لواء ركن (م) بابكر ابراهيم نصار عقب اجتماعاتهم في العاصمة اليوغندية كمبالا وقع تحالف الجبهة الثورية في الرابع من شهر يناير الحالي على وثيقة اطلق عليها الفجر الجديد. وتهدف هذه الوثيقة حسب البيان الذى اصدرته الجبهة الى اسقاط حكومة الخرطوم واقامة فترة انتقالية مدتها اربع سنوات يتم خلالها اعداد دستور يحقق الاجماع الوطنى في كيفية حكم السودان وتنتهي بانتخابات حرة . ووقع على هذه الوثيقة ممثلون لاحزاب الامة القومي والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي واخرون منهم السيد مبارك الفاضل المهدى والسيد نصر الدين الهادى المهدى .المعلومات المتوفرة عن تحالف الجبهة الثورية تقول ان هذا التنظيم تم تأسيسه في فبراير العام الماضي (2011م) ويتكون من قادة قطاع الشمال( ياسر عرمان ومالك عقار وعبد العزيز الحلو ) ويضم ايضا قادة الحركات الدارفوية المسلحة ( جبريل ابراهيم ومنى اركو مناوي وعبد الواحد محمد نور). وفي الثامن عشر من شهر فبراير (2011م) تم تكوين المجلس القيادي لهذا التنظيم بواقع اربعة اعضاء لكل تنظيم. وتم الاتفاق ان تكون رئاسة التنظيم بصفة دورية ويتم تبديلها كل عامين واول من تسلم الرئاسة مالك عقار ينوب عنه جبريل ابراهيم مسئولا عن الاعلام والشئون الانسانية ومنى اركو مناوى مسئولا عن النواحي المالية . وعبد الواحد محمد نور مسئولا عن الشئون السياسية والتعبئة والتنظيم . وياسر عرمان للشئون الخارجية وعبد العزيز الحلو قائدا لجيش التحالف . وابو القاسم امام ناطقا رسميا باسم التحالف. وحكمت ابراهيم للشئون الادارية وبثينه ابراهيم دينار قسم التعبئة والتنظيم وعضوية آخرين (الريح محمود – صلاح ابوجره – احمدادم بخيت – ابراهيم احمد ابراهيم "لودر") .وبعد صدور وثيقة الفجر الجديد في كمبالا توالت ردود الافعال في العاصمة السودانية الخرطوم , واعترفت الاحزاب التي ورد ذكرها في البيان باشتراكها في اجتماع كمبالا عبر ممثليها للتشاور والحوار فقط وقالت هذه الاحزاب ان ممثليها وقعوا على وثيقة الفجر الجديد بدون الرجوع الى قيادة احزابها. اما في دوائر المؤتمر الوطني هاجم الرئيس البشير كل الموقعين والمؤيدين لوثيقة الفجر الجديد وقال انهم باعوا انفسهم للشيطان وتوعدهم بالحسم والحساب. وقال انهم يمثلون الطابور الخامس وانهم سوف ينالون جزاءهم العاجل . اما الدكتور نافع قال ان المعارضة خائنة والوثيقة فجر كاذب والمعارضة حفرت مقبرتها ولن نترك لها فتحة للتنفس . واذا استعرضنا نشأة ومسيرة تحالف الجبهة الثورية وقارناه بنشأة ومسيرة التجمع الوطني المعارض لحكومة الانقاذ الذى تم تكوينه في القاهرة في 21/10/1989م نخرج بالعديد من الملاحظات نذكر منها اختيار المكان . التجمع الوطنى اختار القاهرة لقربها من السودان وسهولة الوصول اليها جوا وبرا وكثافة السودانيين المقيمين في مصر , كما ان القاهرة قريبة من دول الخليج وليبيا وهذه الدول بما فيها مصر كانت علاقاتها يشوبها الفتور مع حكومة الخرطوم . اضافة الى ان القاهرة تعتبر مركزا اعلاميا مهما , اما تحالف الجبهة الثورية اختار يوغندا لعداوتها العلنية لحكومة السودان وتهديد الرئيس البشير بتسليمه لمحكمة الجنايات الدولية ولقربها من دولة جنوب السودان التى تعتبر ملاذا وممرا لقوات وعتاد التحالف الى المناطق المستهدفة في اراضي السودان الشمالي ولتوفيرها الدعم الطبي لجرحى العمليات من اخلاء وعلاج . ومن الملاحظات ان التجمع الوطنى في القاهرة سعى الى ضم الحركة الشعبية لحاجة التجمع الى العنصر العسكري المسلح وارسل التجمع مندوبا لمقابلة جون قرنق في اديس ابابا وارسل جون قرنق مدير مكتب الحركة في اديس ابابا ( لام اكول) الى القاهرة للتعرف على عناصر التجمع واهداف التجمع , وهكذا وجد جون قرنق ضالته لينفي