تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    بعد اجتماعه مع أسامة عطا المنان…برهان تيه يعود من جدة ويشيد بتجاوب رئيس لجنة المنتخبات الوطنية    شاهد بالفيديو.. أحد أصدقاء نجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب يظهر حزيناً على فراقه ويكشف أسباب وفاته ويطالب الجميع بمسامحته والدعاء له    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    دبابيس ودالشريف    راشد عبد الرحيم: امريكا والحرب    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق أمريكية عن عبود (4) محكمة عسكرية لجنوبي طالب بالفدريشن
نشر في السوداني يوم 20 - 06 - 2013

محكمة عسكرية لجنوبي طالب بالفدريشن
طلعت فريد: "لا نعترف بالفدريشن"
مدير الاستوائية: "على دعاة الفدريشن العمل في شيء مفيد"
سودنة التبشير المسيحي "فورا"
تحذير للمبشرين: "ممنوع العمل السياسي."
واشنطن: محمد على صالح
هذه رابع حلقة في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كالآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. إن شاء الله.
(هذه الحلقة، وحلقات بعدها، عن سياسة الفريق عبود في جنوب السودان)
-------------------------------
علي بلدو:
25-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... علمنا أن حفل وداع اقيم في جوبا يوم 20-11 لوداع اللواء طلعت فريد، قائد القوات الجنوبية، الذي عين عضوا في المجلس الاعلى للقوات المسلحة، ووزيرا للاعلام والعمل. اقام الحفل علي بلدو، مدير المديرية الاستوائية. وتحدث بلدو في الحفل عن سياسة الحكومة الجديدة نحو جنوب السودان...
وقال: "تريد الحكومة الجديدة الاستقرار والعمل الشريف من اجل المحافظة على سودان مستقل وموحد، بدون فرق بين الشمال والجنوب."
وحذر بأن "على الجميع فهم أن جميع النشاطات السياسية ممنوعة." وعن الجنوبيين الذين يريدون الفدريشن، قال: "عليهم أن يبحثوا عن شيء مفيد يفعلونه. والا، سيعرضون انفسهم للعقاب القانوني."
وقال: "في الوقت الحاضر، يحكم السودان حسب قانون الطوارئ. وانا، كمدير للمديرية الاستوائية، لا افرق، اكرر لا افرق، بين المواطنين حسب اديانهم. وانا حذرت المبشرين (المسيحيين) بأن يركزوا فقط على الامور الدينية، اكرر الامور الدينية فقط. واثبتت المحاكمات الاخيرة أن رجال الدين تدخلوا في مواضيع غير دينية. سياسة الحكومة الجديدة هي سودنة التبشير، وفورا. واطمئن رجال الدين باحترامنا العميق لهم، ما داموا يطيعون قوانين البلاد، وما داموا يؤيدون سياسة الحكومة الجديدة، وما داموا يتعاونون معها في اخلاص."
وبعد خطاب بلدو، تحدث اللواء طلعت فريد. وكرر نفس المعاني السابقة. وقال: "هذه الحكومة الجديدة لن تتنازل عن استقلال، ووحدة، السودان."
--------------------------------
تحذيرات للجنوبيين:
18-12-1958
من: الخارجية، واشنطن
الى: السفير، الخرطوم
الموضوع: حكومة السودان الجديدة والسودنة والتعريب
(تقرير طويل، وهذا هو الجزء الخاص بجنوب السودان)
"... سودنة الجنوب: قال عدد من اعضاء المجلس العسكري العالي إن السودنة، التي يركزون عليها، يجب أن تشمل المدارس في جنوب السودان. وايضا، حذروا الجنوبيين بأن النظام الجديد لن يقبل انفعالات ("اجيتيشن") الجنوبيين حول الفدريشن.
وحذر اللواء أحمد عبد الوهاب، عضو المجلس العسكري العالي، ووزير الداخلية والحكومة المحلية، بأن الحكومة الجديدة هي "حكومة كل السودان. وكل مناطق السودان ستعامل بالتساوي."
