** ويتواصل مسرح العبث السياسي بمصر لحد التلميح باستخدام القوة العسكرية ضد إثيوبيا.. إنها مسرحية الإخوان، ليشغلوا بها الشارع المصري عن كل أوجه التردي التي تحيط به.. لم تتفاجأ مصر بالسد الإثيوبي مطلع الأسبوع الفائت، بل لها خبراء في كل مراحل الدراسة والبحث، واليوم لها خبراء في اللجنة الفنية التي تضم - بجانب خبراء مصر- خبراء دوليين، وكذلك من السودان، وقد رفعوا تقريرهم للدول الثلاث.. ولو كانت مصر ترفض سد النهضة (من حيث المبدأ)، لما شاركت بخبرائها في تلك المراحل.. حكومة الإخوان على علم بكل تفاصيل مراحل السد، وعلى يقين بأن السد لتوليد الكهرباء فقط لا غير.. هي تعلم ذلك، وكذلك تعلم أن تغيير مجرى النيل بغرض إنشاء السد إجراء روتيني وفني مؤقت، ومتبع في كل سدود العالم، بما فيها السد العالي، وهذا الإجراء الفني لا يعني تغيير اتجاه مجرى النيل بحيث يصب في تشاد (مثلاً)، أو كما يوحي إعلام مصر بجهل مدقع أو بذكاء خارق مراد به إنقاذ حكومة مرسي من غضب الشارع المصري الذي يعض بنان الندم على سوء الاختيار..!! ** وللأسف، وقعت قوى المعارضة في فخ حكومة الإخوان وشاركتها (التهريج والتضليل)، وما أسموه باللقاء السري كشف ذلك بالبث المباشر.. صدقت المعارضة مسرحية الغضب الحكومي، وغضبت بصدق وبتطرف يقترح تسليح القبائل الإثيوبية ضد حكومتها، و يا لسذاجة الاقتراح.. فالقبائل الإثيوبية أكثر حرصاً من حكومتها على تنفيذ هذا المشروع ليخرجها من دائرة الفقر والنزوح.. ومن المضحكات أيضاً، تبرير هاني رسلان لرفض السد الإثيوبي.. ورسلان لمن لا يعلمه يرأس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، ومهتم بالشأن السوداني لحد أنه يلقب هناك بالخبير في الشؤون السودانية، وهي خبرة لا يتجاوز مداها مدح الحكومات السودانية حين تتخذ موقفاً لصالح مصر، ثم الهجوم عليها حين تتخذ موقفاً لصالح شعبها، أي هو خبير في رصد ومتابعة المصالح المصرية بالسودان..!! ** ولذلك، ليس مدهشاً أن يرفض هاني رسلان سد النهضة بالنص القائل: (السد يحقق حلم إثيوبيا في التحكم على مياه النيل، لتلعب دوراً سياسياً بين دولتي شمال وجنوب السودان، وتحتل دور مصر في السودان)، هكذا نص خبير المصالح المصرية بالسودانية.. لم يرفض السد توجساً على حصة بلاده من مياه النيل وهذا توجس مشروع ولكن يرفضه لكي لا تحتل إثيوبيا دور مصر في السودان.. ولأن اللغة دوماً تكشف أفكار صاحبها، تأملوا في مفردة (تحتل) الواردة في حديث هذا الخبير.. إنها الآنانية، وكذلك عقلية الباشا التي تحول التقارب بين الشعبين.. ما هو دور الأنظمة المصرية في السودان منذ الاستقلال؟.. وفي أي المصائب وجد السودان وشعبه دور الأنظمة المصرية يقف بجانبهما سنداً وملاذاً ؟.. فالسودان لم يجد لمصر دوراً في أطول حروب القارة، ولم يجد لها دوراً في انفصال جنوبه.. ولكن، وجد السودان لمصر أكثر من دور في تساقط حكوماته الديمقراطية وفي فقدان وادي حلفا و احتلال حلايب، فهل هذا هو الدور الذي يخاف رسلان على فقدانه، بحيث لا تلعبه إثيوبيا؟.. إن كان كذلك، فليذهب هذا الدور لإثيوبيا طوعاً واختياراً وبالإجماع الشعبي، لأن ظلم ذوي القربى (أشد مرارة)..!!