مظاهرة السفارة المصرية... أكثر من مجرد وقفة..! تقرير : محمد البشاري تصوير : أحمد طلب منذ إعلان القوات المسلحة المصرية في بيانها قبل أيام قلائل عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وانحيازها لمطالب المتظاهرين تباينت المواقف الرسمية للدول العربية إزاء ما يحدث في مصر. الحكومة السودانية قالت إنها تعتبر ما يحدث في مصر شأناً داخلياً معنياً به الشعب المصري، لكن الحركة الإسلامية جاء موقفها مغايراً للموقف الحكومي الرسمي، بأن عزل مرسي يعتبر تقويضاً للشرعية الدستورية. الموقف لم ينتهِ عند هذا الحد، بل تداعت الأحزاب والجماعات الإسلامية بالبلاد لإطلاق دعوات لمسيرة سلمية احتجاجاً على الإطاحة بالرئيس مرسي أمام السفارة المصرية بالخرطوم. الترابي والمبادرة لم يكن موقف الأحزاب والجماعات الإسلامية التي تداعت لمسيرة احتجاجية وحدها رافضة عزل مرسي والانقلاب عليه من قبل الجيش المصري ، بل سبقها إلى رفض ذلك أحد أبرز قيادات التيار الإسلامي بالبلاد، وهو الأمين العام للمؤتمر الشعبي د.حسن الترابي، حينما أعلن رسمياً في حديث سابق عبر وسائل الإعلام قبيل أيام مساندته للرئيس المصري مرسي ضد الانقلاب عليه من قبل الجيش المصري. الترابي لم يقف عند حد المساندة لمرسي، بل تعداها للدفاع عنه باستماتة واتهامه للرئيس الحالي المكلف لمصر عدلي منصور بخيانة الدستور. الرجل لم يكتفِ بعباراته تلك، بل ذهب إلى القول بأن العهد الجديد في مصر بدأ بكبت الحريات وقيادة حملة اعتقالات واسعة طالت الرئيس المعزول نفسه، بجانب إغلاق عدد من القنوات الفضائية والصحف، ومضى إلى إطلاق دعوات تحذيرية للجيش المصري بعدم الإفراط في ما أسماه بالحملة الجبروتية وعدم تصويب سلاحه نحو أهله. الترابي الذي لم يكن بعيداً يوماً عن إخوانه في مصر، دعاهم إلى التحلي بالصبر حال استعر الصراع في مصر، مشيراً إلى أن المظاهرات وما أسماه بالتفجرات في المطالب عملت على تعطيل الإنتاج في مصر. هتافات وغضب الأحزاب والجماعات الإسلامية الأخرى بالبلاد، تداعت لنصرة إخوانها في مصر، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر التي تعرضت لهزة عنيفة، حيث خرج المئات من أنصار الأحزاب والجماعات الإسلامية والتي تقدمها المؤتمر الشعبي، وجماعة الإخوان المسلمين، ومجموعة (السائحون)، ومنبر السلام العادل، وجبهة الدستور الإسلامي، وعدد من الكيانات الإسلامية الأخرى التي تولت أمر المسيرة التي انطلقت نهار أمس من جامع فاروق بالخرطوم، صوب مباني السفارة المصرية، التي تطل على قاعة الصداقة بشارع الجامعة. اللافت في الحشد الجماهيري أثناء توجهه من جامع فاروق إلى مباني السفارة وجود القياديين في المؤتمر الوطني قطبي المهدي ورئيس لجنة الأمن والدفاع والشؤون الخارجية بالبرلمان محمد الحسن الأمين ضمن الحشد الجماهيري. المئات من المحتجين ردَّدوا وهم في طريقهم باتجاه السفارة المصرية هتافات من شاكلة: )عودة مرسي عودة للحق والشرعية، ولا لعودة فلول مبارك، لا لعودة الطغيان لمصر( وعبارات رافضة للانقلاب العسكري على الشرعية وعدم التنازل عن شرعية مرسي، بل تعدت العبارات إلى أبعد من ذلك من المطالبة بمحاكمة الرئيس المصري المكلف عدلي منصور ووزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والقيادي بالمعارضة المصرية البرادعي. أمر العبارات المنددة بالانقلاب بلغ مداه حينما نعتت وزير الدفاع المصري السيسي بأنه قاتل وخائن وسفاح. العنصر النسائي لم يكن غائباً عن مشهد المسيرة الاحتجاجية وإن اختلط بين عدد من نساء الجالية المصرية متوشحات بالعلم المصري، وبعض اللافتات الداعية لإرجاع شرعية مرسي، بجانب قلة من نساء السودان. المحتجون الذين وصلوا لمقر السفارة التي أحيطت بإجراءات تأمينية عالية من قبل الشرطة، عطلوا انسياب حركة المرور بالكامل وانخرطوا في ترديد هتافات تؤيد شرعية مرسي وتندد بالانقلاب العسكري في مصر. انقلاب إجرامي الأمر لم يستغرق طويلاً قبل أن يُحمل نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي لمخاطبة المحتجين عبر مكبر صوت محمول في الأيدي. السنوسي كان حديثه مقتضباً برفضهم للانقلاب العسكري الذي تم في مصر، ومطالبتهم بعودة مرسي إلى الحكم، باعتباره يمثل الشرعية وضرورة مواجهة أحزاب جبهة الإنقاذ العلمانية بمصر. ومضى إلى وصف وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بأنه عدو الله ويجب إسقاطه. بالمقابل اعتبر المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين علي جاويش أن الانقلاب العسكري على مرسي يمثل نكسة لثورات الربيع العربي، واتجه لوصف الانقلاب العسكري بالفاشل والإجرامي الذي تقف وراءه المخابرات الغربية والصهيونية. المشهد الاحتجاجي الذي تم تحت وطأة وحرارة شمس الخرطوم، أُسدل الستار عليه بتسليم نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي والمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين علي جاويش والقيادي بالحركة الإسلامية محمد أحمد حاج ماجد والقيادي بجبهة الدستور الإسلامي علي مالك، بتسليمهم مسؤولي السفارة المصرية مذكرة احتجاجية تطالب الرئيس المصري المكلف عدلي منصور بتقديم استقالته فوراً، وعودة مرسي لقيادة مصر باعتباره يمثل الشرعية الدستورية. ودعت المذكرة الشعب المصري والجيش المصري لنبذ العنف، فضلاً عن محاكمة المتورطين في الانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية لمصر.