في مقعد الإياب على متن (بدر للطيران) قلت للأستاذ بكري يوسف الأمين العام لإتحاد أصحاب العمل أن رحلة ملتقى الإستثمار الثالث - المتزامنة مع (إيتانينا 6) مهرجان السياحة والتسوق السادس - أدخلتك وأدخلت الإتحاد في مأزق خطير لأنه قد لا يستطيع أن ينظم رحلة ناجحة بذات المستوى مستقبلا .... ضحك الرجل وإنفرجت أساريره وطفرت على وجنتيه شلوخه النقرابية الأصيلة التي تحاكي حرف الإتش الإنجليزي. دعونا نتفاءل ودعونا أيضا نستصحب النقد البناء الذي تم في الملتقى. جرعة من النقد الممتاز تطوع بها سفير لبنان أحمد شمّاط ... قال.. أنا أمضيت ست سنوات في السودان وأحببته وأحببت أهله وأعتبر أن السودان همي وعشقي ولذلك سأنصح ولن أفكر في قضاء بقية أيامي بسلام ثم المغادرة إلى بلد آخر. وقف في المنصة وتحدث عن رسوم تسجيل الأجانب الزائرين ... هذه الدفعية التي يرغم الزائر على دفعها حتى ولو جاء بتأشيرة رسمية سدد ثمنها في سفارة السودان ... يجب أن يدفع للسودان مرتين مع أنه لم يخالف مدة التأشيرة الأمر الذي يشكل صورة ذهنية سلبية للمستثمر من البداية (لماذا ومن وراء هذه العبقرية في التنفير وتطفيش المستثمرين؟!) وتحدث عن صورة السودان الإعلامية السالبة وإغفال سفراء السودان ومن عليهم مسئولية الإعلام والتسويق للسودان خارجيا لواجباتهم وذكر أمثلة بالتفاصيل ومضى شماط يتحدث والناس يصفقون لكلماته الصادقة. رفيقي في الطائرة سعادة سفير إثيوبيا آتو آبادي زامو وكلمة (آتو) تعادل كلمة سيد. وإستثمرت ساعة الأنس معه في تلمس أسباب الإزدهار الإقتصادي في إثيوبيا ... ولدي موعد مع القراء حول (شركات النفع العام) وهي شركات جهوية إقليمية تتولى دور الإستثمار والتنمية إنابة عن المركز ... بدلا من ان يصطدم المستثمر مع الأهالي وفرت الحكومة فرصة للأهالي لتنظيم أنفسهم في شركة خاصة تدخل مع المستثمرين في الإستثمار. قمة العبقرية في تقنين وشرعنة المطالب الجهوية هو ما أدى لتفريغ الإحتقانات والمزايدات. رفيقي في الرحلة من مطار بورتسودان وإلى قاعة السلام كان الشيخ البركة علي أبرسي ... هذا الهرم الإقتصادي السوداني ... لقد حكى لنا أيام الكفاح في الرحلة الأولى من بورتسودان للخرطوم في السبعينات قبل طريق الأسفلت ... كيف أمضى 22 يوما في الرحلة الأولى ثم 11 يوما في الثانية بعد أن تعرف على عقبات الطريق ... أيام وساعات من العذاب والوحل والضياع والتيه ... الرجل أقتحم (العقبة) ثم مضى الناس خلفه في قطاع النقل. وقف الشيخ أبرسي على المنصة و(عارض) بيتا من معلقة عنترة قال أبرسي: يا دار (إيلا) بالجوار تكلمي ... وعمي صباحا دار (إيلا) واسلمي! ثم دلف إلى مقارنة بين بورتسودان أيام محنته وبورتسودان الآن بعد التطوير وهنا تمثل ببيت زهير ابن ابى سلمى كاملا: وقفت بها من بعد عشرين حجة .... فلأيا عرفت الدار بعد توهم. و(المعارضة) هي الإقتباس وليست المعارضة السياسية والتي انتهت بتحول الشيخ من الإتحادي للمؤتمر الوطني ... مع انو الأيام دارت وأتت بالإتحادي نفسه حزبا حاكما وتسلم الوزير عثمان الشريف مفاتيح التجارة الخارجية بعد أن ردد الميرغني في التسعينات (سلم تسلم) ولا شنو يا شيخ أبرسي.