الحطيئة، جرول بن مالك الشاعر المخضرم ، أشهر شعراء العرب الذين أجادوا فن الهحاء واتخذوا منه سلاحا يدافعون به عن مناقصهم، وقد اشتط في الهجاء حتي هجا نفسه وأمه وأباه، يقول في هجاء نفسه: ولي وجه شوه الله خلقه وقبّح من وجه وقبّح حامله ويقول لأمه: جزاك الله شرا من عجوز ولقّاك العقوق من البنينا حياتك ما علمت حياة سوء وموتك قد يسر الصالحينا وقال عن أبيه: فنعم الشيخ أنت لدى المخازي وبئس الشيخ أنت لدى المعالي بهذا الضرب من الشعر الذي تشمئز منه النفوس، طبقت شهرة الحطيئة الآفاق وسارت بأشعاره الركبان، فهو شاعر متميز في الهجاء ورائد من رواد هذا الفن! الاكثار من الهجاء حتى درجة الاشتهار به، لا يأتي إلا من نفس مريضة تعاني عقدا كثيرة تحملها علي اسقاط عيوبها على الآخرين، وقد لاحظت أن كثيرا ممن اشتهروا بهذا الفن يعانون من هذه الأمراض ، ولعل أبرزهم الحطيئة نفسه الذي لم يكن من علية القوم! في بلادنا ، يخشي الناس الشخصيات التي تهجو الناس ، ويتجنبون ذوي الألسن الحداد ويقولون عن الشخص من هذه الشاكلة، (لسانه طويل)_ ويا .. سبحان الله_ تسطيع هذه الفئة العيش بين الناس مسيطرة ومحققة ما تريد، لا سيما اذا امسكت بيراع صحفي أو منبر سياسي! بعض السياسيين يتخذون لهم حرّاسا من هذه الشاكلة يستخدمونهم لحراسة أنفسهم والدفاع عن أهدافهم ، يدافعون عنهم فيعطونهم فتات موائدهم ، وييسرون لهم أمورهم،وهذه الطريقة _ وان كانت غير أخلاقية _ طريقة مبررة ، فلو كان لانسان ما يخاف عليه فإنه لا يربط بباب منزله غزالة جميلة أو حملا وديعا ، بل سيربط كلبا وربما كلبا عقورا! يمكنكم_ يا هؤلاء_ أن تستخدموا (الحطيئات) الجدد كلها في الدفاع عنكم، ويمكنكم أن تفعلوا كل ما يحقق غاياتكم الدنيئة غير آبهين بالتشوهات التي تصيب المجتمع أو الصحافة أو السياسة ، فسقفكم القيمي قد أصبح دون أحذيتكم، لكن عليكم أن تعلموا أن كل شر مبشر بخير قادم ، وكل فساد مقدمة لاصلاح وكل يوم تشرق فيه الشمس ينبئ بخير قادم علي أقدام الواردين ما دام النصر حليف المؤمنين والحق لا شك منتصر! روى لي أحدهم فقال:( سئل أحدهم : لماذا يقرب شيخ فلان، هذا الرجل رغم اشتهاره بكل سوء ؟ ألا يعرفه؟ رد المسؤول: بل يعرف كل سوئه لكنه علم فيه كلب حراسة ممتاز فأبقاه!) قلت: لأن الطيور علي أشكالها تقع !