** بعاصمة دولة الإمارات، بتاريخ 29 ابريل 2013، يصدر مدير قطاع التعليم الخاص توجيهاً بالنص الآتي: لا يجوز فصل الطالب بسبب تأخيره في دفع الرسوم الدراسية، ولا يجوز حرمان الطالب من الجلوس لامتحان آخر العام لعدم دفع الرسوم الدراسية، ولا يجوز فصل الطالب أو طرده أو إجباره على ترك الدراسة لأي سبب إلا بموافقة كتابية من مجلس أبوظبي (سلطة حكومية).. هكذا سلطة الدولة وحرصها على تعليم طلابها هناك، علماً بأن هذا المدير لم يخاطب بتلك التوجيهات الملزمة القطاع العام، بل القطاع الخاص رغم أنف أنه (قطاع خاص).! ** ذاك نموذج، ونموذج آخر بدولة مصر في عهدها الديمقراطي هذا.. بتاريخ 6 إبريل 2013، تفاجأ وزير التربية والتعليم بتظاهرة طلابية قوامها طلاب مدرسة النيل الخاصة أمام باب وزارته، ثم علم من المتظاهرين أن إدارة مدرستهم فصلت بعض الطلاب بسبب ممارستهم للنشاط السياسي، وهم يرفضون هذا القرار.. لم يتم فض تظاهرهم بالغاز المسيل للدموع، ولم تطلق الشرطة رصاصها على اعتصامهم، بل تم التحاور معهم ومع إدارة مدرستهم، ثم أعادوا الطلاب إلى مدرستهم بكل هدوء.. نعم، هي مدرسة وليست جامعة، ونشاط الطلاب سياسي، ومع ذلك رأت الوزارة عدم فصلهم حرصاً على تعليم طلابها.! ** أها.. بعد تأكيد حرص سلطات الإمارات ومصر على تعليم طلابها، نقدم نماذج من الواقع الراهن بالسودان.. بجامعة القضارف، في هذا الأسبوع، أصدر مديرها قراراً يقضي بتجميد عام دراسي لأكثر من ثلاثمائة طالب بكليات الجامعة لعجزهم عن دفع الرسوم الدراسي.. هكذا الحدث الذي يؤكد حرص سلطات الدولة على تشريد طلابها وليس تعليمهم.. حرمان أكثر من ثلاثمائة طالب من الجلوس لامتحان نهاية العام ثم تجميد عام بسبب الرسوم الدراسية، علماً بأن الجامعة عامة وليست خاصة.. فالمال أهم من التعليم، وبهذا النهج لم تجد إدارة الجامعة من العقاب ما يناسب غير تجميد عامهم الدراسي بحرمانهم من الجلوس للإمتحان.. عجز أكثر من ثلاثمائة طالب عن دفع الرسوم الدراسية من مؤشرات بؤس الوضع الاقتصادي لأهل السودان، ومع ذلك تأبى نفس إدارة الجامعة إلا أن تزيد البؤس بؤساً بهذا (التعطيل).. ماذا لو امتحنوا، ثم دفعوا رسومهم عند معرفة النتائج أو استلام شهاداتهم؟.. لا، جني المال أهم من نتائجهم وشهادتهم، أو هكذا حرص السلطات.! ** ونموذج آخر، سوداني أيضاً.. بجامعة السلام، في هذا الأسبوع أيضاً، تفاجأ أكثر من ثلاثين طالبا بكلية النفط والمياه بقرار إداري يقضي بفصلهم عاماً دراسياً وعامين دراسيين بتهمة المشاركة في احتجاج طلابي.. ورغم أن دستور البلد يكفل لهم حق الاحتجاج السلمي، ومع ذلك طلاب تلك الكلية بالمجلد لم يحتجوا على الوضع السياسي الراهن.. ولكن احتجوا على تدهور البيئة الجامعية، إذ تنقصهم المراجع وكذلك الكوادر وغيرها.. ولم يطلبوا، عبر احتجاجهم، غير توفير تلك الضروريات لتحسين تحصيلهم الأكاديمي.. ولم تجد إدارة الجامعة غير فصل ذاك العدد رداً على مطالبهم المشروعة.. أو هكذا حرص سلطات الدولة على تعليم طلابها.. (الفصل والحرمان من التعليم)، لمن يعجزعن دفع الرسوم.. (الفصل والحرمان من التعليم)، لمن يطلب مرجعاً أو محاضراً.!