ونشرت صحف الخرطوم أن المسئولين في جوبا (حيث رئاسة المديرية الاستوائية) حذروا الجنوبيين اعضاء البرلمان المنحل الا يعملوا في السياسة. وان يعملوا لخدمة السودان بأداء "اعمال ايجابية."
ويوم 5-12، نشرت صحيفة "السودان الجديد" تصريحات للواء طلعت فريد، عضو المجلس العسكري العالي، ووزير الاعلام والعمل، بأن الحكومة لن تعترف بأي مطالب انفصالية. وستقاوم اي دعوة لتقسيم السودان. وقال: "كلنا ابناء وطن واحد." وقال: "لا نعترف بالفدريشن. لا نعترف بأن اي منطقة هي ملك الذين يعيشون فيها. نحن نؤمن بأن السودان، شرق وغرب، شمال وجنوب، وطن واحد، ولا يقبل التقسيم...".
----------------------
الأسلمة:
6-2-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... يوم 26-1-1959، امر المجلس العسكري العالي بمنع تقديم المشروبات الكحولية في اي مناسبة حكومية. وقال إن الامر يشمل السفارات السودانية في الخارج...
وكان الفريق عبود، في خطابه بمناسبة ذكرى استقلال السودان يوم 1-1-1959، امر بأن تكون كل المراسلات الحكومية باللغة العربية. وقال: "ليس فقط لتشريف اللغة العربية، ولكن، ايضا، لتكون المراسلات مفهومة للمواطن العادي."
في نفس الوقت، تستمر الاوامر التي كانت اعلنتها حكومة عبد الله خليل السابقة بأن تكون الدراسة باللغة العربية في كل المدارس الاولية، بما في ذلك مدارس جنوب السودان.
وحسب مصادرنا، علمنا أن هناك امرا آخر لم يعلن للناس، وهو نقل اي موظف حكومي من "وظيفة حساسة" اذا كانت زوجته "اجنبية"...
تعليق:
اولا: هذه قرارات رسمية، ولكن الهدف منها هو الاستهلاك المحلي، بأن السودان دولة عربية ومسلمة.
ثانية: لم تضع هذه القرارات في الاعتبار أن جزءا ليس صغيرا من سكان السودان ليسوا مسلمين، وليسوا عربا، ولا يعرفون اللغة العربية، ولا يريدون أن يتعلموها.
ثالثا: قرار تعريب المراسلات الحكومية بحجة متابعة المواطنين للاجراءات الحكومية غير واقعي. 90 في المائة من السودانيين لا يعرفون القراءة او الكتابة، على اي حال. وهناك نسبة غير صغيرة منهم حتى لا تتكلم العربية او تفهمها.
رابعا: يقول كثير من كبار الموظفين السودانيين إن اللغة العربية لا تناسب العمل الحكومي، وخاصة المراسلات الاجنبية.
خامسا: سيصاب المبشرون في جنوب السودان بالحرج في معاملاتهم مع حكومة السودان لان كثيرا منهم لا يعرفون اللغة العربية، او لا يعرفونها ليقدروا على تطبيق التعريب في المراسلات الحكومية..."
-------------------------
محكمة عسكرية:
10-2-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... جاء إلى الخرطوم من جوبا على بلدو، مدير المديرية الاستوائية. وخلال وجوده في الخرطوم، ادلى بتصريحات صحفية عن الوضع هناك. وقال إن المبشرين في جنوب السودان "يفهمون فهما واضحا" سياسة الحكومة الجديدة بسودنة وظائف المبشرين الاجانب.
وقال بلدو إن سيسو مازولدي، كبير اساقفة جوبا الكاثوليكي، اخبره بخطوات السودنة التي يقوم بها. وان قادة مسيحيين آخرين في الجنوب اعربوا عن استعدادهم لتنفيذ سياسة السودنة. وانه سينقل الكنيسة الرئيسية بالقرب من ياي إلى جوبا، كجزء من توسيع النشاطات التبشيرية. وسيبني كنائس جديدة لتدريب المبشرين الجنوبيين الذين سيحلون محل المبشرين الاجانب...
