خبير تربوي بينما كان هاتفي السيار يغط في نوم عميق مطلع الأسبوع المنصرم، اذ بصوت صاخب متواصل يخترق أذنه، فامتدت أناملي القلقة المرهفة لتسكت الصوت، تبين لي هو صوت هادف مسؤول، صوت الدكتور حمدان أحمد حمدان أبو عنجة رئيس قسم اللغة الإنجليزية بالمركز القومي للمناهج ببخت الرضا يوجه لي مشكوراً وعبر الأثير دعوة فاضت رقة وعذوبة، كما لا تخلو من إصرار لحضور الملتقى الأول لقضايا التعليم الأجنبي بالسودان، بقاعة المرحوم سر الختم الخليفة عليه الرحمة، بوزارة التربية والتعليم الإتحادية (إدارة التعليم الأجنبي)، ساقتني قدماي والغبطة تملأ جوانحي للمشاركة في بحث هذه القضية المهمة، ولجت باب تلك القاعة الوسيمة بعد عناء ومشقة عند الصعود اتخذت لي مقعداً وسطياً، وخير الأمور أوسطها، استغرقت الجلسات يومين كاملين أرهقت فيها العقول، وجمعنا الحاشد ينصت بإمعان لحفنة من الأوراق العلمية الثرة بما يفيد، كان النقاش هادفاً ومفيداً، وليسمح لي قارئ الحصيف إبداء ما جادت به الذاكرة من ملاحظات حول ذلك الملتقى التفاكري: كانت الفاتحة وبعد أن شنفت آذاننا بآيات من كتاب الله هي الكلمة الرصينة التي قدمها للحضور أستاذ الأجيال محمد أحمد حميدة وكيل وزارة التربية والتعليم الاتحادية، الذي تعهد فيها بوضع لائحة شاملة لتعيد المسار الصحيح للتعليم الأجنبي، كانت كلمة قيمة إرشادية توجيهية، ولنبدأ منها إنطلاقة علمية مؤسسة وعادلة بخطة واضحة لتعيد الألق والتألق للتعليم الأجنبي بالسودان. احتشدت القاعة بمنسوبي قبيلة التعليم الأجنبي وبهذه الكثافة الملفتة حتى كان تصفيقهم المدوي قد ألهب الأكف عند ذكر مآثر وإشراقات التعليم الأجنبي بينما قلّ عدد المحايدين المنصفين، فما السبب؟ الورقة العلمية (التعليم الأجنبي بين الواقع والمأمول) التي قدمها د. حمدان كانت الأكثر واقعية وإثارة إحاطة وإفادة تبحر بنا في متاهات السلبيات Negatives، فيحط الغضب في نفوسنا تارة، ومرة تطبع البسمة على الثغور عند ذكر الإيجابيات Positives، تناولت الورقة أمر التعليم الاجنبي بحيدة وإستقلالية وواقعية (ليس من رأى كمن سمع) كان مقدم الورقة (د. حمدان) صادقاً وأميناً Honest and genuine في طرحة العلمي الذي تعرض فيها للمعوقات والمحاذير والمخاوف التي حطت رحالها بدهاليز التعليم الأجنبي، كما لم يبخل علينا بإشراقات في بعض المدارس، في رأيي كان التقرير شاملاً وحقيقياً Comprehensive ولكنه مخيف ومفزع Horrible في مجمله لعرضه لما يجري في الخفاء بحجرات تلك المدارس من أحداث Events تمس ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا، فهذه غفلة فلا بد من اليقظة بمراجعة مسار ونهج التعليم الأجنبي من أجل الإصلاح والتقويم، وقد نبهت لهذا الأمر بمداخلتي الغاضبة عندما أتيحت لي الفرصة للتحدث فالأمر جلل ومرعب كما ذكرت ويتطلب تدخل الأخ رئيس الجمهورية، لما أصاب الرسالة والتأصيل من رشاش كما ذكر د. حمدان، إن تدخل الرئيس يكبح جماح الغبن والحرقة التي فاضت بالوجدان، وبه تنقشع سحائب الغتامة والغموض التي غطت السماء، فمن هذا المنبر نطالب بقوانين ولوائح Regulations لتصحيح مسار التعليم الاجنبي المغضوب عليه وحتى لا تغرق السفينة. التعليم الأجنبي له فوائد جمة لابد من الحفاظ عليها والعض عليها بالنواجذ، نحن المعلمين نكن التقدير والاحترام للقائمين على أمر التعليم الأجنبي ولا تغيب عن أذهاننا محاسنه وفضائله، ولكن وحتى لا تقضي عليها تلك السلبيات بالتلوث ربما بالوأد. علينا بالمراقبة والإشراف والمحاسبة والمتابعة لذلك المرفق التربوي. كما لابد من توجيه وتوحيد مناهج التعليم الأجنبي بما يخدم الفرد والمجتمع والدين والوطن، وعلينا بوضع معايير دقيقة Measures عند تعيين معلمي التعليم الأجنبي (وطنيين أم أجانب) ومراقبة أدائهم التربوي التعليمي والإطلاع على تقارير إنجازهم التربوي Performance كما لابد من تعيين الإدارة القوية الامينة الصادقة لتسيير العمل بالمدارس، إن من أسباب ذلك الانحراف التربوي والتعليمي، Educational Deviation، والذي أصاب التعليم الأجنبي بسهم قاتل كما وضح لنا جلياً من ورقة د. حمدان الناصحة والناصعة، وما أصاب بعض مدارس التعليم الاجنبي من ضمور Shrinking في الرقابة الإدارية الإشرافية الفنية المهنية والتربوية، لذا لابد من التقويم والإصلاح ونحن نستقبل عاماً دراسياً مقبلاً بمشيئة الله، ومن الضروري والأهم أن تخضع كل مناهج وكتب ومراجع التعليمي الأجنبي لمراجعة ومتابعة المركز القومي للمناهج ببخت الرضا حتى تصبح كلها نقية صافية خالية من الشوائب والأدران، ونسكت الأصوات الغاضبة، ونزيل الهاجس الذي يؤرق مضاجع الآباء والأمهات، وفلذات الأكباد وكذلك نحن قبيلة التربويين، ويومها يستقيم عود التعليم الأجنبي، وتطمئن القلوب. الشكر لك أخي البروفيسور الطيب حياتي مدير المركز القومي للمناهج ببخت الرضا لنصائحك الارشادية التوجيهية التربوية الهادفة Objective. وانفرجت أساريرنا نحن حملة القلم والطبشور بوعدك بمواصلة إعادة تنقيح المناهج حتى تتعافى مما أصابها من سقم وأورام حميدة بإذن الله، الشكر لوزارة التربية ولقسم التعليم الأجنبي لصحوته المبكرة من أجل غرس نبت صالح لجيل واعد. والله المستعان حسين الخليفة الحسن خبير تربوي