ختان الإناث من منظور إسلامي الشيخ الدكتور/ صلاح الدين البدوي الشيخ الخنجر بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أقول: إن قضية ختان الإناث واحدة من القضايا التي شغلت الرأي العام وخاض فيها البعض من غير علم ولا دراية كالسياسيين والأطباء والصحفيين وبعض المثقفين ومن خلفهم منظمات الأممالمتحدة كاليونيسيف، وبلان سودان، وأطباء بلا حدود... الخ. (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، فقد جاء عن الشيخ الكاروري: (أن الناس سيتركون ختان الإناث كما تركوا الشلوخ، وقال أيضاً: لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ختان الإناث وإن المتمسكين به متمسكين بتقليد لا دين وإنه غير موجود لا في السعودية ولا الإمارات ولا في كل بلاد العرب على حد قوله)، ونجد بعض اللافتات في الشارع العام والكباري مكتوبٍ عليها (كل فتاة تولد سليمة دعوها تنموا سليمة) ومع اللافتة صورة الشيخ الكاروري. وهو بعباراته العامة الفضفاضة نجده كحاطب الليل لا يفرق بين الأحكام ولا يهتدي إلى الدليل بل يحتاج إلى المرجعية والمذهبية وبحمد الله أهل السودان إلى هذه اللحظة متمسكون بختان الإناث على المستوى الرسمي والشعبي إلا من أبى. وختان الإناث الغالب فيه الستر وعدم الإفشاء، ولولا الجهل بأحكامه لما كتبت فيه، فالختان السني مشروع والفرعوني ممنوع. وإليك الأدلة يا شيخ الكاروري حول مشروعيته من كتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآراء الفقهاء (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) أما الدليل من كتاب الله فقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) والكلمات التي أتمها سيدنا إبراهيم ورد في بعض تفاسيرها أنها خصال الفطرة ومنها الختان وهو مشترك مابين الرجل والمرأة وهذا من باب التغليب وإذا فرقنا بينهما فللرجل ختان وللمرأة خفاض. وقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل)، وفي رواية إذا التقى الختان بالختان فقد وجب الغسل وهو حديث صحيح كما في المسند والموطأ والترمذي، ووجه الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى عضو المرأة ختاناً وذلك لكونه مختوناً، فالأصل في المرأة أنها تختن. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية وهي ختانة كانت بالمدينة: (إذا خفضتي فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوجِ) وهذا الحديث في معجم الطبراني الأوسط وإسناده حسُن. وإليك آراء الفقهاء يا شيخ الكاروري حتى تتخلى عن رأيك الذي تأذينا منه كثيراً علماً بأن الأمة الإسلامية أجمعت على صحة المذاهب الأربعة، وأهل السودان يتعبدون وفق المذهب المالكي وفي الأحوال الشخصية (فقه الأسرة) أقرب إلى المذهب الحنفي. فالأحناف والمالكية يرون بأن ختان الإناث إما سنة وإما مكرمة، فسنة في حق الرجال ومكرمة في حق النساء، راجع الشرح الصغير على أقرب المسالك ج2 ص 151. وحاشية ابن عابدين في الفقه الحنفي ج9 ص 611، وقال الشافعية بوجوب ختان الإناث وعليه إمام المذهب ورجحه النووي كما في شرحه على صحيح مسلم، وللشافعية رأي آخر باستحباب ختان الإناث وإليه ذهب ابن حجر العسقلاني، ويرى الحنابلة أن الختان مكرمة للنساء كما في كتاب المغني لأبن قدامه الحنبلي ج1 ص70، فتلخص من ذلك أن ختان الإناث إما واجب أو سنة أو مكرمة ولم يقل أحدٌ بمنعه أو كراهته إلا جهلة القرن العشرين. أينما نظمت عقولٌ ضعافٌ * من نظام المهيمن الديان إيه عصر العشرينَ ظنوك عصراً * نيّر الوجه منقذ الإنسان لست نوراً بل أنتَّ نارٌ وظلمٌ * مذ جعلت الإنسان كالحيوان وهذه رسائل متعلقة بختان الإناث أوجهها إلى كل من يهمه الأمر: أولاً: إلى ولاة أمرنا أقول لابد من إعادة النظر في التعامل مع المنظمات الأجنبية لاسيما منظمات الأممالمتحدة بأن لا يتدخلوا في شئون الأسر فليتركونا وحالنا لأن ختان البنات عندنا دين وليس تقليد للآباء والأجداد كما يقول الكاروري. ثانياً: إلى كل أب غيور حريص على عفة بنته وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن لا يدع الختان رغم أنف المرجفين والمرتزقة ونقصد بهم الذين تدفع لهم المنظمات للتحريض على إيقاف الختان. ثالثاً: إلى بعض الأطباء وكتاب الأعمدة والناشطين في المنظمات الإنسانية حتى يكونوا في حدود مهنتهم ولا يتجاوزوها احتراماً للتخصص الدقيق فالطبيب والصحفي ليسا من أهل الافتاء. رابعاً: إلى الشيخ الكاروري أوصيك بتقوى الله عز وجل وأذكرك بقوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وعليك في حدود علمك، وأدعوك إلى الجلوس في حلق العلم رغم تقدم السن، وفي السودان جمعيات علمية هادفة مهتمة بالتراث الإسلامي (جمعية الإمام الأشعري العلمية، وجمعية الإمام مالك الفقهية، وجمعية الإمام الغزالي....الخ) فعندهم الخبر اليقين لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. وتقديري للبروفيسور أحمد علي الإمام رحمه الله على كلماته الجميلة التي كتبها في جواز ختان الإناث وكان وقتها مستشار رئيس الجمهورية لشئون التأصيل، وشكري أيضاً للدكتور عبدالحي يوسف على موقفه الثابت الصلب حول ختان الإناث في كل أجهزة الإعلام رغم اختلافي معه في بعض القضايا، وشكري له على الانتصار لهذه القضية. وختاماً لابد من محاربة الختان الفرعوني وهو أشبه بالرتق عند الفقهاء وهو من العيوب المشينة، وفي المقابل لابد من ختان السنة، أما ترك الختان بالكلية فالقائلين بالترك والمنع ينهجون منهج فرعون في الفعل. اللهم أحفظ بلادنا من الفتن والكوارث ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.