وقال بلدو إن الجنوبيين اعضاء البرلمان المنحل "عادوا إلى ممارسة التجارة والزراعة لكسب العيش." وطلب بعضهم العودة إلى الوظائف الحكومية التي كانوا يعلمون فيها قبل أن يستقيلوا، ويدخلوا العمل السياسي...
وقال بلدو: "استتب الامن تماما، وبدأت الحكومة التطوير."
في نفس الوقت، اعلن الحاكم العسكري للمديرية الاستوائية، يوم 8-2، تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة عمر سليمان، سائق شاحنة جنوبي، بتهمة طلب الفدريشن لجنوب السودان، و "تخويف الشماليين." وفي وقت لاحق، اعلن الحاكم العسكري أن المحكمة حكمت على سليمان بالسجن خمس سنوات.
هذه ثاني محكمة عسكرية تحاكم مدنيين في السودان، واول محكمة في جنوب السودان، منذ انقلاب 17 نوفمبر سنة 1958...
ويوم 8-2، اعلن اللواء طلعت فريد، وزير الاعلام والعمل، "تعميم" الرياضة في جنوب السودان. وبداية ستشجع الحكومة مباريات كرة القدم بين فرق في الجنوب وفرق في مناطق اخرى في السودان. وقال إن المنافسات ستجرى على "كأس الفريق عبود."
رأينا:
اولا: هذه القرارات من جانب الحكومة العسكرية توضح انها تريد، حقيقة، سودنة الجنوب. وتريد من الجنوبيين أن ينتموا إلى الهوية السودانية، وذلك بالآتي: سودنة البعثات التبشيرية. سودنة التعليم. منع نشاطات السياسيين الجنوبيين، خاصة دعاة الفدريشن. معارضة الفدريشين معارضة قوية، ومعارضة حكم ذاتي في نظام فدرالي. العمل لانهاء الفواصل الثقافية بين الشماليين والجنوبيين.
ثانيا: نشك في أن البعثات التبشيرية الكاثوليكية في الجنوب تتحمس لقرارات السودنة مثلما قال كبار المسئولين السودانيين. لكن، رغم ذلك، تقدر الكنائس الكاثوليكية على تنفيذ السودنة بصورة اسهل وافضل من الكنائس البروتستانتينية. وذلك لان فيها عددا اكبر من القساوسة السودانيين الجنوبيين. ولانها تقدر على تدريب اعداد كبيرة منهم. لكن، الكنائس البروتستانتينية قليلة العدد، وقليلة الامكانيات لتدريب سودانيين جنوبيين... "
------------------------------
زعماء جنوبيون في الخرطوم:
2-5-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... يوم 19-4، وصل اثنا عشر من زعماء القبائل الجنوبية، من المديريات الثلاث، الاستوائية، بحر الغزال، اعالي النيل، إلى الخرطوم. وصلوا بالقطار. وتقسيماتهم كالآتي:
من المديرية الاستوائية: ابورو نيامسي: مركز كابويتا. صالح مورغي، وتغاماندي بلال: مركز مريدي. نياكا تامبو: مركز انزارا.
من مديرية بحر الغزال: كويك ديك: مركز اويل. ملوال ابيب: مركز رومبيك. تور نايين: مركز التونج. الواك مادات: المركز الغربي.
من مديرية اعالي النيل: ميننق شول: مركز الناصر. فاشوي بيكلوت: مركز بنتيو. مالك دينق: ملكال. اودا دينق ادنق: الرنك...
يوم 20-4، استقبلهم الفريق عبود في القصر الجمهوري. وفي نفس اليوم، قابلوا مسئولين في وزارة الداخلية. وخلال الايام التالية، قابلوا مسئولين في وزارة الاعلام والعمل، وفي بلديات الخرطوم، والخرطوم بحري، وامدرمان. وايضا، زاروا اذاعة "هنا امدرمان"، وسجلوا خطابات باللهجات المحلية إلى اهلهم في الجنوب.
ويوم 26-4، سافروا في جولة إلى مشروع الجزيرة، وخزان سنار، وكوستي. ومن هناك، عادوا إلى مناطقهم...
