السواقي المنزوعة، كتعويض ..قد يكون المدهش هو أن يتم تعويض المتضررين في قلب سواقيهم المنزوعة لصالح المدينة، ولكن ما يحير الإنس والجان هو أن المراجع العام لم يجد من الوثائق والمستندات ما يفيد باستلام المتضررين لهذا التعويض..المهم، فقدت المدينة تلك المساحة بأمر مستشار رئاسي لم يذكر التقرير اسمه.. ثم فقدت مساحة أخرى قدرها (144.350 متر مربع)، بأمر حكومتي ولاية ومحافظة الخرطوم ، حيث بيعت تلك المساحة كقطع استثمارية (712 قطعة).. وللأسف، لم يجد المراجع ( أسعار البيع، ولا طريقة البيع، ولا الخزينة - أو الجهة - الحكومية التي تم فيها توريد عائد البيع).. أي، يقول لسان حال التقرير عن تلك القطع : ( باعوها وخلاص).. ومن هنا يتواصل عرض الحلقات الأكثر إثارة و.. (الأعمق حزناً)..!!