تُورِد الصحافة السودانية، من حينٍ لآخر، أخباراً عن انشطار من قيادات ميدانية بالحركات المتمردة بدارفور حتى فصيلها الرئيس في الحرب الدائرة بين الحكومة السودانية وبين تلك الحركات كحركة العدل والمساواة، حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور وحركة مناوي. هل هذه الانشقاقات حقيقية أم هي تمثيلية، أم أكاذيب من الحكومة لإظهار ضعف تلك الحركات أمام أعين منتسبيها، وتدهور أوضاعها بقصد التأثير السالب على تلك الحركات المتمردة التي تسببت في أضرار بالغة بالسودان وأهله وأهلهم بدارفور، وبسمعة السودان بالخارج واضطراب الأحوال فيه وعدم الاستقرار في ربوعه؟ في حين كنا بالسودان نفتخر أمام الآخرين بالسلام والطمأنينة التي تنتظر الزائرين للسودان والمستثمرين. ربما تكون أخبار تلك الانشقاقات جزء من الحرب النفسية على تلك الحركات للتأثير عليها سلباً. على كلٍّ، فنحن نتمنى ونشجع الحكومة السودانية وأجهزاتها للقضاء على عناصر التمرد، وإفشاء ثقافة السلام بربوع السودان، واسترداد السودان بعض ألقه باعتباره واحةً للسلام والاستقرار، ولينصرف أهله لتعويض ما فاتهم من العمل لرفاهية الشعب السوداني نتيجة الانشغال بالحركات المتمردة، وكسر شوكتها، وقطع دابر أسباب تمرُّدهم، والخروج على القوانين السائدة وتدمير حياة المواطنين وزيادة معاناتهم. نحن نُشَجِّع وننادي بإلقاء سلاح التمرد والنزوع لجانب السلام والحوار السياسي المسؤول، بدلاً عن العنف في تحقيق المطالب. نحن نعترف أن هناك مشاكل ومفارقات في إقليم دارفور، ولكنها مشاكل لأسباب موروثة، وتُشَارك دارفور في بعض تلك المظالم ولايات أخرى، أسبابها تاريخية ومرتبطة بالاستعمار وبعض اجتهادات بعض قيادات السودان الوطنية ولحسابات ربما خاطئة، وليست مقصودة كما يتراءى لبعض هؤلاء المتمردين الذي انساقوا دون وعي لما يُرَدّده أعداء السودان من الداخل والخارج لوجود تلك المظالم، وعلى رأسها الفوارق التنموية في بعض أقاليم السودان، وضعف مشروعات التنمية والخدمات وما إلى ذلك من المشاكل. نحن ندعو كل أبناء الوطن، من المؤيدين للحكومة أو معارضيها، للجلوس معاً في حوار مسؤول للوصول لكلمة سواء بين أبناء الوطن الواحد، لوضع حدٍّ للاحتراب فيما بينهم، وللاعداد لمستقبل واعد بالسودان في رحاب أجواء حقيقية للتداول السلمي للسلطة، وبسط للحريات المنضبطة، وللعدالة الكاملة بين الأقاليم والمواطنين بنوايا صادقة وأمينة، وفق الإمكانات المتاحة ووفق أولويات وتدرج موضوعي لتنفيذ الخطط والبرامج المتّفق عليها، ودرءً وتصدِّياً لكل المخاطر التي تُحيط بالسودان وتهدده. السودان غني بموارده الكبيرة المتنوعة وبإنسانه، ولكننا غافلين ومغيبين بفعل أعداء السودان لجني ثمار تلك الفتنة. ماذا ينتظر أهل السودان بهذه المواقف المخزية المتمثلة في الاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، وتشتت مواقف قيادات وزعماء سياسيينا، وعدم وحدة كلمتنا لتحديد مستقبلنا وإسعاد شعب السودان؟ التاريخ لن يرحمنا إخوتى فيما فرطنا فيه من حقوق الأجيال القادمة؛ فالنضع جانبا سلاح التمرد وتشتت المواقف والخلافات فيما بيننا ولنرفع أسلحة البناء والتعمير لسودان قوي وموحد. والله من وراء القصد *مهندس زراعي بالمعاش