حسب معلوماتنا، في القصر الجمهوري، قدم الفريق عبود راديو، وبطارية جافة، لكل واحد منهم. وفي وزارة الداخلية، تحدث معهم وكيل وزارة الداخلية عن "تقوية العلاقات بين الشمال والجنوب." ونقلت صحف الخرطوم الآتي، من واحدة منها: "عبر زعماء القبائل والسلاطين عن ولائهم لحكومة الثورة. وتمنوا الازدهار للسودان في العهد الجديد... "
رأينا:
اولا: منذ سنوات، ظل الذين يدعون إلى السودان الموحد، سياسيا وجغرافيا وثقافيا، قلقين على القدرة على انهاء، او تقليل، الاختلافات الكبيرة بين الشماليين والجنوبيين.
ثانيا: يقدر المراقب المحايد، ايضا، على أن يلاحظ الاختلافات في طريقة التفكير، وفي طريقة الحياة، وفي طريقة التعامل مع الجانب الآخر.
ثالثا: في الشمال، يسيطر "العرب" (الذين يتكلمون العربية، او يتكلمونها بلكنات قبلية). ويسود الدين الاسلامي وسط الذين يتكلمون العربية، بطلاقة، وبغير طلاقة.
رابعا: في الجنوب، الاغلبية وثنية، والاقلية مسيحية.
خامسا: يخاف الجنوبيون من استغلال الشماليين لهم. واذا لا يستغلونهم، يجهلونهم. واذا يجهلونهم، لا يريدون أن يعرفونهم (وكأنهم غير موجودين).
سادسا: صار هذا الرأي وسط الجنوبيين عن الشماليين عامل وحدة وسط الجنوبيين. وان كان عامل وحدة ضعيف.
سابعا: يعرف السياسيون الشماليون هذه المواضيع. لهذا، يريدون أن يجعلوا الجنوبيين جزءا من السودان الموحد. ويشمل ذلك النظام العسكري الحالي, وها هو يدعو زعماء القبائل الجنوبية لزيارة الخرطوم، ويقدم لهم الهدايا، ويطلعهم على نظام الحكم والحياة في الخرطوم، بهدف دمجهم.
ثامنا: نؤمن بأن زعماء القبائل الجنوبية لم يأتوا إلى الخرطوم طواعية. وان النظام العسكري رتب هذه الزيارة...
يوم 28-4، في اجتماع بين دبلوماسي في السفارة ومحمد خليل بتيك، مدير مديرية الخرطوم، قال المدير، الذي اشترك في ترتيب جولة زعماء القبائل الجنوبية، وقابلهم في مكتبه، إن الهدف هو "توثيق علاقة زعماء القبائل مع الحكومة المركزية، هنا في الخرطوم." وقال المدير إن الزيارة كانت ناجحة، لكنها محدودة. وان الهدف هو مزيد من الزيارات، ومزيد من التفاعل بين حكومة الخرطوم والجنوبيين... "
----------------------------
صحيفة "النيل":
14-12-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... نشرت اليوم صحيفة "النيل" (كانت ناطقة بلسان الانصار وحزب الامة) رأيا عنوانه: "علاقاتنا مع الدول الافريقية." وهذه مقتطفات منه:
"تربطنا مع افريقيا علاقات الجوار، والدم، والمصالح المتبادلة. ونحن نعيش في هذه القارة السودانية، المتعددة القبائل والاعراق والالوان والثقافات، علينا واجب تاريخي لتحسين علاقاتنا مع الدول الافريقية... هل نحن ننفذ سياسة خارجية تقوم على المبدأ الذي نعترف به جميعا وهو اننا كوبري بين افريقيا والعالم العربي؟ الاجابة على هذا السؤال هي: لا. نحن لم نفعل اي شيء، او فعلنا شيئا قليلا جدا، لتوثيق علاقتنا مع الدول الافريقية... مثال على ذلك: لم نؤسس سفارة في غانا، رغم أن غانا اسست سفارة في الخرطوم. ولم نحاول اقامة علاقات مع دولتين افريقيتين جديدتين اخريتين: ليبريا وغينيا... كيف نهمل الافارقة ونحن نعرف أن زعيم غانا، كوامي نكروما لعب، ولا يزال يلعب دورا قياديا في تحرير افريقيا والافريقيين؟..."