عنصرية الحركة الشعبية ويجد المنبر الاعلامي العالمي . ويبدو ان الاحزاب السياسية في السودان لم تع درس قائد الحركة الشعبية جون قرنق الذى تخلى عنها في الساعات الاخيرة وها هي نفس الاحزاب تقريبا سعت من جديد للجبهة الثورية بحثا عن العنصر المسلح , ومن الملاحظات ايضا ان جون قرنق رشح مولانا الميرغنى ليكون رئيسا للتجمع الوطنى ويكون هو نائبا له بينما رئاسة الجبهة الثورية في كمبالا ومكتبها التنفيذى خلت من عناصر الاحزاب الشمالية وشكلت رئاستها الدورية ومكتبها التنفيذى من عناصرها فقط وهذا يعنى ان الجبهة الثورية تحتاج للاحزاب الشمالية اعلاميا فقط . ومن الملاحظات ان الحزب الاتحادى الاصل لم ينضم لتحالف الجبهة الثورية بينما كان رئيسه مولانا الميرغنى رئيسا للتجمع الوطنى في القاهرة . ومن الملاحظات ان السيد مبارك الفاضل نشط فى تنظيم التجمع الوطنى والتحالف الثورى وقال ان الاحزاب السياسية تنصلت من وثيقة الفجر الجديد لانها خائفة من المؤتمر الوطنى. ومن الملاحظات ان الحكومة السودانية توعدت الاحزاب والافراد الذين ايدوا الجبهة الثورية بالملاحقة والعقاب ونفس الشئ فعله السيد مبارك الفاضل عندما كان وزيرا للداخلية بعد الانتفاضة عام 1986م حيث توعد النقابات والهيئات واساتذة الجامعات والافراد الذين شاركوا فى ندوة ( امبو) مع الحركة الشعبية في اثيوبيا وتم اعتقالهم في مطار الخرطوم عند عودتهم للسودان ومن الملاحظات ان التجمع الوطنى في القاهرة وافق واقر مبدأ تقرير المصير للجنوب فقط بينما دعا تحالف الجبهة الثورية الى اعادة هيكلة الدولة وتقسيمها الى اقاليم وفصل المؤسسات الدينية عن الدولة , ومن الملاحظات ان التجمع كان يضم في عضويته اعدادا كبيرة من ضباط القوات المسلحة تحت مسمى القيادة الشرعية وقوات التحالف بينما خلا تنظيم الجبهة الثورية من هذه العناصر ومن الملاحظات ان القوات المسلحة بعد صدور وثيقة الفجر الجديد حصرت اتهاماتها في دولة يوغندا فقط وقالت على لسان الفريق عماد عدوي عضو مفاوضات اديس ابابا ( ان يوغندا تقوم بدور قذر في المنطقة تنفيذا لاجندة اجنبية) وبحثا عن ايجاد حلول مناسبة لوقف التصعيد العسكري لا بد من الوقوف عند حديث سفيرنا في جوبا الدكتور مطرف صديق لجريدة الرأي العام بتاريخ 13/1/2013م الذى قال فيه ( الزمن سوف يثبت ان موقف المفاوض كان هو الموقف الصحيح) وكان يشير الى اتفاقية ( نافع/ عقار) التى تم توقيعها في اديس ابابا في 28/7/2011م وتم الغاؤها بواسطة المكتب القيادي للمؤتمر الوطني . من جانبنا نقول ان تفاؤل الحكومة بقبول الجنوبيين للوحدة مع الشمال والتصويت في الاستفتاء لصالح الوحدة هذا التفاؤل ادى الى ان تتنازل الحكومة عن اشياء كثيرة مثل قبول تأجيل عملية ترسيم الحدود وتأجيل المشورة الشعبية الى ما بعد الاستفتاء ولو اصرت الحكومة على حل هذه المواضيع قبل عملية الاستفتاء لوافقت الحركة الشعبية لانها كانت متعجلة لقيام الاستفتاء وتقرير المصير . ونشير الى تهديد الرئيس البشير للحركة الشعبية عندما هددت بمنع قيام الانتخابات في الجنوب فقال لهم البشير ( لو ما في انتخابات ما في استفتاء) عندها تراجعت الحركة وتمت الانتخابات . اما عن موضوع المشورة الشعبية نقول من الاساس لا داعي لادراجها في اتفاقية السلام الشامل لان الحركة الشعبية ارادت بهذه المشورة ان تحفظ ماء وجهها مع عناصر ابناء جبال النوبة وابناء جنوب النيل الازرق الذين ساندوها ووقفوا معها ضد حكومات الخرطوم المتعاقبة . وهذه المشورة قال عنها بروفسر محمد ابراهيم خليل ( المشورة الشعبية حاجة مجهولة وهي نابعة من الحرج الذى احست به الحركة الشعبية تجاه الذين ناصروها من ابناء النوبة والنيل الازرق ولم توضح الحركة متى تنتهى والى ماذا تهدف) الملحق العسكرى الاسبق في اثيوبيا