سلفاكير.. أخذ ما يريد والخرطوم تنتظر ما تريد تقرير: سوسن محجوب تصوير: سعيد عباس - أحمد طلب لا جديد، ذات المراسيم البرتكولية والوجوه والابتسامات التي أعدت (مسبقا) مع كثير من الأماني والآمال التي تنظر بعين (الرضا) لجوبا بعد تعديل وزاري احتفى به المتفائلون هنا كثيرا حيث خرج تيار الممانعة في التعامل مع الخرطوم واصبح الطريق سالكا حتى لضبط العلاقة مع قطاع الشمال. اصطف طاقم الحكومة وعلى رأسها الرئيس المشير عمر البشير صباح امس فى مطار الخرطوم لاستقبال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت في زيارته الثانية للخرطوم عقب انفصال الجنوب لتهبط طائرة الخطوط الجوية الكينية وينزل منها سلفاكير وقد سبقته قبعته المميزة وتعلو على وجهه ابتسامة صعبة التفسير. لهذه الزيارة نكهة مختلفة باختلاف الوفد المرافق لسفاكير الذي غاب عنه الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم ودينق الور وكل صقور الحركة الذين كان يعمل لهم الف حساب، ولكن ضربة سلفاكير لهذا التيار اسعدت الخرطوم كثيرا وبادرت بفتح صدرها لجوبا مجددا وقدمت (السبت) في انتظار ان تجني الثمار، وهذا ما يمكن ان نفسره من حديث وزير الخارجية علي كرتي عندما قال انه متفائل وطالب الصحفيين بأن ينتظروا إلى نهاية اليوم لحصد نتائج الزيارة ولمعرفة ماتم التوصل اليه من القمة الرئاسية وهو يعلم ان الملفات تحتوي على الكثير من "الألغام" التي مهما تم تجاهلها فإنها قد تنفجر في أي وقت، إلا أن الأمل كان يرفرف فوق سماء قاعة الصداقة. البشير وسلفاكير.. لقاء مبتسم الرئيس البشير كعادته مازح سلفاكير وطلب منه ان (يعمل حسابه من المروحة)، في محاولة لإضفاء نوع من المرح على اللقاء، إلا ان نتائج القمة في نهايتها كانت عادية جدا وبيان (معاد) اتفقوا فيه على تنفيذ ما (اتفقوا) عليه سابقا، هذا ما خلص اليه الطرفان مع بعض الاتفاقيات، إلا أن المهم هو إعلان انسياب النفط دون تحديد سقف زمني، ربما تعزز هذه الخطوة تأكيدات أطلقها سلفا بأنه سيتخذ من الاجراءات ما ينهي قصة دعم وإيواء المتمردين بل تؤكد أن (الرجل) اتخذ فعليا ما أدى لانحسار هجمات الجبهة، الملاحظ ايضا ان الطرفين عمدا التقليل من الوعود او ربما حسما بعض القضايا فى اجتماعهما (المغلق). دعاة الوحدة.. يرفعون الصور مواطن واحد أراد ان يحتفى بوصول سلفا وأن يذكره بأن هناك شماليين ايضا يحنون الى الوحدة عندما وقف امام قاعة الصداقة وهو يحمل صورا تضم سلفا وقرنق فضلا عن البشير وطه، مع رفع علمي البلدين في خطوة تشير إلى أهل الخرطوموجوبا يتمسكون بمشاعر يحتاج الساسة للشعور بها. خطابات... بلا مساحيق الرئيس البشير الذي رحب بضيوفه قدم خطابا مختصرا تعمد فيه ان يعلم ضيفه بأنهم (ممتنون) بما أجراه سلفا من تغييرات في حكومته عندما قال في نص خطابه إنهم على (أعتاب مرحلة جديدة يحدونا الأمل فى ان نسلك طريقها القويم بتنفيذ كافة اتفاقيات التعاون بيننا بجدية ونزاهة وصبر)، إلا انه عاد و(ذكره) بان العلاقة بين البلدين واجهت خلال الفترة الماضية عقبات وتحديات كبيرة فرضتها خصوصية العلاقات بين البلدين بيد انه اكد ان الحوار البناء والتواصل وعون الاصدقاء وعلى رأسها الآلية الافريقية ستدفع باتجاه تجاوز تلك العقابات، لكنه اعلن فى خطابه تنفيذ كافة الاتفاقيات على دفعة واحدة وباتساق تام الامر الذى يؤكد أن الخرطوم تحرص على ربط ملف النفط بالترتيبات الأمنية خاصة وان المهلة والتمديد بسريان نفط الجنوب سوف ينتهي يوم الجمعة المقبل، البشير شدد في خطابه (المكتوب) على ضرورة مساعدة الآليات التي اقرتها لجنة امبيكي فيما يتعلق بتحديد الخط الصفري وآلية وقف الدعم والإيواء حتى تتمكن من إنجاز عملها في أقرب وقت وفقا لخطة عملها وجدد التزامهم لتجاوز عثرات الماضي والانفتاح على مستقبل يليق بشعبينا. خط الصفر ولغم أبيي البشير أمن بصورة أساسية على ضرورة حسم موضوع ترسيم خط الصفر واعتبره مهما وأساسيا للأمن على الحدود لجهة تبادل المنافع من تجارة ونفط وحركة الرعاة عبر الحدود فضلا عن تشديده بأن قضية وقف دعم وإيواء المتمردين هي الوسيلة (الأنجع) في عملية بناء الثقة بين البلدين، خطاب البشير تناول ايضا ضرورة الاسراع في تنشيط وتفعيل الآليات واللجان المشتركة التي تراضى عليها الطرفان في المصفوفة فضلا