تراني من المداومين على قراءة الغراء (السوداني) بصفة عامة وأعمدة الرأي بصفة خاصة، وإيماءً لما خطه يراع الدكتور عبده مختار بصحيفة (السوداني) بتاريخ 12/12/2011م العدد (2146) بعنوان "ثورة التعليم الكمي والتدهور النوعي"، فهو عنوان شدني إليه لأهميته وارتباطه بمستقبل الأجيال. فالأداء التعليمي لكل المراحل بلا استثناء أقرب إلى الصفر منه لأي رقم إيجابي... فقد وصلنا إلى مرحلة الإفلاس التعليمي والسبب أنه خرج علينا المفكرون بإلغاء سنة دراسية وصياغة مقرر جديد شأنه شأن أي مجهود بشري آخر يحتاج للكثير من التنقيح والاستدراك.... تخرَّب السلم التعليمي بحذف سنة دراسية دون مبررات قوية ودون تخطيط مسبق ودون تحديد الهدف من تقليل سنين التعليم العام من 12 عاماً إلى 11 عاماً وإلغاء المرحلة المتوسطة رغم أهمية دورها دون مبرر، فالطالب عندما ينتقل من الابتدائي إلى المتوسط ومنه إلى الثانوي ثم إلى الجامعة يشعر بتنقله من كل مرحلة والتي تليها فينضج فكره ويهيئ نفسه لكل مرحلة.. إضافة إلى المفارقات التي تجعل طفلا في الصف الأول مع شاب في الصف الثامن دون اعتبارات للفارق بين كل منهما. والاعتماد في بداية التجربة على مناهج إسعافية دون تجربة ودراسة المناهج لأن المناهج الجديدة كثيرة العدد ثماني عشرة مادة دراسية في المرحلة الثانوية ومليئة بالحشو والحفظ مما يزحم الطالب ويجعل تركيزه على الاستذكار والدروس دون مراعاة للأنشطة المعرفية ،الثقافية، الفنية، الرياضية،......الخ. أما عن اللغة الإنجليزية تجد خريجا حاصلا على درجة البكالوريوس يحمل شهادة مكتوبة باللغة الإنجليزية لا يستطيع أن يقرأها ولا يفهم محتواها وإني شاهد على تجارب بحكم عملى طابع كمبيوتر بمجمع أبو جنزير الهالك وسط السوق العربي، فيأتي إلينا حملة بحوث الماجستير والدكتوراه للطباعة والتصميم والأدهى والأمر ترجمة خلاصة بحوثهم (Abstract) في مختلف التخصصات بما في ذلك الترجمة نفسها ولك أن تتخيل.. والأغرب في الأمر أن من يقوم بهذه المهمة زميل لنا حاصل علي درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال في دولة شقيقة يترجم لحملة الشهادة العليا الذين من المفترض أن يكونوا يجيدون لغتين أو ثلاث غير اللغة العربية الأم كما في بعض الدول العربية، وما مصر منا ببعيد... وإني أتساءل من هو رئيسنا ووزراؤه بعد خمسين عاما من الآن والجواب متروك للقائمين علي أمر التعليم في بلادي. يا لعار أمتنا وذلها إن لم تستطع اليوم إنجاب مخلص قوي الإرادة والشكيمة.. يُضمّدُ جراح التعليم ويقيل عثراته ويكفكف دموعه ويأخذ بيده إلي بر الأمان خروجاً من محنته وأزمته التي تردى فيها وإلا سوف تصبح مؤسساتنا التعليمية إلى خرائب ينعق فيها البوم والغربان ولا حول ولا قوة إلا بالله. أحمد الزين أحمد خريج جامعة النيلين – كلية التجارة