رأينا:
اولا: رغم الغاء الاحزاب السياسية والصحف الحزبية، تظل صحيفة "النيل" تنطق بلسان طائفة الانصار وحزب الامة المنحل. ونقد الصحيفة لتقصير نظام الفريق عبود في تقوية العلاقات مع الدول الافريقية هو، بصورة او اخرى، نقد للنظام كله.
ثانيا: بينما هرع نظام عبود نحو مصر للتوقيع على اتفاقية مياه النيل، لا يتحمس الانصار للاتفاقية، ولمصر نفسها. لا ينفي ذلك أن الانصار "عرب"، لكن يوضح انهم اقل حماسا من الاتحاديين للقومية العربية وسياسات الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
ثالثا: في البرلمان السابق، كان عدد النواب الجنوبيين المؤيدين لحزب الامة، او المتحالفين معه، اكثر من مؤيدي او حلفاء الاتحاديين. ويمكن القول إن حزب الامة يرى انه احق بالجنوب من الاتحاديين، ومن النظام العسكري الحالي.
رابعا: رغم صعوبة التفريق بين انتماءات الشماليين العربية والافريقية، يمكن القول إن المناطق التي كان يسيطر عليها حزب الامة، او مناطق الانصار، هي "افريقية" اكثر منها "عربية"، مناطق كردفان ودارفور... "
------------------------------
صحيفة "الصراحة":
15-12-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... نشرت اليوم صحيفة "الصحافة" ردا على ما نشرت امس صحيفة "النيل" عن العلاقات بين السودان والدول الافريقية. وهذه اهم النقاط التي في رأي "الصراحة":
"تنتقد "النيل" الحكومة بأنها فشلت في وضع اي اعتبار للدول الافريقية، ولعلاقاتنا معها. اعتقد أن في هذا القول مبالغة... وهناك اخطاء في معلومات وردت في الموضوع. انا (يعتقد أن الكاتب هو عبد الله رجب، رئيس تحرير "الصراحة) قابلت في السنة الماضية محمد أحمد محجوب، عندما كان وزيرا للخارجية. وتحدثنا عن علاقتنا مع غانا. وعكس ما قالت صحيفة "النيل" لم تؤسس غانا سفارة في الخرطوم. وكما قال محجوب، عينت سفيرها في القاهرة سفيرا في الخرطوم. ولهذا، لم يعين السودان سفيرا في غانا... الآن، وقد اسست غانا سفارة في الخرطوم، لا شك أن الحكومة سوف تبادلها بالمثل... الذين يريدون أن ينتقدوا وزير الخارجية أحمد خير، ويقولون انه قصر في دعم العلاقات مع افريقيا، يجب أن يلاحظوا أن الوزير يؤدي واجبه تأدية كاملة... "
رأينا:
اولا: ليس الخلاف الاساسي بين صحيفتي "النيل و "الصراحة" عن اقامة علاقات مع غانا او غير غانا. الخلاف الاساسي هو أن "النيل" انصارية و"الصراحة" يسارية. وأن الانصار لا يتحمسون للتوجه العربي المبالغ فيه، خاصة نحو مصر. وان اليساريين يتحالفون مع مصر، وينظرون إلى السودان كجزء من المنطقة العربية.
ثانيا: بينما يرى الانصار أن الجنوبيين اقرب اليهم من الاتحاديين، ومن، في هذه الحالة، هؤلاء اليساريين السودانيين، لا يهتم هؤلاء بالجنوبيين كثيرا. ولم تكن تعرف لليساريين السودانيين نشاطات سياسية في الجنوب.
ثالثا: النقاش عن علاقة السودان بالدول الافريقية، سواء مع او ضد، يوضح الوضع الخاص، والمعقد، للسودان. يقول الشماليون إن السودان كبري بين افريقيا والعالم العربي، لكنه يمكن أن يكون منقسما بين الجانبين. ويظهر هذا في التركيز، من جانب السياسيين الشماليين، على وحدة السودان، وكأنهم يخافون تقسيمه... "
------------------------------------
الحلقة القادمة: عبود والمبشرون الأمريكيون في الجنوب
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته
-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.