بعض التقارير الإعلامية نقلت تجميد بنك السودان المركزي عمل آلية صُناع السوق بصورة غير معلنة، وكشفت آلية تحديد سعر الصرف (صناع السوق) عن تجميد عملها لأجل غير مسمى. وأشار مصدر مطلع بالآلية بحسب ال(s.m.c) إلى عقد محافظ بنك السودان المركزي اجتماعاً مع أعضاء الآلية تم بموجبه تجميد عملها، مبيناً أن الاجتماع بحث عمل الآلية خلال الفترة السابقة فيما يختص بتحديد سعر الصرف اليومي لتداول العملات الحرة الذي يتم يومياً. الآلية تنفي ولكن آلية صُنّاع السوق نفت في تعميم صحفي أمس الأول تجميد عملها، مشيرة إلى تقديمها مقترحاً لمحافظ بنك السودان المركزي، بتجميد عمل الآلية على ضوء المُتغيِّرات في الساحة الاقتصادية، وأكّد الناطق باسمها عبد الحميد عبد الباقي سراج، أن البنك المركزي لم يصدر أيِّ قرار بحل الآلية، وأضاف: المركزي هو الجهة الوحيدة التي أصدرت قرار إنشاء الآلية، وهو الجهة الوحيدة التي تُقرِّر في شأنها. دواعي التجميد ويرى الخبير المصرفي محمد عبد العزيز في حديثه ل(السوداني) أن أبرز دواعي تجميد عمل آلية صناع السوق يعود إلى فشلها في تحديد سعر الصرف، مشيرا إلى أنه بتحديدها يكون بنك السودان عاد إلى سياسة سعر الصرف المرن المدار الذي سيحدد عبر البنك المركزي، وأضاف: أكثر ما سبب ضعفا للآلية عدم مقدرتها على مجاراة السوق الموازي كما أنها حملت دواعي فشلها في تكوينها. منوها إلى أنها لم تفعل شيئا غير ارتفاع أسعار الدولار لجهة أن البنك المركزي لم يكن لديه نقد أجنبي كافٍ يستطيع بموجبه مجاراة الموازي. متوقعا أن يستمر سعر الآلية 47.5 جنيه في العمل مشيرا إلى أنه كان من الأفضل تخفيضه عقب خفض سعر الدولار الجمركي. وأشار عبد العزيز إلى أن من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها آلية صناع السوق هو تخفيض سعر الجنيه من 29 إلى 47.5 جنيه مقابل الدولار منذ اليوم الأول في محاولة غير موفقة للحاق بالسوق الموازي. نظام نقدي الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي يرى في حديثه ل(السوداني) أن تجميد عمل آلية صناع السوق دليل على أنه ليس لدى البنك المركزي سياسة أو خطة، مشيرا إلى أن الاستقرار الاقتصادي مرتبط بوجود نظام نقدي ومالي سليم يمشي بانسجام مع التطور الاقتصادي، منوها إلى أن أي خلل بين التوازن النقدي والمالي يؤدي إلى عدم التوازن في الاقتصاد الكلي. مؤكدا أن الأزمات الاقتصادية سببها الخلل في السياسات المالية والنقدية، وأضاف: البنك المركزي مهموم بالتركيز على تحقيق الاستقرار في سعر الصرف كأداة وحيدة لتأمين استقرار مستويات الأسعار ومكافحة التضخم. فتحي كشف عن أن للسياسة النقدية أداتين هما سعر الصرف وسعر الفائدة، فذلك يدل على أن البنك المركزي يستخدم أدواته المتاحة بمبدأ رد الفعل وليس المبادرة بالفعل، لافتا إلى أن الاقتصاد السوداني يحتاج إلى حزمة متكاملة من الإجراءات المتزامنة لعبور أزمة الدولار وتعزيز المعروض منه. مشيرا إلى أنه في حال تم تقييم التجربة لكان أفضل، وأضاف: الآلية كانت فعالة تجاه القطاعات الاقتصادية وذات آثار إيجابية بينما لم تتحرك تلك القطاعات إيجابيًا وظلت كما هي. سر الاستقرار هيثم قطع بأن المؤثر الرئيسي في استقرار سعر العملة هو الإنتاج وحركة الصادرات والواردات، فكلما زاد الإنتاج الصادر عن الوارد تتوفر عملات أجنبية، وبالتالي ثبات سعر الصرف وانخفاضه مع عدم تجاوز دور البنك المركزي في إصدار اللوائح التي من خلالها يمكن الحفاظ على سعر الصرف، وأضاف: يمكن أن يحجم المصدرون عن التصدير لعدم وجود سعر مجزٍ وخوفهم من التعرض لخسائر مؤكدة في حالة التصدير، لافتا إلى أن سعر الدولار يخضع للعرض والطلب، منوها إلى أن العرض معدوم بينما يشهد الطلب زيادة بصورة مستمرة، معتبرا أن الآلية كانت فرصة كبيرة من أجل تحقيق استقرار في الاقتصاد لكن التحدي كان للبنك أن يعمل على توفير نقد أجنبي كافٍ. احتياطات نقدية المحللة الاقتصادية سمية سيد، تذهب في حديثها ل(السوداني) إلى أن تجميد الآلية يعود لفشلها في تحقيق أهدافها خاصة تحديد سعر الصرف، مشيرة إلى أن التوقعات إبان إعلان عمل الآلية كانت أن يرفع المركزي من تحديد سعر الصرف واتضح لاحقا أنه رفع سعر الصرف وفشل في استقراره خاصة أنه لم يكن يملك احتياطيات من النقد الأجنبي تمكنه من حماية سياساته التي يعلنها، وأضافت: كان لا بد من أن يكون الفشل هو النتيجة الحتمية. سمية أكدت أن المفترض كان أن يرفع بنك السودان يده تماما من تحديد سعر الآلية، واتضح لاحقا تحول تحديد سعر الصرف من التأشيري لبنك السودان إلى آلية صناع السوق، وأصبحت تقوم بدور المركزي وتثبت سعر الصرف في 47.5 جنيه، مؤكدة أن السعر لم يتحرك لذلك لا يمثل السعر الحقيقي للدولار. وكشف رئيس الآلية، فيصل عباس، في وقت سابق عن سياسات مستقبلية سوف يرتكز عليها عمل الآلية عبر التعاطي مع السعر السائد في السوق، لافتا إلى أن أسعار الآلية ستتغير وفقا للمعطيات المستقبلية، وأضاف: "الآلية عملت على إقرار أسعار مجزية للمتعاملين". منوها إلى تعاطيهم مع متغيرات السوق، مرجعا ارتفاع أسعار الدولار في الأسواق الموازية إلى المضاربات وعدّه سعرا حقيقيا مقرا بوجود تشوهات أثرت على عمل الآلية من بينها انعدام النقد الذي ساهم في خلق سعرين للدولار، أحدهما عبر النقد والآخر عبر الشيكات المصرفية.