عروس بلوشي!! ذات صباح خرجتُ للباب لاستلام حصتنا اليومية من بائع اللبن وهو أيضاً طالب في الجامعة، فلاحظتُ أن يده اليسرى مخضبة بالحناء. فقلتُ له: "مبروك العرس". فقال لي: "أنا وزير، العريس صاحبي وزميلي في الجامعة". فسألته: الطالب دا عرَّس كيف؟ أجابني قائلاً: والله بس في المواصلات لقى ليهو واحدة واتعرّف عليها، وقالت ليهو "لو إنت جادي تعال اتقدم لي في البيت، أنا ما عايزة منك أي حاجة." فعلاً ذهب الطالب/العريس لأهل البنت ووافقوا على طول. واتضح أن أهلها مرتاحين، عندهم جناين. ثم قال: الزملاء الطلبة عملو ليهو (شيرنق) واشترينا ليهو قمصان وبناطلين وتم العرس! قبل أن يتحرك بعيداً قلتُ له: ممكن يشوف ليك واحدة زيها كدا وتعرسها. ثم تلفتُّ لأتأكد من أن أم الأولاد بعيدة وقلتُ له: وشوف لي برضو واحدة معاكم (مش كدا يا دفع الله حسب الرسول؟). الوالي عذبني وتنكّر! جدة الأولاد (حبوبتهم) تحركت من الحاج يوسف لزيارتنا في اللاماب (الفاطمية). علاوة على العُمُر تعاني من مرض السكري. عانت جداً لكي تصل لنا بعد التعديلات الجديدة في المواقف، خاصة مع درجات الحرارة العالية في العاصمة في خلال الاسبوعين الماضيين. عندما وصلت البيت وهي منهكة وتتصبب عرقاً، قالت لنا: تاني أنا ما جاياكم. هل هذا يصح يا والي الخرطوم تقطعوا الأرحام؟! وعلى ذمتها، وهي حاجّة صادقة، أنها رأت كبار السن يتحركون بين موقفي شروني والسكة حديد أو العكس ويجلسون في طريقهم عدة مرات وهم يلعنون في الذي كان السبب. الأخ والي الخرطوم: لكي تعرف مدى معاناة المواطنين من الوضع الجديد استغل طائرة هيلوكوبتر وطف بها في وسط الخرطوم بالتركيز على منطقتي السكة حديد وشروني. اتقوا لعنة الناس يا والي ولاية الخرطوم. وصدق صاحب الكاريكاتير الذي قال: "والله الحكومة دي ما عندها (مواقف) ثابتة"!. سد الألفية: قبل عامين سألني بروفيسر أفريقي في مؤتمر في نيروبي عن موقف السودان من سد الألفية الأثيوبي (millennium dam)؟ فقلتُ له: لا أعتقد أن السودان سوف يتضرر. على العكس قد يستفيد السودان من ناحية الكهرباء، أما بالنسبة للمياه فالسودان لم يستغل حتى الآن إلا أقل من نصف نصيبه من مياه النيل كما له مصادر مائية أخرى كثيرة. الآن فجَّر الإعلام المصري الموضوع بأنه خطر على مصر والسودان؟ على الإعلام المصري أن يتحدث في ما يخص مصر، وكفى! شباب حمد الريّح: شاهدت بالصدفة الفنان حمد الريح يتحدث في إحدى الفضائيات السودانية عن شباب الجيل الحالي بأنه شباب واع ومثقف جدا! فقلتُ في نفسي: يمكن الأستاذ يقصد أبناءه فقط، أما بقية الجيل الحالي فهو شباب سطحي لا يقرأ كتبا ولا حتى مجلات. كيف يقرأ أو يتثقف وهو طوال يومه إما جالس على الانترنيت ل (الدردشة) في الفيس بوك والتويتر أو يضع سماعه على أذنه وهو يسمع أغاني بلا مضمون!! (آل ثقافة آل)! (9) سنوات أساس!! الأخ المعتصم عبد الرحيم وزير التربية بولاية الخرطوم الذي كان يرأس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم عندما كنا طلبة فيها دافع بشدة عن إضافة سنة للأساس لتصبح (9)، هذا على الرغم من أن الكثير من التربويين تحدثوا عن الجوانب السلبية الكثيرة لهذا النظام – مع أهمية إرجاع السنة الملغاة بإضافتها للثانوي مثلاً أو بالعودة لنظام (6+3+3). لكن المشكلة يا سيد معتصم ليست في السلم أو التسع سنوات، المشكلة في أن مستوى التعليم يقول إن هناك دمارا كبيرا حدث له في عهد الإنقاذ، ويكفي أن الطالب يصلنا في الجامعة وهو فاقد اللغتين: العربية والانجليزية!. أعيدوا لنا التعليم كما كان من جميع الجوانب – شكلاً ومضموناً. الطير المهاجر: أن تفقد الدولة ألف (1000) أستاذ جامعي في عام واحد هذا يعني أن هذه الدولة في أزمة. هناك "نزيف نوعي" في الكوادر المدربة. فقد فقدت البلاد في عام 2012 أكثر من خمسة وسبعين ألفا من الكوادر المؤهلة وذات الكفاءة والخبرة معظمها في المجالات التعليمية والصحية. ومن ضمن هؤلاء أكثر من ستة آلاف من خيرة الكوادر الطبية. وإذا أخذنا كمثال أن الهجرة وسط الأساتذة الجامعيين كان (1002) أستاذا في عام 2012 مقارنة ب (21) فقط في عام 2008 فهذا مؤشر لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. قد تنظر الحكومة للأمر من ناحية الكسب المادي الآني المباشر من خلال الضرائب وزيادة تحويلات المغتربين، لكن في الواقع الخسارة سوف تكون أكبر في المدى البعيد بما لا يمكن تعويضه بهذه المصادر الريعية. لأن هجرة الكفاءات وبهذا الحجم الكبير يعني انقطاع تواصل الأجيال في المجالات المهنية وضعف الخبرة التراكمية وانعدام الكادر البشري المتمكن والقادر على إدارة التنمية وتخطيط وتنفيذ مشروعات النهضة، وهذا كله يُعرَف ب"رأس المال البشري". الأستاذ الجامعي في السعودية يحصل على مرتب مقداره 20 ألف جنيه سوداني في الشهر. هذا يساوي عشرة أضعاف مرتبه في السودان. وهذا يعني استمرار الهجرة لكل الكوادر التي تشكل عصب التنمية. وهذا يعني أننا نسير في الاتجاه المعاكس.! أدونا قروشنا! قبل أسابيع شهدت قاعة الصداقة بالخرطوم ندوة دولية اشتركت في تنظيمها ثلاث جهات، إحدى الجهات الثلاث منظمة في دولة عربية شقيقة. الندوة كانت مشهودة ومحضورة على مستوى عال. وتمت طباعة الأوراق في كتب أنيقة. وكل شيء صار على ما يرام. همس البعض بأن الاستحقاق لمقدمي الأوراق ربما يكون بالعملة الصعبة. لكن مرت أسابيع ولم يحصل البروفيسرات كاتبي الأوراق على استحقاقهم حتى ولو بالسوداني! عندما اتصل بعضهم بالجهات المنظمة طفقت كل واحدة (تشوت) المتصل للجهة الأخرى. في نهاية الأمر اقتنع معدو الأوراق و(حوقلو) واحتسبوا وصمتوا!!!