أبدأ هذه السلسلة بالرقم خمسة عطفاً على مقالات فبراير الفائت والتي دشنتها في ختام (إيتانينا 5) مهرجان السياحة والتسوق الخامس والذي طفنا فيه بورتسودان وسنكات وسواكن وأركويت وما بين ذلك من تلال وسهول. وأكتب هذا العمود من داخل قاعة السلام التي تحتضن ملتقى الإستثمار الثالث الذي يأتي من ضمن فعاليات (إيتانينا 6) وهو مهرجان السياحة والتسوق السادس. هذا المهرجان الذي دأبت ولاية البحر الأحمر على رعايته من نوفمبر إلى فبراير من كل عام مستفيدة من الطقس الشتوي الرائع. ودأب الوالي المجتهد الدكتور محمد طاهر إيلا على الوصاية بتجويده وتطويره كل عام. أما الملتقى فقد أمّه رجال الأعمال ومدراء البنوك وخبراء وتسعة سفراء من السلك الدبلوماسي (مرة واحدة!)... وكان قمة الروعة والنجاح. ضيف هذا الملتقى الدكتور نافع علي نافع.... الرجل الذي نحبه كثيرا ونحترم ذكاءه وصراحته وهو الآن أمامي في المنصة قد بدأ يتحدث حديث العارفين عن القضايا الاقتصادية وكيف تحرك العالم يميناً وشمالاً وكيف كانت (الطموحات الاقتصادية) هي الدافع الأول للموجة الاستعمارية الأولى والتي نهب فيها المستعمرون كل الموارد جهاراً نهاراً وأحالوا الشعوب أسواقاً مستهلكة ومتخلفة ومستضعفة. وكيف تجددت الدوافع الاقتصادية وتجلت في موجة الاستعمار الثانية في أيامنا هذه والتي تستهدف القرار السياسي وترتهنه مع بقاء الشكل السيادي للدولة لتصبح اقتصادياتها ألعوبة في أيديهم... وكيف أن صندوق النقد وغيره من المؤسسات تحتجز استحقاقات السودان وغيره من الدول النامية بغية ترويضها وتدجينها سياسياً. ويرسم د. نافع خارطة لدرب السلامة... بالتعويل على المقدرات الذاتية والصمود أمام أي محاولات لارتهان القرار مع الانفتاح على الأصدقاء الدوليين لا سيما وأن الله فتح على العالم أبواب التغيير وبدأت القوة الاقتصادية تبزغ في شرق العالم وتغيب في غربه. يدلف نافع لتجربة السودان... وبالذات الشرق الحبيب ومهرجاناته وتحديداً هذا الملتقى الذي يعزز دور القطاع الخاص ويؤكد أن القوة والمبادرة مازالت في أيدينا. ألم أقل لكم من قبل أن الدكتور نافع رجل ذكي ويفيض ثقافة ومعرفة ولكن للأسف عندما يتحدث عن الأحزاب ويهاجمها يمحو الإعلام كل حديثه بالإستيكة ويركز على (الهجمة)... التقاني بعدها الأستاذ أحمد شماط سفير لبنان... وجدته منبهراً ومعجباً جداً... وشماط صاحب ذوق رفيع وملاحظات نقدية دقيقة جداً وليس من السهولة أن يثير إعجابه (حكي سياسي). هذا الملتقى أصلاً شراكة ذكية ورائعة بين اتحاد أصحاب العمل وحكومة ولاية البحر الأحمر. بالتأكيد هذه الشراكة قلب البطيخة الحمراء على مائدة البحر الأحمر... وقد تحدث بالإنابة عن السفراء سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ فيصل بن حامد معلا مؤلف كتاب (ذات المحيطين) وهو رجل مثقف ومتحدث بارع... وقد أثنى على السودان وعلى أرضه ونهره وفرص الإستثمار فيه ثم قال.... وقبل كل ذلك الإنسان السوداني طيب المعشر... نحن نعرف السودانيين ونعرف طيبتهم وفي السعودية هم من أكثر الجاليات تقديراً واحترماً ومشاكلهم تكاد لا تذكر من بين مشاكل الجاليات! كتاب (ذات المحيطين) خلاصة تجربة الأستاذ فيصل عندما كان سفيراً في جنوب إفريقيا وتدفقت الاستثمارات السعودية على جنوب إفريقيا في عهد الأستاذ فيصل ولذلك قال لي عدد من رجال الأعمال... وجوده في السودان فرصة لأهل السودان يجب ألا يضيعوها..