عن دعوته الإسراع في تشكيل اللجان الوزارية العليا واللجنة التنفيذية لمتابعة اعمال اللجان الثلاثين، كما جدد حرصهم على حسم قضيتي الحدود وأبيي وايجاد حل نهائي يكون مرضيا لكل الاطراف بما يضمن التعايش السلمي بين سكان المنطقة، ودعا البشير سلفا لتمهيد لذلك حيث عمد البشير ألا يذكر المواقف الدولية بشأن أبيي ومقترحات آلية امبيكي اذ دعا لبذل الجهد والفكر (الخلاق) لتشكيل المؤسسات المدنية ومن ثم الشروع فى ايجاد حل وتسوية نهائية حتى لا تكون أبيي خنجرا في خاصرة العلاقة بين البلدين مستقبلا، كما تمسك بموقفهم الثابت وهو التعاون التام فيما يتعلق بموضوع ترسيم الحدود المتفق عليها وان يعمل البلدان معا لتسهيل مهمة فريق الخبراء الأفارقة. الرئيس البشير دعا سلفا في نهاية خطابه لتبادل الزيارات ومواصلة لقاءات القمة فضلا عن تبادل الزيارات الرئاسية في المستقبل لجهة ترقية العلاقات الاخوية والصداقة ولضمان قيام دولتين جارتين تتمتعان بالقابلية للحياة والنماء وتعيشان في سلام وتعاون. سلفاكير... يطالب بالأدلة بعد أن استعدل قبعته بدأ الرئيس سلفاكير خطابه وربما تعمق اكثر فيما يتعلق باتهام الخرطوم له بدعم وايواء المتمردين وذلك عندما طالب الرئيس البشير مباشرة بأن يقدم ما يمتلكونه من أدلة تؤكد تورطهم في قضية دعم الحركات، وأردف أنه لا يريد ان يدافع عن نفسه وان ينكر كل شيء وبدا سلفا اكثر ثقة فيما قدمته جوبا فيما يتعلق بموضوع الإيواء والدعم، منوها بأن هذا الأمر يمكن رؤيته على الواقع في (إشارة لتراجع حدة العمليات العسكرية التى تنفذها الجبهة الثورية ضد الخرطوم مؤخرا)، وأضاف أنه لا يريد أن يشتكي بأنهم اتهموا من قبل الخرطوم دون سبب، لكنه عاد وقال إنه سوف يحاول التدخل لحل هذه المشاكل، وزاد (موضوع بسيط سوف أتخذ فيه إجراءات)، بل إنه ذكر الرئيس ربما باتفاق سابق عندما قال (سوف أفعل ما وعدتكم به). التأهب والاستعداد للحرب سلفا عمد في خطابه ان يكون أكثر وضوحا فيما يتعلق برغبته في حسم كل الملفات العالقة وذلك عندما قال إنه لا يمكن ان يظل البلدان دائما في حالة تأهب واستعداد للحرب، مؤكدا على ضرورة ان يلتفت البلدان لخدمة شعبهما لأنهما يواجهون ذات المشاكل وأشار الى ما وصفها ب(الكوارث) التى تعرض لها مواطنو الشمال جراء السيول والفيضانات، واعترف سلفا بوجود مشاكل تجعل فى بعض الأحيان من المستحيل الوصول الى حل على الرغم من وجود اتفاقيات موجودة ومصفوفة لإنفاذ هذه الاتفاقيات منذ العام 2012 فضلا عن مقترحات من آلية امبيكي. نوه سلفا بأنهم حريصون على إقامة علاقات وطيدة مع الخرطوم وأن (الأمل يحدوهم) هذه المرة لحلحلة كافة القضايا محل الخلاف وذلك بتنفيذ ما اتفق عليه وأردف: (لا نريدها أن تكتب في الكتب فقط). فيما يتعلق بأبيي كان سلفا أكثر وضوحا لعلمه بتعقيدات هذا الملف لذلك تمسك بأن الأمر حسم مسبقا عبر المحكمة الدولية ومقترحات أمبيكي فضلا عن البرتكول وما جاء في اتفاق نيفاشا لكنه شدد بأنهم سيعملون معا من أجل التوصل لتسوية تنهي أزمة المنطقة قال إنهم بانتظار رد الخرطوم فيما يتعلق بمقترح الآلية الافريقية، كما أرجع أزمة الحدود والخط الصفري الى عدم وعي المواطنين في مناطق التماس وقال إن لديهم حساسية عالية تجاه الخبراء الأفارقة لذلك فإنه وجه البرلمانيين للعودة الى دوائرهم في مناطق التماس وتنوير الأهالي لكنه أكد أنه عمل يحتاج الى وقت طويل لكنه اعتبر أمر فتح الحدود والمعابر أمرا حيويا لإنهاء أزمة العالقين وبث الطمأنينة لدى الطلاب الجنوبيين المتواجدين في الشمال. المعارضة حضور بشكل منفرد حرص سلفاكير على عقد لقاءات مع رموز المعارضة أثناء تواجده في قاعة الصداقة حيث التقى الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي ورئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي بجانب رئيس قوى الإجماع فاروق ابوعيسى وسكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي مولانا محمد عثمان الميرغني ، على الرغم من أن أغلب الخارجين من اللقاءات لم يدل بتصريح، سوى الترابي الذي قال للصحفيين "استشعر أن الشعبين أدركا أن علاقتهم أوثق مما كان يريدانها يوم انفصلا"، وهذا يعكس ما دار في اللقاء الذي أوضح فيه سلفاكير طبيعة اللقاء وما جاء فيه من تقدم في الملفات العالقة بين البلدين.